ثلثا سكان السودان بحاجة إلى مساعدات إنسانية.. من بينهم 16 مليون طفل

منذ ١٧ ساعات ١٥

قدّمت المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) كاثرين راسل صورة مرعبة عن الأوضاع في السودان الذي يتخبّط في الحرب منذ نحو عامَين، بما في ذلك الوضع الإنساني الذي يشمل عمليات التجويع وانتشار المجاعة في مناطق من البلاد وانتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة، التي تتضمّن اغتصاب الأطفال. جاء ذلك في إحاطة عرضتها المسؤولة الأممية أمام مجلس الأمن الدولي، اليوم الخميس، في اجتماع دوري له حول السودان، في حين تعلو أصوات كثيرة محذّرة من الأزمة الإنسانية غير المسبوقة التي تعيشها البلاد.

واستهلت القائمة على منظمة يونيسف إحاطتها بالحديث عن مواجهة السودان أكبر أزمة إنسانية في العالم بعد مرور نحو عامَين على بدء الصراع. ولفتت راسل إلى أنّ الأمم المتحدة تقدّر، في ظلّ الوضع الاقتصادي وشبه انهيار نظام الخدمات الاجتماعية في السودان وبنيته التحتية، أنّ "نحو الثلثَين من إجمالي عدد سكان السودان، أكثر من 30 مليون شخص، سوف يحتاجون إلى مساعدات إنسانية هذا العام"، مبيّنةً أنّ "16 مليوناً منهم أطفال ويدفعون ثمناً باهظاً".

وتوقّفت راسل عند انتشار "المجاعة في بؤر ساخنة بخمس مناطق، على الأقلّ، في السودان"، علماً أنّ "عدد الأطفال دون سنّ الخامسة الذين يعيشون في هذه المناطق يُقدَّر بنحو 1.3 مليون طفل". كذلك أشارت إلى أنّ "أكثر من ثلاثة ملايين طفل دون الخامسة مُعرّضون لخطر تفشّي أمراض مميتة وشيك، بما في ذلك الكوليرا والملاريا وحمّى الضنك، بسبب فشل المنظومة الصحية" في البلاد. بالإضافة إلى ذلك، تحدّثت المسؤولة الأممية عن "16.5 مليون طفل في سنّ الدراسة، أي نحو جيل كامل، خارج المدرسة". وشدّدت على أنّ ما يشهده السودان هو "أزمة متعددة الجوانب تطاول آثارها كلّ القطاعات الحياتية"، بما في ذلك "الصحة والتغذية والمياه والتعليم والحماية".

Children in #Sudan are enduring unimaginable suffering & horrific violence.

UNICEF is committed to providing humanitarian assistance & protection.

We count on you to help us in this work & the children of Sudan are counting on all of us.

My remarks👇 https://t.co/xrw3c52QAZ

— Catherine Russell (@unicefchief) March 13, 2025

أطفال السودان والمعاناة التي لا توصف

وفي الإحاطة نفسها التي قدّمتها المديرة التنفيذية لمنظمة يونيسف، تناولت "العنف المروّع" الذي "يتعرّض له أطفال السودان (...) إذ ما زالت يونيسف تتلقّى تقارير مقلقة بشأن انتهاكات جسيمة ضدّ الأطفال العالقين في هذا النزاع (القائم منذ منتصف إبريل/ نيسان 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع)، بما في ذلك تجنيدهم واستخدامهم من قبل الجماعات المسلحة". وشرحت راسل أنّ "بين يونيو/ حزيران 2024 وديسمبر/ كانون الأول منه، أُبلغ عن أكثر من 900 حادثة مثّلت انتهاكات جسيمة بحقّ الأطفال، 80% منها شملت قتل أطفال وتشويههم، لا سيّما في ولايات إقليم دارفور (غرب) وولاية الخرطوم (وسط) والجزيرة (وسط)"، مضيفةً أنّ منظمتها تتوقّع عدم عكس هذه البيانات "الأرقام الحقيقية على أرض الواقع"، إذ من المتوقّع أن تكون أعلى من ذلك بكثير.

