خلود العمري ترسم أبواب الذاكرة وتفتح نوافذ الحنين

منذ ٣ ساعات ٨

في عالم يمضي سريعا نحو الحداثة تبقى ذاكرة المكان ملاذا بصريا للفنانة خلود العمري التي اختارت أن تجعل من الأبواب القديمة موضوعا ثابتا في لوحاتها وكأنها تحاول تثبيت الزمن في إطار وتوثيق العلاقة الحميمة بين الإنسان والمكان.

أبواب خشبية صدئة وجدران متآكلة وأرقام منسية تتكرر في أعمالها، لكنها لا تتشابه بل تحمل في كل مرة حكاية مختلفة ورائحة زمن مختلف، تقول خلود إنها لا ترسم ما تراه بل ما تتذكره وكل لوحة لديها ولدت من رائحة باب في بيت جدة أو ظل نافذة في قرية جنوبية.

لوحاتها ليست تجريدية لكنها لا تنقل الواقع كما هو بل تلبسه حالة شعورية تستمدها من علاقتها الخاصة مع المكان. وتضيف أن الفن بالنسبة لها ليس ترفا بل لغة تعبيرية تسبق الحروف وتقول ما لا تستطيع أن تقوله الكلمات.

بدأت رحلتها مع الألوان حين شعرت بحاجتها إلى لغة لا تعتمد على الحروف، وجدت في الألوان وسيلة للاعتراف والبوح وتتذكر أول لوحة رسمتها كأنها محاولة للإنصات لقلق داخلي كانت لحظة مصالحة بين الداخل والخارج.

تصف أكثر لحظاتها صدقا في الفن بأنها تلك التي شعرت فيها أنها لا ترسم فحسب بل تتنفس الفن ترى الجمال في الأشياء البالية وتسمع الهمس في الجدران القديمة وتؤمن أن الرسم امتداد لطريقتها في الوجود لا مجرد فعل مؤقت.

أما عن شعورها الحالي، فتقول إنه سيكون لوحة مشبعة بالفراغات والخطوط غير المنتظمة لونها ترابي وفيها مساحة صامتة لكنها تقول الكثير، حالة بين بين، لا هي فرح كامل ولا حزن خالص بل سكون داخلي.

ترى أن المشهد التشكيلي السعودي يمر بمرحلة ولادة جديدة تشهد تنوعا وجرأة وتطورا ملموسا، وتؤكد أن الفن لم يعد مجرد وسيلة لعرض الجمال بل أصبح أداة حوار وتأمل وإعادة تشكيل للهوية.

وعن حضور المرأة في الفن، ترى أن الفنانات السعوديات يقدمن أطروحات بصرية مذهلة لكنهن بحاجة إلى مناخ نقدي وفكري يمنحهن التقدير الحقيقي بعيدا عن مجرد الظهور.

تؤمن بأن دور الجمعيات لا يجب أن يقتصر على تنظيم المعارض وتوزيع الجوائز، بل في خلق بيئة تسمح بالتجريب وتحتضن الأصوات الجديدة وتمنحهم مساحة للقول والبحث والتجربة.

خلود العمري فنانة تشكيلية من جدة حاصلة على بكالوريوس الإدارة والاقتصاد من جامعة الملك عبدالعزيز، ودبلوم التصميم الجرافيكي، شاركت في معارض فنية في جدة والخبر والرياض ولها مقتنيات وجوائز وتكريمات عديدة، وتعد من الفنانات السعوديات اللاتي يحملن فكرا تراثيا أصيلا يستلهم الجمال من البيئة سواء كانت بيئة الجنوب أو بيئة جدة وحواريها القديمة التي تنتمي إليها.

قراءة المقال بالكامل