اضطرت جامعة في الجزائر إلى سحب تعليمات إدارية تمنع الأساتذة من الإدلاء بتصريحات أو المشاركة في برامج مع القنوات التلفزيونية الأجنبية دون الحصول على رخصة إدارية، في أعقاب جدل ورفض واسع لهذه التعليمات.
وقدمت جامعة حسيبة بن بوعلي بولاية الشلف، غربي الجزائر، توضيحاً أكدت فيه أنها "لم ولن تمنع، أعضاء هيئة التدريس من الإدلاء بتصريحات أو المشاركة في وسائل الإعلام الوطنية أو الأجنبية، وذلك احتراماً لحرية التعبير التي يكفلها الدستور الجزائري"، وذكرت أن "التصريح باسم الجامعة أو إحدى كلياتها يندرج ضمن المسؤولية المؤسساتية، ويتطلب الحصول على ترخيص مسبق من الجهات المعنية داخل الجامعة، حفاظاً على صورة المؤسسة ومصداقيتها أمام الرأي العام".
وكانت الجامعة قد نشرت تعليمات داخلية موجهة إلى أساتذة قسم التاريخ تضمنت "الطلب من جميع أساتذة قسم التاريخ بالكلية الامتناع عن الإدلاء بأي تصريحات أو إجراء مقابلات مع وسائل الإعلام الأجنبية المرئية أو المسموعة أو المكتوبة أو الإلكترونية، دون الحصول على ترخيص مسبق وصريح من الإدارة"، وذلك حرصاً على ما وصفته الجامعة بـ"حماية صورة المؤسسة وضمان انسجام الخطاب الأكاديمي مع التوجيهات الرسمية للدولة"، وهددت بأن "كل تصريح خارج هذا الإطار يعد خرقاً للإجراءات الإدارية وقد يعرض صاحبه للمساءلة التأديبية".
وأثارت هذه التعليمات جدلاً ورفضاً قاطعاً من قبل النخب الجامعية والسياسية التي وصفتها بأنها تقييد للحريات الأكاديمية، علماً بأن التعليمات تندرج في إطار تداعيات تصريحات المؤرخ الجزائري محمد الأمين بلغيث حول الأمازيغية والهوية الجزائرية لبرنامج تبثه قناة عربية.
وقبل أن تسحب الجامعة المنع، كان النائب في البرلمان الجزائري، هشام حداد، قد استنكر هذه الخطوة ووصفها بأنها "خرق واضح لحرية التعبير المكفولة دستورياً، ومساس خطير باستقلالية الجامعة، وضرب لجوهر وظيفة الأستاذ الجامعي مثقفاً، ومؤطراً، وصوتاً حرّاً يُعبّر عن وطنه في المحافل كافة، بما فيها وسائل الإعلام، ولو كانت أجنبية"، واعتبرها "مستوى متدنّياً من الرقابة الذاتية التي هي في غير مكانها ولا توقيتها، وتفتح باباً خطيراً على خنق الجامعة، وتحوّلها من فضاء نقد وبناء إلى ساحة وصاية وتحجيم"، وطالب بإقالة المسؤول المتسبّب بإصدار مثل هذه التعليمات.
