تونس: مساعٍ برلمانية لتعزيز مكافحة المخدرات وعلاج المدمنين

منذ ٢٣ ساعات ٢٣

اقترح أعضاء في مجلس النواب التونسي إجراء تعديلات على القانون رقم 52 الصادر عام 1992 الخاص بمكافحة جرائم المخدرات، أهمها تخفيف العقوبة على مستهلكي المخدرات وتخفيض مدة السجن في إطار العقوبات المشددة المطبقة، واستبدالها بدفع غرامة مالية، وأيضاً تشديد العقوبات على من يتاجرون بالمخدرات عبر سجنهم بين ست وعشر سنوات، وفرض دفعهم غرامة مالية تصل إلى 100 ألف دينار(33 ألف دولار)، ومضاعفة العقوبات على مهربي ومستوردي السموم إلى السجن سنة واحدة ودفع غرامة 500 ألف دينار (160 ألف دولار). أما عقوبة تشكيل عصابات مخدرات أو الانضمام إليها فهي السجن مدى الحياة ودفع غرامة مليون دينار (330 ألف دولار).

ومن أجل حماية التلاميذ والطلاب والقُصّر الذين تحوّلوا إلى هدف لتجار المخدرات، اقترح نواب مضاعفة العقوبات على المروجين داخل المؤسسات التعليمية والمقاهي والمطاعم والملاعب الرياضية، وفرض عقوبات خاصة على الأحداث الذين تقل أعمارهم عن 18 عاماً ويتورطون في الاستهلاك، وذلك من خلال إخضاعهم لبرامج تأهيل بدلاً من سجنهم. وهم طالبوا أيضاً بأن يحصل مدمنو المخدرات على علاج طوعي يشجعهم على البحث عن المساعدة بدلًا من معاقبتهم فوراً.

وقالت عضو البرلمان فاطمة المسدي لـ"العربي الجديد": "من أهم التعديلات التي يتضمنها مشروع النص التشريعي تخفيف العقوبات على مستهلكي المخدرات، وتحفيز العلاج الطوعي، وحماية الفئات الضعيفة مثل القُصّر والمؤسسات التعليمية والصحية من تأثير تجارة المخدرات".

تتابع: "أظهرت السنوات الأخيرة أن الحاجة أكثر إلحاحاً لتطوير قوانين مكافحة المخدرات، مع توسّع شبكات الاتجار والترويج التي استهدفت الفئات الهشة، لا سيما التلاميذ والطلاب. وهذه التطورات أفضت إلى أهمية إجراء تنقيح عميق على القانون المطبق حالياً، والذي صدر عام 1992 من أجل إيجاد حلول لمشاكل الإدمان خارج أسوار السجون، وتطوير البنى التحتية للعلاج والإحاطة في مختلف محافظات البلاد".

وعموماً، باتت مكافحة شبكات المخدرات نقطة اهتمام أساسية للسلطات التونسية مع تسجيل تحولات نوعية في أوساط الاستهلاك والمواد المروجة التي تتنوّع من الأصناف "الخفيفة" إلى الكوكايين والحبوب المخدرة، وبينها تلك التي تُستخدم لأغراض طبية.

وخلال السنوات الأخيرة شهدت تجارة المخدرات في تونس تغييرات على صعيد الأصناف وأماكن الترويج، وبات الكوكايين منافساً رئيسياً لمخدر القنب الهندي التي يُعرف محلياً باسم "الزطلة" واعتبر المخدر الأكثر انتشاراً طوال سنوات، لا سيما في صفوف الشباب واليافعين. وفي عام 2021 كشف مسح وطني أجري حول استهلاك المخدرات والسلوكيات المحفوفة بالمخاطر أرقاماً صادمة عن استهلاك التلاميذ مختلف أصناف المخدرات، إذ تعاطى تلميذ واحد من بين عشرة تلاميذ المخدرات.

وأظهر هذا المسح الذي شمل عيّنة من 6230 تلميذاً وتلميذة، ارتفاع استهلاك المخدرات بين تلاميذ لم يتجاوزوا سن الـ13. وقال 12% من الأشخاص الذين شملهم المسح إنّ التزوّد بأقراص مهدّئات ومنوّمات سهل وممكن من دون وصفة طبية. وقدّر المسح نسبة استهلاك التلاميذ للهيروين بـ0.4%، وأشار إلى الكوكايين وأقراص "إكستازي" من بين المواد المخدرة الأخرى التي يتعاطاها التلاميذ.

وتعتقد المسدي بأن "تطوير التشريعات الخاصة بملاحقة شبكات الاتجار بالمخدرات وتفكيكها، وتحسين الإحاطة بالمدمنين تتطلب وضع آليات للبنى التحتية اللازمة تمهيداً لتنفيذ خطط مكافحة الإدمان". وتؤكد أن "اقتراح القانون سيشهد مناقشات مع وزارة الصحة تتناول تخصيص المستشفيات أقساماً متخصصة في علاج المدمنين ومن يتقدمون طوعاً لتلقي العلاج من مخلفات استهلاك المواد السميّة".

ومنذ عام 2023 تقود أجهزة الأمن التونسية حرباً بلا هوادة على تجار المخدرات، وأعلنت فرقها تفكيك شبكات كبيرة وضبط مئات آلاف الأقراص المخدرة وصفائح القنب الهندي وكميات من الكوكايين والهيروين. وهي تحاول تضييق الخناق على مروّجي المخدرات في المؤسسات التعليمية في تونس، بعدما سجّلت مدارس تونس في الأعوام الأخيرة زيادة في نسب الإدمان والعنف.

وفي تصريح سابق لـ"العربي الجديد"، قال المتحدث باسم الحرس الوطني حسام الدين الجبابلي إن "مروجي المخدرات أصبحوا يستعملون القُصّر والتلاميذ لترويج السموم، والمسارات المؤدية إلى المؤسسات التعليمية هي الفضاء الأساسي للترويج بالنسبة إليهم". ولاحظ "زيادة مستوى الاستهلاك بعدما بات مخدر الكوكايين يُروّج على نطاق أوسع من السابق حين كان منحصرا في فئات معنية مقتدرة مالياً".

من جهتها، تقول جمعيات علمية وطبية متخصصة في المساعدة على مكافحة المخدرات إن "نقص أدوية علاج الإدمان يصعّب مهمات الأطباء والمراكز التي تساعد المدمنين في التخلص من المخدرات، في وقت تزداد نسب المقبلين على المخدرات بمختلف أصنافها. وهكذا تضعف جهود الكوادر الطبية المتخصصة في مكافحة الآفة التي تشمل آلاف الشبان".

قراءة المقال بالكامل