"خلية الأشقاء".. تحدٍّ يقلق الأمن المغربي

منذ ٢ شهور ٥٠

أظهر إجهاض الأمن المغربي الأحد الماضي مخططاً إرهابياً وشيكاً بعد توقيف أربعة أشخاص مرتبطين بتنظيم "داعش" الإرهابي بينهم ثلاثة أشقاء، تحديات جديدة تواجهه، في ظل مخاوف من تصاعد تهديد ناشئ من خلال اعتماد الاستقطاب الأسري كآلية للتجنيد والتطرف السريع. وبدا لافتاً إطلاق مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية (مكلف محاربة الإرهاب)، حبوب الشرقاوي، خلال مؤتمر صحافي عقده مساء اليوم الخميس بشأن "خلية الأشقاء" التي فُكِّكَت في منطقة حد السوالم وسط البلاد، تحذيره من خطر "انزلاق أسر بأكملها في شراك التطرف الفكري وتشكيل جيوب مقاومة للأعراف والتقاليد المغربية ووحدة المجتمع والمذهب والعقيدة، وذلك بسبب التأثير الذي يمارسه بعض أفراد الأسرة الحاملين للفكر المتطرف على محيطهم الأسري والاجتماعي".

وأوضح المسؤول في الأمن المغربي أن "أمير خلية حد السوالم الإرهابية، وهو الشقيق الأكبر، استطاع تحويل أسرته الصغيرة إلى حاضنة للتطرف والتجنيد والاستقطاب لفائدة مشروعه الإرهابي، مستغلاً بذلك سلطته المعنوية وقدرته على التأثير السلبي في محيطه المجتمعي القريب". وتابع: "بالرغم من أن الأسرة المغربية شكلت دائماً حصناً منيعاً ضد الأفكار المتطرفة ودعامة قوية للتسامح والتعايش والاعتدال، إلا أن التحقيقات المرتبطة بقضايا الإرهاب سمحت برصد بعض نزعات هذا الاستقطاب الأسري كآلية للتجنيد والتطرف السريع".

وأردف: "ومن ضمن هذه القضايا نذكر على سبيل المثال لا الحصر الخلية النسائية التي فُكِّكَت بتاريخ 3 أكتوبر/تشرين الأول 2016 والتي تبين أن جل أعضائها كانوا قد تشبعوا بالفكر الداعشي من طرق التأثر بالوسط العائلي، بحكم أن معظمهن كان لهن أقارب ينشطون في صفوف داعش، أو أنهن سليلات عائلات سبق لأفرادها أن أدينوا على مراحل متفرقة في قضايا الإرهاب والتطرف". وقال الشرقاوي إن "خطورة هذا التهديد تتزايد عندما ندرك أن التنظيمات الإرهابية العالمية، وبخاصة تنظيم داعش، تسعى جاهدة لاستغلال الاستقطاب الأسري لخدمة مشاريعها التخريبية التي تستهدف المساس بأمن بلادنا واستقرارها، من خلال الدفع بمقاتليها في بؤر التوتر إلى تجنيد أقربائهم وأشقائهم من أجل الانخراط في أعمال إرهابية، وذلك على غرار زعيم الخلية الإرهابية التي فُكِّكَت بتاريخ 11 ديسمبر/ كانون الأول 2015 والتي عرفت وقتها بخلية الدولة الإسلامية في بلاد المغرب الإسلامي".

مقاربة الأمن المغربي

ومنذ صدمة أحداث الدار البيضاء الإرهابية، في 16 مايو/أيار 2003، التي جاءت في سياق دولي متسم بارتفاع تحدي الجماعات المتطرفة، خصوصاً بعد أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001، سارعت أجهزة الأمن المغربي إلى تغيير تعاملها مع خطر الإرهاب باعتماد مقاربة استباقية، كان من ملامحها الرئيسة تفكيك الخلايا الإرهابية قبل وصولها إلى مرحلة التنفيذ. ومع أنّ المغرب لم يتعرض إلا لهجوم كبير واحد خلال السنوات العشر الماضية (مقتل سائحتين إسكندنافيتين عام 2018) إلا أن المسؤولين المغاربة يرون أن الجماعات المتشددة في منطقة الساحل المجاورة التي تجند وتدرب أتباعها عبر الإنترنت تمثل أكبر خطر على البلد، وأن موقعه يجعله هدفاً للجماعات المتمركزة في تلك المنطقة.

ويرى الباحث المغربي في الفكر الإسلامي والجماعات الإسلامية، إدريس الكنبوري، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن تفكيك خلية الأشقاء "يدل مجدداً على أن الأفكار التخريبية ما زالت موجودة بالمغرب وتهدد أمن المواطنين ومصالح الدولة"، مشيراً إلى أن "شبكة الإنترنت أصبحت اليوم توفر مخزوناً ضخماً من التقنيات حول تصنيع المتفجرات والقنابل البدائية، إضافة إلى أعمال عنف في بعض الدول العربية، يضاف إلى ذلك كله المشاكل الاجتماعية في المغرب التي تدفع بعض الأشخاص إلى اللجوء إلى العنف بشكل مجاني". وفي رده على سؤال عما إن كانت هناك أسباب موضوعية تفسر ظاهرة تحول روابط الدم بين الأشقاء إلى رابطة للتطرف، قال الكنبوري إن "دائرة الاستقطاب دائماً ما تبدأ من الحلقات الأولى الأقرب، من الأسرة أو العائلة أو الحيّ، لكن رابطة الدم لا تلعب هذا الدور إلا في حالة وجود رابطة العقيدة معها".

من جهته، اعتبر الباحث في الدراسات الإسلامية ورئيس "مركز وعي للدراسات والوساطة والتفكير"، محمد عبد الوهاب رفيقي، أن "ظاهرة وجود أشقاء أو أفراد من عائلة واحدة في خلايا إرهابية ليس بالأمر الجديد، إذ هناك حالات متشابهة كثيرة على المستويين المحلي والدولي، كذلك فإنها ليست استراتيجية جديدة يمكن الوقوف عندها". ولفت في تصريح لـ "العربي الجديد"، إلى أنه "إذا كانت ظاهرة الذئاب المنفردة تعتمد على العمل عن بعد وعلى إحاطة ذلك العمل بكمية كبيرة من السرية، فإن وجود إخوان أشقاء يعتنقون الإيديولوجيا نفسها يساعد على السرية ويسهل العمل المشترك ولا يجعل أي تواصل بينهم لافتاً للنظر أو مثيراً الشبهات".

قراءة المقال بالكامل