توجه لتنظيم صناعة ونشر المحتوى الطبي في تونس

منذ ٥ ساعات ١٥

سجّلت المنصات الرقمية في تونس حضوراً مكثفاً للأطباء والكوادر الطبية خلال السنوات الأخيرة، إذ باتوا ينشرون محتويات تراوح بين التوعوي والإشهاري. وأصدرت عمادة الأطباء التونسيين مؤخراً، ميثاقاً ينظّم ضوابط نشر المحتوى الطبي على وسائل التواصل الاجتماعي، بالتزامن مع تصاعد الجدل حول التطعيم ضد فيروس الورم الحليمي المُسبب لسرطان عنق الرحم، بعد نشر كوادر طبية محتويات تُعارض التلقيح وتدعو إلى مقاطعته.
ويهدف الميثاق الأخلاقي الذي وضعته عمادة الأطباء إلى التذكير بالإطار الأخلاقي والمهني الذي ينطبق على الأطباء، في نهج يتماشى مع ممارسات إنشاء المحتوى على شبكات التواصل الاجتماعي. ويستهدف جميع الأطباء الذين يقومون بإنشاء محتويات بغض النظر عن المنصات. وطالبت العمادة بتعزيز المعلومات الطبية الدقيقة والمتاحة، ومكافحة المضللة منها وحماية الصحة الجماعية. 
تقول رئيسة مجلس عمادة الأطباء ريم غشام، إن المعلومات الصحية التي ينشرها الطبيب عبر وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تعمل على تحسين الخدمة الطبية المقدمة للمرضى، عندما تحترم مبادئ الأخلاق والسلوك المهني الطبي، وكذلك المهارات والمؤهلات المهنية. وترى أن الظهور المكثف للأطباء على مواقع التواصل الاجتماعي يستدعي وضع أطر قانونية وأخلاقية ملزمة للحفاظ على سلامة المحتويات المقدمة وعدم تأثيرها على صحة التونسيين، معتبرة أن المعلومات المضللة التي تصل إلى المتلقين يمكن أن تكون خطرة.
وتضيف غشام لـ"العربي الجديد": "تدعم عمادة الأطباء كل المحتويات التي تنشر في إطار التوعية والتثقيف الصحي ونشر الممارسات الصحية السلمية. تدفق المعلومات أصبح أسرع على وسائل التواصل الاجتماعي، ويستهدف جمهوراً عريضاً من شرائح اجتماعية وعمرية مختلفة. العمادة ستتصدى قانونياً للمحتويات المضللة، والتي يطغى فيها الجانب التجاري، فمن المهم مراقبة سلامة ظهور الأطباء في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي من أجل تحصين المهنة من الانزلاقات التي تضرب ميثاق العمل الطبي".

وتشير إلى أنه من أولويات مجلس العمادة إعادة بناء الثقة بين الأطباء والمرضى بما يخدم الأمن الصحي للبلاد. وتقول: "نشرت العمادة ميثاقاً يتعلق بالأخلاقيات الطبية على شبكات التواصل الاجتماعي استناداً إلى أحكام قانون الأخلاقيات الطبية وعلى البيانات التي توفرها مراقبة المواقع التي تم إنشاؤها بالفعل. يتضمن الميثاق قواعد الأخلاقيات الطبية التي تنطبق على الموقع المهني لأي طبيب أو أي بوابة في الممارسة الجماعية، سواء كانت ممارسة خاصة أم داخل المستشفى. ويمنع الميثاق الجديد أن يكون حساب الطبيب على منصات التواصل الاجتماعي ذا طبيعة إعلانية، ويجب أن ينشر فقط معلومات ذات جودة عالية لصالح الجمهور أو المرضى أو العاملين في مجال الرعاية الصحية أو الزملاء".
من جهته، يرى رئيس منظمة "إرشاد المستهلك" لطفي الرياحي، أن للهياكل المهنية دوراً أساسياً في حوكمة المحتويات الرقمية وصناعة المحتوى الصحي والطبي على شبكات التواصل الاجتماعي، خاصة مع انتشار المعلومات المضللة والإشهارية لفائدة عقاقير ومواد طبية يمكن أن يكون لها تأثير على صحة المواطنين. 
ويحذّر الرياحي في تصريح لـ"العربي الجديد" من فوضى تدفق المعطيات الطبية والإشهارات المضللة على وسائل التواصل الاجتماعي، مشدداً على ضرورة احترام الكوادر الصحية للميثاق المهني وتطوير التشريعات التي تحمي المواطنين من تداعيات الانسياق وراء المعطيات الطبية الخاطئة. ويضيف: "تسهل وسائل التواصل الاجتماعي أيضاً جرائم انتحال الصفة، داعياً المواطنين إلى التثبت لدى الهياكل المهنية وعمادة الأطباء من صفات بعض صانعي المحتوى الطبي الذين يقدمون أنفسهم على أنهم أطباء".

ويوضح رئيس منظمة إرشاد المستهلك، أن المحتوى الصحي الموثق والعلمي الذي ينشر عبر وسائل التواصل مهم لتحسين السلوكات الصحية، والتشجيع على تبني أساليب عيش سليمة، مشيراً إلى الومضات الإشهارية التي كانت تبث على وسائل الإعلام والتي كان لها دور كبير في بناء السياسات الصحية في البلاد.
يُذكر أن مجلة الأطباء (قوانين تنظيم مهنة الطب) تنصّ على مبادئ عامة، من بينها حرية اختيار المريض لطبيبه وحرية الطبيب في تقرير العلاج، كما تمنع المجلة في بندها الـ15 على الأطباء أي نشاط آخر يتعارض مع كرامة المهنة. وينص البند السادس عشر من المجلة على منع "ممارسة الطب كتجارة وحجر على الأطباء استعمال وسائل دعاية وإشهار مباشرة وغير مباشرة والقيام بكل عمل من شأنه توفير نفع مادي غير مبرر أو غير جائز لمريض".

قراءة المقال بالكامل