حصاد رمضان 2025: هل تنقذ الحلقات الأخيرة الموسم؟

منذ ٣ أيام ٣٣

ينتهي الموسم الدرامي الرمضاني بخريطة شبه واضحة للفائزين والخاسرين، في لعبة التنافس السنوي التي تشهدها الشاشات والمنصات. وكما هي الحال كل عام، تفوز القاهرة بالنجاح الأكبر مع مجموعة من المسلسلات التي عرضت في موسم رمضان 2025 مؤكدة تفوّق الإنتاج المصري مقابل الإنتاجات العربية الأخرى سواء في سورية أو لبنان أو الخليج.

"لام شمسية"... "وتقابل حبيب"

يتصدر مسلسل "لام شمسية" (كتابة مريم نعوم وإخراج كريم الشناوي) الإحصاءات لجهة المتابعة. فنسبة المشاهدة تخطت باقي الأعمال الدرامية المصرية والعربية، وفق ما تظهره تصنيفات منصة شاهد ووتش إت التي تعرض العمل. ولعل السبب الأساسي هو أهمية القضية التي طرحتها نعوم، أي البيدوفيليا (التحرش الجنسي بالأطفال)، في محاولة جادة للخروج من التقليدية التي تسيطر على معظم الأعمال الدرامية الاجتماعية المصرية. يحاول العمل مناقشة هذه القضية الحساسة، ومعها قضايا أخرى عادة ما تدخل في خانة المحرمات الدرامية (الرمضانية خصوصاً)، مبتعداً عن الإثارة المستهلكة أو المعالجة الهشة لقضية بهذه الخطورة. كما عرفت الممثلة المصرية أمينة خليل كيف تخرج من عباءة الأدوار الاجتماعية التي لعبتها في السنوات السابقة، نحو دور أكثر تعقيداً وإشكالية، ما شكّل واحدة من نقاط قوة العمل.

كذلك حقق مسلسل "وتقابل حبيب" (كتابة عمرو محمود ياسين وإخراج محمد حمدي الخبيري) نجاحاً مفاجئاً. نتابع في العمل مجدداً قصة الحب والغدر وقلة الوفاء بين أفراد عائلة أبو العزم، وطليقة ابنهم ياسمين عبد العزيز (ليل)، التي تقع ضحية كبرياء وإجرام العائلة لمجرد اكتشافها أن زوجها على علاقة بامرأة اخرى. يقدّم السرد الدرامي أكثر من خط يجعل العمل مشوقاً منذ حلقته الأولى.

رمضان 2025... محمد سامي أيضاً وأيضاً

أثار مسلسل "سيد الناس" (كتابة وإخراج محمد سامي) جدلاً واسعاً في مصر، إذ اتّهم بالمبالغة المقصودة التي اعتمدها سامي، حتى طالب الجمهور بايقاف العمل الذي يجمع عمرو سعد وإلهام شاهين وخالد الصاوي وأحمد زاهر. جدلٌ آخر، بطله أيضاً محمد سامي، سبّبه مسلسله الآخر "إش إش" (بطولة زوجة سامي، الممثلة مي عمر، وهالة صدقي وماجد المصري) نتيجة ضعف أداء مي عمر وركاكة القصة. كل ما سبق تراكم، لينفجر الوضع قبل أيام بإعلان محمد سامي اعتزاله الإخراج التلفزيوني ورغبته بمتابعة الدراسة.

طبعاً تفاصيل كثيرة ظهرت تدريجياً حول القضية، خصوصاً بعد انتقاد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بعض المسلسلات المعروضة، في إشارة غبر مباشرة إلى أعمال سامي، إلى جانب صراع خفي بدأ يظهر إلى العلن بين الشركة المتحدة التي تمسك الإعلام والإنتاج في مصر، وشبكة MBC السعودية المنتجة والعارضة لمسلسلات سامي وغيره من المخرجين.

"البطل" و"السبع" و"نسمات أيلول"

بين مسلسلي "البطل"، إخراج الليث حجو وبطولة بسام كوسا، و"تحت سابع أرض"، تاليف عمر أبو سعده، سباق أنقذ الدراما السورية من المرحلة الانتقالية لسقوط نظام الأسد، والكلام حول الرقابة وإمكانية زعزعة هذه الصناعة. لكن الأحداث وسلم التشويق التصاعدي والروايات المفتوحة من الواقع السوري الخاص أبقت على وجود ومزاحمة الدراما السورية في السوق العربي لهذا الموسم.

لم يفلت مسلسل "السبع"، لسيف رضا حامد وفادي سليم، من الانتقادات، لضعف القصة وتغليب التقليد عند بعض الشخصيات، ومنهم باسم ياخور، الذي لم يقدّم أي جديد يختلف عن أدائه في "العربجي"، الذي عرض في الموسمين السابقين. لكن رغم ركاكة القصة، عرفت الممثلة أمل عرفة (بدور ثريا)، كيف تنقذ العمل، محافظة على أداء متجدد ومختلف في كل عمل تقدّمه، متقمصة الشخصية الدرامية بكل تفاصيلها. ورغم أنها تلعب دور سيدة شريرة كما كانت الحالة في مسلسل "وصايا الصبار" الذي عرض خلال الموسم الماضي (إخراج فادي حسين)، إلا أنها عرفت كيف تبعد التكرار والتشابه بين الشخصيتين. لكن أداء عرفة لم ينجح وحده في إنجاح العمل أو منافسته فعلياً على جذب المشاهد السوري والعربي.

يعود مسلسل "نسمات أيلول" ليجمع مجدداً بين الكاتب علي معين صالح والمخرجة رشا شربتجي، بعد تعاونهما السابق في "كسر عظم" قبل ثلاث سنوات. لكن هذه المرة تسند شربتجي الإخراج إلى شقيقها يزن شربتجي، لتُقدم حكاية مختلفة تدور في الريف السوري. الجدة أمينة (صباح الجزائري)، تتصدّر المشهد، في خروج محسوب عن النمط الشامي التقليدي، نحو صورة حنونة وهادئة لجدّة قريبة من القلب. وبين مشاهد كوميدية ممتدة – ربما أطالها الكاتب اضطراراً لملء ثلاثين حلقة – يسير المسلسل في خط بعيد عن الإثارة لكنه ممتع لمحبّي هذا النوع، وقد سجّل نسب مشاهدة جيدة.

في المقابل، يواصل المسلسل اللبناني "بالدم" تحقيق حضور لافت ضمن محاولات ترسيخ موقع للدراما اللبنانية على خريطة الإنتاج العربي. وعلى الرغم من الانتقادات، يُحسب للمخرج فيليب أسمر حسن توظيف أماكن التصوير بما يخدم النص، ويقارب الواقع في الصورة والحوار. أما مسلسل "نفس"، كتابة إيمان السعيد وإخراج إيلي سمعان، فيشهد تراجعاً ملحوظاً عن المراتب الأولى، بفعل نص ضعيف وأحداث باهتة وإخراج يعاني من ترهّل واضح. ومع اقتراب الحلقات الأخيرة، تبقى الآمال معلّقة على النهايات التي قد تغيّر التقييم العام، في موسم درامي يبدو جيّداً حتى الآن، رغم التحديات.

قراءة المقال بالكامل