أُثير جدل كبير حول تعميم وزارة المالية، الصادر إلى جميع محاسبي الإدارة والمدراء الماليين في المؤسسات ذات الطابع الاقتصادي والإداري، القاضي بإصدار أوامر صرف أجور وتعويضات العاملين وإيداع قيمتها في حساب شام كاش المفتوح لدى مصرف سورية المركزي، قبل تاريخ 20 إبريل/ نيسان، ليحدد بذلك استلام الأجور عبر منصة شام كاش من خلال شركتَي الهرم والفؤاد، إذ تركّز الجدل حول مشروعية ذلك، وسط الكثير من المخاوف المتعلقة بهذه المنصة من حيث ترخيصها ومدى الاعتراف بها.
وانتقدت المهندسة في وزارة الأشغال العامة والإسكان السورية دارين العيسمي، في حديث مع "العربي الجديد"، هذا التعميم من ناحية عدم معرفة الدوافع المؤدية له، فقد كان معمولاً بهذه المنصة في المناطق المحرّرة سابقاً من سورية نتيجة عدم توفّر فروع للبنوك فيها، وهي كانت حالةً طارئة أما اليوم وفي ظل وجود البنوك العاملة على الأراضي السورية سواء كانت خاصة أو عامة تحت تصرف الحكومة السورية، فلا يوجد مبرّر لذلك برأيها، سوى الكثير من التعقيدات وإثارة التساؤلات. وتطرقت العيسمي إلى أنّ استلام الأجور سيكون عبر شركتَي الهرم والفؤاد وهذا ما سيخلق مزيداً من الازدحام نظراً لمحدودية مراكز هاتين الشركتَين في ظل تعدد خدماتهما، فقد كان من الأجدى إحداث صرافات متنقلة خاصةً بالمناطق النائية، وزيادة عدد الموظفين بالمصارف الحكومية لتعبئة الصرافات دورياً، واستيراد صرافات جديدة عوضاً عن تلك المتهالكة والمعطّلة.
فيما يشير المعلم شادي الأيوبي من محافظة طرطوس، إلى أنه مع أي قرار يتخذ لمعالجة معضلة الرواتب والأجور، لافتاً إلى أنه لم يتمكن من استلام مستحقاته منذ شهرين نتيجة الازدحامات الهائلة على الصرافات في محافظة طرطوس، مع محدودية أعدادها في المدينة، التي يتوافد إليها الموظفون العاملون في الأرياف كافّة، معتقداً أن القرار الجديد لن يحل تلك المشكلة قولاً واحداً فما هو إلّا نقل للطوابير من مكان إلى آخر على حد تعبيره، وحول رأيه في منصة شام كاش، أكد أنه ليس لديه أي علم بهذه المنصة وهذا يخلق تخوّفاً لديه.
من جهته، يبيّن الباحث الاقتصادي يونس كريم، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن هذا التعميم مخالف للأنظمة والقوانين المعمول بها في سورية، لأسباب كثيرة، أولها عدم إمكانية توكيل القطاع الخاص بدفع وتسليم رواتب القطاع الحكومي، على اعتبار أن الأمر سيادي، خاصة أن شركة شام كاش ليس لديها أي توصيف في الدولة السورية.
وقد نص الإعلان الدستوري على الإبقاء على القوانين والقواعد الناظمة لمؤسسات الدولة ما لم يصدر خلاف ذلك، وبذلك يُعدُّ هذا التعميم انتهاكاً حقيقياً لأمن وخصوصية المواطنين السوريين، وإكساباً غير مشروع لجهة خاصة على حساب مؤسسات الدولة، ولا يحقّق مساواة للمواطنين من خلال إعطاء أموال لجهة معينة وتوطينها خلال عشرة أيام (20-30 إبريل)، وتضييع الأموال على الدولة، وهذا نوع من أنواع الفساد والاحتيال، لذلك يمكن اعتبار ذلك أنه صناعة دولة موازية للدولة السورية.
ومن ناحية ثانية، ذكّر كريم بالعقوبات الدولية المفروضة على شركة الهرم بسبب تحويلات مالية مع داعش، ولا يجوز إلصاق تلك التهمة بالدولة السورية، وبالتالي تسليمها مهمة دفع الرواتب والأجور ومنع المصارف الخاصة المرخصة التي فيها أنظمة تتيح لها ذلك، إضافة إلى أنّ هذه الشركات لن تحلّ مشكلة الازدحام على الصرافات، خاصة أنها غير مخصصة لهذه المهمة ولا تملك السيولة الكافية، ولا نقاط الانتشار، كما أن هذا النظام الجديد يفقد المصارف جزءاً من أرباحها التقليدية التي كانت تستخدم لجذب المستثمرين، مؤكداً أن تحييد المصارف يقضي على الاقتصاد السوري.