من جهة أخرى، أكدت راسل أنّ "العنف الجنسي في السودان ينتشر على نطاق واسع"، مشيرةً إلى أنّه "يُستخدَم لإذلال شعب بأكمله، والسيطرة عليه، وتشتيته، ونقله قسراً، وإرهابه. وبحسب التقديرات الحالية، فإنّ 12.1 مليون امرأة وفتاة إلى جانب عدد متزايد من الرجال والفتيان معرّضون لخطر العنف الجنسي. ويمثّل هذا زيادة بنسبة 80% مقارنة بالعام السابق". وعرضت المسؤولة الأممية بيانات حلّلتها منظمة يونيسف في هذا السياق، مبيّنةً أنّ "الإبلاغ جرى عن 221 حالة اغتصاب بحقّ أطفال في عام 2024 في تسع ولايات. ونقدّر أنّ 67% من هؤلاء الأطفال فتيات و33% فتيان. وفي 16 من الحالات المسجّلة، كان الأطفال دون سنّ الخامسة. وكان أربعة منهم رُضّعاً لم يبلغوا عامهم الأول". وتابعت أنّ "البيانات لا تعطينا سوى لمحة عن أزمة كبيرة ومدمّرة. وغالباً ما يكون الناجون وعائلاتهم غير راغبين أو غير قادرين على الإبلاغ بسبب صعوبات الوصول إلى الخدمات، أو الخوف من الوصم الاجتماعي، أو خطر الانتقام".

انعدام للأمن الغذائي في السودان

وتوقفت المسؤولة الأممية كذلك عند انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية في كلّ المناطق التي انقطعت عنها المساعدات الإنسانية. وتوقّعت أن "يعاني أكثر من 770 ألف طفل من سوء تغذية حاد وخيم هذا العام، كثيرون منهم في مناطق يصعب علينا الوصول إليها". وحذّرت من أنّه "من دون مساعدات منقذة للحياة، سوف يموت كثيرون من هؤلاء الأطفال".

وتحدّثت راسل عن الصعوبات واستهداف العاملين في المجال الإنساني من قبل طرفَي النزاع، إذ قُتل أو جُرح أو اختُطف أكثر من 110 من عمّال الإغاثة. ورأت أنّ حجم هذه الأزمة وخطورتها يتطلّبان وقفاً فورياً لإطلاق النار واستئناف الحوار السياسي الذي يمكن أن يضع حداً نهائياً للصراع، استناداً إلى قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2724. ودعت راسل مجلس الأمن إلى "الضغط على كلّ الأطراف لضمان الحركة السريعة والآمنة للعاملين في المجال الإنساني والإمدادات عبر خطوط الصراع وعبر الحدود من خلال كلّ المعابر". كذلك ناشدت راسل الدول المانحة تقديم دعمها المادي لكي تتمكّن الأمم المتحدة من توفير المساعدات. وبحسب التقديرات، تحتاج منظمة يونيسف إلى مليار دولار أميركي في عام 2025 لتوفير دعم منقذ للحياة لـ8.7 ملايين طفل معرّض للخطر.

Two years of unrelenting violence have plagued Sudan. Two years of devastation, displacement, and death. Millions uprooted. Tens of thousands killed. Famine tightening its grip. Two years of suffering, met with two years of indifference and inaction.
Madam President, the war in… pic.twitter.com/MIWGMKBVHk

— MSF Sudan (@MSF_Sudan) March 13, 2025

ومن جهته، قال الأمين العام لمنظمة "أطباء بلا حدود" كريستوفر لوكيير، أمام مجلس الأمن الدولي، إنّ "الحرب في السودان هي حرب على الناس فيه". أضاف أنّ "قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية (الجيش) وأطراف النزاع الأخرى لا تفشل فقط في حماية المدنيين إنّما تفاقم معاناتهم". وأوضح أنّ "القوات المسلحة السودانية قصفت بصورة متكرّرة وعشوائية مناطق مكتظة في البلاد. أمّا قوات الدعم السريع والمليشيا المتحالفة معها فقد أطلقت حملة من الوحشية، تشمل العنف الجنسي المنهجي وعمليات الخطف والقتل الجماعي وسرقة المساعدات الإنسانية واحتلال المرافق الطبية". وأشار لوكيير إلى "تأخير متعمّد" لقوافل المساعدات ومنح تأشيرات الدخول للعاملين في المجال الإنساني، وغيرها من العقبات.

قراءة المقال بالكامل