وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، في تقرير موجز لها حصل "العربي الجديد" على نسخة منه، انتهاكات جسيمة حصلت جراء العمليات الأمنية في محافظتي اللاذقية وطرطوس في الساحل السوري غربي سورية، حيث قتل ما لا يقل عن 100 عنصر من قوات الأمن الداخلي نتيجة هجمات نفذتها مجموعات مسلحة مرتبطة بفلول نظام الأسد السابق في محافظتي اللاذقية وطرطوس، خلال الفترة بين 6 و7 مارس/ آذار الحالي.
أما يوم أمس الخميس، فقد رصدت الشبكة مقتل نحو 15 مدنياً نتيجة استهداف مسلحين لمركباتهم على أطراف مدينة جبلة. كما قتل قرابة 125 مدنياً على يد قوات الأمن، حيث نفذت قوات مشتركة تابعة لوزارتي الدفاع والداخلية حملة أمنية واسعة في عشرات القرى بريف اللاذقية وطرطوس وحماة، شملت مداهمات عشوائية للمنازل وإطلاق نار مباشر على الأهالي، وفق التقرير. وتخلل الحملة عمليات إعدام ميداني واسعة بحق شبان ورجال راوحت أعمارهم من 18 عاماً فما فوق، من دون تمييز واضح بين المدنيين وغيرهم.
أما في مدينة بانياس بمحافظة طرطوس، فقد شهدت أحياء بالمدينة حراكاً مسلحاً من قبل عناصر فلول النظام في 6 مارس/ آذار الحالي، وتركز الهجوم على نقاط الأمن الداخلي، خصوصاً في حي القصور ذي الأغلبية العلوية. ودخلت المدينة قوات عسكرية تضم عناصر من جنسيات غير سورية، نفذت اشتباكات مع المسلحين وأعمال تخريب ونهب للمحال التجارية والسيارات، كما قامت بتنفيذ إعدامات ميدانية طاولت مدنيين داخل منازلهم بشكل عشوائي. ورصدت الشبكة مقتل ما يزيد عن 50 مدنياً نتيجة هذه الإعدامات، أغلبهم من عائلات أطباء من سكان حي القصور، قتلوا داخل منازلهم من دون أي محاكمة أو توجيه اتهامات واضحة إليهم.
تقرير حقوقي: نفذت قوات مشتركة تابعة لوزارتي الدفاع والداخلية حملة أمنية واسعة في عشرات القرى بريف اللاذقية وطرطوس وحماة، شملت مداهمات عشوائية للمنازل وإطلاق نار مباشر على الأهالي
وفي حديثه لـ"العربي الجديد"، أوضح فضل عبد الغني، مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، أن من أسباب الانتهاكات ضعف تدريب عناصر الأمن العام، حيث إن هؤلاء العناصر يخضعون لدورات قصيرة. بدوره، قال المحامي عمار عز الدين، مدير العمليات في "رابطة المحامين السوريين الأحرار"، لـ"العربي الجديد"، إن "قلة الوعي من العناصر المشاركة في الحملة الأمنية وعدم التثقيف بحقوق الإنسان وفق القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان يجعل بعض العناصر ترتكب انتهاكات فردية، بمخالفتها القواعد التي نصت عليها هذه القوانين، مثل الضرب والاعتداء والإهانة للعناصر الذين تم القبض عليهم، أو على سبيل المثال التعرض للمدنيين". وأضاف عز الدين: "التضليل له دور في التأثير في بث الإشاعات وتضخيم التجاوزات، وهنا يكمن دور الدولة في الشفافية في نقل الأحداث ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات، مع التأكيد وبكل حزم على القبض على مجرمي النظام البائد وإحالتهم للقضاء".
قتلى من الجيش والأمن العام بريف اللاذقية وإحباط هجوم بريف حماة
وقتل وأصيب عدد من عناصر الجيش السوري والأمن العام، مساء اليوم الجمعة، في كمين لفلول نظام الأسد بمحيط مدينة بانياس في ريف محافظة اللاذقية غربي سورية، بالتزامن مع محاولات زعزعة للأمن نفذها مقاتلو الفلول بريف محافظة حماة وسط سورية. وأوضح الإعلامي محمد الحمادي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنّ عناصر من فلول نظام الأسد استهدفوا مجموعة من مقاتلي الجيش السوري التابعين للفرقة 74، إضافة إلى عناصر من الأمن العام في منطقة حراجية قرب مدينة بانياس على طريق اللاذقية، مساء اليوم، مشيرًا إلى أن الاستهداف جرى على الطريق، حيث حوصروا في المنطقة، حتى تمكنت مجموعة من الجيش السوري من فك الحصار عنهم.
