جدل توطين المهاجرين السريين يتجدد في ليبيا

منذ ١٤ ساعات ٢٤

تجدد الجدل حول قضية توطين المهاجرين السريين في ليبيا إلى الواجهة بعدما اجتمع وزير الحكم المحلي في حكومة الوحدة الوطنية، بدر الدين التومي، مع رئيسة بعثة المنظمة الدولية للهجرة في ليبيا، نيكوليتا جيوردانو، الأحد الماضي، إذ أثار نشطاء وجهات نظر في شأن الاشتباه في أن الاجتماع ناقش مشاريع تهدف إلى توطين المهاجرين.

وتداول نشطاء على منصات التواصل الاجتماعي فيديوهات أظهرت تنقل مئات من المهاجرين السريين بحرية في أحياء سكنية بالعاصمة طرابلس ومدينة بنغازي ومناطق أخرى، وأكدوا رفضهم ما وصفوه بأنه "مساعٍ تبذلها الحكومة لقبول دعوات دولية لتوطين المهاجرين في ليبيا". وردت وزارة الحكم المحلي بإصدار بيان نفت فيه المزاعم غير الصحيحة عن أن الاجتماع بين التومي وجيوردانو بحث إدماج المهاجرين السريين في البلديات الليبية، أو تنفيذ مشاريع لتوطينهم. وأكدت أن الاجتماع تناول التعاون مع المنظمة الأممية لــ"دعم البلديات في تنظيم وإدارة النزوح الداخلي لليبيين أنفسهم الذين نزحوا من مناطقهم خلال سنوات النزاع"، واتهمت جهات لم تحددها بـ"تحريف مضمون الاجتماع لإثارة البلبلة والتشويش على الرأي العام".

ورغم النفي الحكومي تصاعدت ردات الفعل الرسمية والأهلية. وأصدر المجلس الأعلى للدولة (مجلس الشيوخ) بياناً رفض فيه بشكل قاطع أي محاولات أو اقتراحات لتوطين المهاجرين السريين داخل ليبيا، والتي وصفها بأنها "انتهاك خطير لسيادة الدولة وحقوق الشعب". كما شدد على أن قضية الهجرة السرية مسؤولية مشتركة بين الدول لا يمكن أن تتحمل ليبيا عبئها وحدها.

ودعا المجلس إلى معالجة قضية المهاجرين استناداً إلى الأطر القانونية الدولية، وتنفيذ إجراءات لتنظيم دخول العمالة الوافدة من أجل الحفاظ على التركيبة السكانية وأمن ليبيا، وقطع الطريق أمام أي محاولات لفرض واقع ديمغرافي جديد. أيضاً أدان تجمع الأحزاب الليبية أي محاولة لتوطين المهاجرين باستخدام أي وسائل بينها برامج الإدماج المباشرة، أو من خلال مشاريع تحظى بتمويل دولي تحت غطاء دعم النازحين.

وقال إن "ليبيا التي أنهكها الصراع وضعف المؤسسات ليست ملزمة بأن تتحول إلى مستوطنة لمئات الآلاف من الوافدين السريين الذين تسهّل عصابات الاتجار بالبشر دخولهم عبر الحدود المفتوحة". وحمّل التجمع المجتمع الدولي والاتحاد الأوروبي تحديداً مسؤولية استخدام ليبيا "كحاجز بشري" للحدّ من تدفق المهاجرين إلى دولها التي ترفض استقبالهم.

من جهته، ينتقد الناشط الحقوقي رمزي المقرحي تصريحات وزارة الحكم المحلي، ويعتبر أن "نفيها الشبهات حول قبولها برامج التوطين لا يكفي، خصوصاً أن رئيسة بعثة المنظمة الدولية للهجرة معنية بالمهاجرين وليس النازحين داخل بلدانهم". ويلفت المقرحي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن "صمت المسؤولة الأممية بعد كل هذه البيانات والجدل يثير الريبة ويزيد الشكوك، والحكومتان في طرابلس وبنغازي مطالبتان بإعلان قرارات واضحة في شأن المهاجرين، وتبني استراتيجيات لحلّ المشكلة التي باتت تهدد الأمن القومي".

ولا تنحصر تحذيرات المقرحي بالمخاوف من التهديد الديمغرافي لليبيا، بل تشمل المخاطر الأمنية والصحية أيضاً في رأيه، "فالعصابات تهرّب مهاجرين وأشخاصاً مطلوبين للعدالة في بلدانهم، ويحمل بعضهم أمراضاً وأوبئة، لذا من الضروري مواجهة هذه التحديات عبر سياسات وخطط عملية بدلاً من الاكتفاء بالخطابات والمنتديات التي لا تترجم إلى حلول عملية".

وكانت الحكومتان في ليبيا نظمتا مؤتمرات دولية حول الهجرة السرية خلال الأشهر الماضية، منها المؤتمر الأفريقي الأوروبي حول الهجرة في بنغازي في مايو/ أيار الماضي، ومؤتمر الهجرة عبر المتوسط في طرابلس في يوليو/ تموز الماضي، والذي كشف فيه وزير الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية، عماد الطرابلسي، أن ليبيا تضم أكثر من ثلاثة ملايين مهاجر سري، وأكد أن البلاد دولة عبور وليست مصدراً للمهاجرين، وطالب المجتمع الدولي بضرورة الاضطلاع بدوره في الحدّ من الظاهرة.

والأربعاء الماضي كرر الطرابلسي، خلال لقائه رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، هانا تيتيه، ضرورة أن تدعم البعثة الجهود التي تبذلها الوزارة لتفعيل برنامج العودة الطوعية للمهاجرين من أجل معالجة التداعيات السلبية للهجرة السرية على ليبيا ودول حوض المتوسط. ورغم تنفيذ ليبيا رحلات عدة للعودة الطوعية، جعل تدفق المهاجرين عبر حدودها الجنوبية المفتوحة هذا البرنامج "غير مجدٍ" بحسب رأي المقرحي، خصوصاً مع استمرار تدفق موجات المهاجرين عبر الحدود الجنوبية المفتوحة.

قراءة المقال بالكامل