اعتبر مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، اليوم الأربعاء، أن تحقيق "العدالة الانتقالية" في سورية أمر "بالغ الأهمية" بعد سقوط حكم بشار الأسد وتسلّم إدارة جديدة السلطة في البلاد. وقال تورك في مؤتمر صحافي من دمشق، التي يزورها مفوّض حقوق إنسان الأمم المتحدة للمرة الأولى، إن "العدالة الانتقالية أمر بالغ الأهمية مع تقدّم سورية نحو المستقبل"، مضيفاً أن "الانتقام والثأر ليسا أبداً الحل".
والتقى تورك قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، على رأس وفد من مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء السورية (سانا). ودعا تورك في مؤتمر صحافي إلى إعادة النظر بالعقوبات على سورية بشكل "عاجل"، قائلاً: "مع بحث المجتمع الدولي قضية العقوبات، سيكون من الضروري أن يؤخذ في الاعتبار تأثير العقوبات على حياة الشعب السوري"، مضيفاً "لذلك، أدعو إلى إعادة النظر بشكل عاجل في العقوبات (..) بهدف رفعها"، وفق "فرانس برس".
ووصف تورك زيارته إلى سورية بـ"التاريخية"، مشيراً إلى أنه "معجب بتصميم وشجاعة السوريين رغم التحديات"، مبيناً أنه عاش "لحظة تاريخية خلال سماعه مواجع الجميع". وأكد تورك أن مكتب الأمم المتحدة في دمشق كان يعمل على رصد انتهاكات حقوق الإنسان، ليشير إلى أنه استمع خلال زيارته إلى الكثير من شهادات الضحايا، مضيفاً: "هناك الآلاف ممن اعتُقلوا في السجون، ووُضعوا في زنازين متجمدة، والآلاف الآخرين ماتوا في السجون"، مؤكداً أن "هناك الكثير من العمل الذي يجب أن تقوم به الأمم المتحدة، ويجب أن يحصل الشعب السوري على كلّ الدعم".
وقال تورك: "التقيت القائد أحمد الشرع وناقشنا التحديات في سورية، وبناء بلد حرّ لكلّ السوريين يعيشون فيه بكرامة"، مشدداً على أهمية انتقال السلطة بشكل يحقق العدالة، لكونها خطوة تعزز حقوق الإنسان، قائلاً إنه "على سورية أن تحقق الكرامة للجميع، ودون تمييز، والمضي نحو الاستقرار، إذ تعيش وقتاً واعداً بعد زوال القمع".
وشدد على ضرورة تأهيل منظومة التعليم والصحة والمأوى في البلاد، وضرورة محاكمة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية، والعمل على تحقيق العدالة دون تمييز، لكون درجة الجرم كبيرة جداً، مشيراً إلى المؤسسة الأممية التي شُكلت من أجل البحث عن المفقودين. ولفت تورك إلى وجود تحديات كبيرة مرتبطة بمسألة التماسك الاجتماعي، متحدثاً أيضاً عن أهمية المصالحة الوطنية.
إلى ذلك، أعلن الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء)، أن فريقه اجتمع مع تورك والوفد المرافق، وجرت خلال الاجتماع مناقشة سبل تحقيق العدالة للسوريين، ومحاسبة من ارتكب الفظائع بحقهم، إضافة لمناقشة أهمية الحفاظ على مسارح الجرائم التي ارتُكبت فيها الفظائع وخاصة السجون والأفرع الأمنية من العبث أو التحوير، وضرورة حماية المقابر الجماعية، وإيجاد آليات مشتركة للعمل بين المفوضية ومنظمات المجتمع المدني.
اجتمع فريق من الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) مع المفوض السامي لحقوق الإنسان السيد "فولكر تورك" @volker_turk، ووفد مرافق له، وجرى خلال الاجتماع مناقشة سبل تحقيق العدالة للسوريين ومحاسبة من ارتكب الفظائع بحقهم، إضافة لمناقشة أهمية الحفاظ على مسارح الجرائم التي ارتكبت فيها… pic.twitter.com/FXLldGkN1D
— الدفاع المدني السوري (@SyriaCivilDefe) January 15, 2025وتزامن لقاء الشرع مع وصول وفد ألماني برئاسة وزيرة التعاون الاقتصادي والتنمية الألمانية سيفينا شولتسه إلى دمشق، وزيارة مشفى المجتهد، وفق ما نقلته وكالة "سانا" للأنباء. كما أنه من المقرر أن تلتقي الوزيرة الألمانية وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، اليوم، في دمشق. وخلال زيارتها للمشفى، صرحت شولتسه بأنه "بعد أكثر من 50 عاماً من الديكتاتورية، أصبحت لدى سورية فرصة للتنمية السلمية المستقرة"، موضحة أنه "من الخطأ عدم استخدام هذه الفرصة لدعم سورية"، وأوضحت أن "ألمانيا تفعل الكثير في سبيل دعم بداية جديدة للمجتمع السوري، بالإضافة إلى توسيع برامج الشراكات الدولية للمستشفيات، لتشمل المرافق في سورية".