تخلل الحملة عمليات إعدام ميداني واسعة بحق شبان ورجال راوحت أعمارهم من 18 عاماً فما فوق، من دون تمييز واضح بين المدنيين وغيرهم
وبالتزامن مع الهجمات المستمرة لفلول النظام في المنطقة، نفذت مجموعات هجمات منظمة استهدفت ممتلكات المدنيين في مدينة جبلة بريف محافظة اللاذقية، وفق ما أوضح الإعلامي عبد الله المحمد، المنحدر من مدينة جبلة لـ"العربي الجديد"، لافتًا إلى أن اثنين من المدنيين قتلا بهجوم نفذه مقاتلو الفلول عند مدخل مدينة جبلة مساء اليوم. وتزامنت الهجمات التي استهدفت مواقع للأمن العام والجيش السوري في ريفي محافظتي طرطوس واللاذقية مع هجوم لفلول النظام استهدف أحد الحواجز الأمنية في بلدة أرزة بريف محافظة حماة الشمالي، حيث أكد "المرصد 80 للتحركات العسكرية" في المنطقة لـ"العربي الجديد" أن الهجوم استهدف حاجزًا أمنيًّا في بلدة أرزة، ما أثار مخاوف الأهالي في المنطقة، خاصة الذين كانوا في الطريق، ما دفع الجيش السوري إلى إرسال قوة عسكرية لتعزيز الحاجز، حيث تمكنت من ملاحقة المهاجمين وقتلهم. ولفت المرصد إلى أن الهجوم تزامن مع الهجمات المنظمة التي استهدفت مناطق في الساحل السوري، هدفها زعزعة الأمن وإثارة الرعب لدى المدنيين.
في المقابل، أوضح الصحافي والحقوقي عبد الكريم الثلجي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، تسلل مجموعات مسلحة من فلول النظام إلى بلدة أرزة، حيث حاولت استغلال التوترات الأمنية الحاصلة في الساحل السوري وإثارة الفوضى في ريف حماة، ومحاولة استعادة بعض المناطق. واعتبر أن ما يجري "عملية متكاملة بين الساحل السوري بدعم وتوجيه إيراني"، وفق اتهاماته.
الإعلامي عبد الله المحمد: بالتزامن مع الهجمات المستمرة لفلول النظام في المنطقة، نفذت مجموعات هجمات منظمة استهدفت ممتلكات المدنيين في مدينة جبلة بريف محافظة اللاذقية
وأضاف الثلجي: "أغلب مناطق الساحل السوري شهدت تحركاً من فلول النظام الذين يمتلكون الأسلحة ويتحصنون في الجبال، وبعضهم خضع لعمليات تسوية. هدفهم العيش في الفوضى والإجرام، ولا يريدون دولة مستقرة يعيش فيها الناس على مسافة واحدة من الحقوق تجاه الدولة". وشدد الثلجي على أن العملية التي أطلقها فلول نظام الأسد في الساحل السوري عملية "مخططة بشكل مدروس، ولا سيما أن الأسرى من الأمن العام نقلوا إلى مناطق جبلية بتسهيلات لوجستية"، مضيفاً: "الأمور تتجه للأفضل، لكن العملية ليست سهلة، والعمل الاستخباراتي يجب أن يلعب دوراً في هذا الأمر، كون المنطقة جبلية وعرة، والجبال حتى الآن لم تجرِ فيها عمليات تمشيط".
في المقابل، أكدت مصادر ميدانية لـ"العربي الجديد" أن محافظة حمص تشهد استنفاراً أمنياً وعسكرياً لصد أي هجمات أو تحركات لفلول النظام، خاصة في الريفين الشمالي والغربي، مع تأكيدات التعامل بحزم مع أي تحرك لها. وأعلنت الحكومة السورية، اليوم الجمعة، السيطرة بشكل كامل على مركز محافظتي اللاذقية وطرطوس بعد اشتباكات عنيفة استمرت لساعات مع مسلحين من فلول النظام السابق.
