دعوات في فرنسا للهجرة الجماعية من منصة إكس

منذ ٢ شهور ٤٩

تتوالى الدعوات الفرنسية لمغادرة "إكس" نحو منصات تواصل اجتماعي بديلة بعد وصول دونالد ترامب لرئاسة الولايات المتحدة الأميركية بدعم كبير وواضح من مالك المنصة إيلون ماسك. وأوقفت مجموعة من زعماء ومناصري اليسار الفرنسي نشاطها على "إكس" وغادر أفرادها المنصة بالفعل خلال الأسابيع الماضية، فيما عبّر آخرون عن ترددهم بين اتخاذ القرار بهجرها أو البقاء وخوض معركة الحريات والديمقراطية على المنصة.

وتمدّد هذا النقاش إلى وسائل الإعلام الفرنسية، فأعلنت صحيفة ليبراسيون عن وقف نشر محتواها على "إكس" في 21 يناير/كانون الثاني الحالي، معتبرةً أن "الشراكة مع هذه المنصة لم تعد تتناسب ومعايير صحيفتنا". وكذلك الأمر بالنسبة لصحيفة "لوموند"، التي كان آخر منشور لها مقال يشرح أسباب تركها للمنصة، وقالت فيه: "يمثل التحالف بين دونالد ترامب ومالكي منصات التواصل الاجتماعية، مثل إيلون ماسك ومارك زوكربيرغ، تهديداً عالمياً للوصول الحرّ إلى المعلومات الموثوقة. لهذا اختارت لوموند التوقف عن مشاركة محتواها على إكس، وأن تكون أكثر يقظةً على المنصات الأخرى مثل تيكتوك وميتا". 

"مرحباً، أترك إكس"

مع تعالي الأصوات واحتدام الجدل، قامت مجموعة من الباحثين في فرنسا بإطلاق تطبيق يحمل اسم "مرحباً، اترك إكس"، الذي يسعى إلى تسهيل وتنظيم مغادرة الراغبين للمنصة. يؤمن التطبيق الجديد خدمة الانتقال السهل نحو منصات بديلة مثل "بلوسكاي" و"ماستودون"، "تحافظ على المبادئ الأساسية للحرية الرقمية"، بحسب تعبير القائمين على التطبيق.

كما يُتيح التطبيق الاحتفاظ بالأرشيف الشخصي على "إكس"، وكذلك العثور على شبكة العلاقات التي سبق لصاحب الحساب أن كوّنها على المنصة المملوكة لإيلون ماسك. وتعود فكرة التطبيق إلى الباحث في علوم الرياضيات دافيد شافالارياس، الذي يعمل مديراً لمجموعة بحثية في المركز الوطني الفرنسي للأبحاث العلمية. عاونته في البرمجة وغيرها مجموعة من 30 باحثاً متطوّعاً يعرّفون عن أنفسهم بصفة ناشطين ضدّ التضليل.

تعرّف المجموعة الواقفة خلف الفكرة عن نفسها باعتبارها حركة فوق السياسة وغير حزبية، ترغب بمساعدة المواطنين على استعادة المساحات الرقمية الملتزمة بالمعاني الديمقراطية الحقيقية. كما يعتبر أعضاؤها أن "إكس" وخوارزمياته تشكّل اليوم خطراً فعليّاً. وأثارت الحملة مجموعة من ردود الفعل، لا سيما من اليمين المتطرّف، الذي اعترض على تمويل المركز حملة مماثلة، وهو ما دفع رئيس الفريق البحثي للتعبير عن استهجانه من الجهل العام بكيفيّة سير التمويل في المؤسسات العامة، موضحاً أن الأقسام المختلفة تحصل على تمويل من المركز، وتكون لديها حرية التصرّف بالأموال، باعتبار ذلك جزءاً من حرية العمل الأكاديمي.

سياسيون يهاجمون المنصة

لم يتوصّل أعضاء تجمّع الجبهة الشعبية الفرنسية (الذي يضمّ أحزاب اليسار الفرنسي)، إلى قرار موحّد بشأن ترك "إكس"، وبدا واضحاً من تصريحات مسؤولين سياسيين أنهم يلتقون حول خطورة المنصة وتهديدها للديمقراطية، لكنهم لم يتفقوا على فكرة مغادرها.

وقبل أيام من تنصيب ترامب في 20 يناير الحالي، نبّهت رئيسة حزب الخضر الفرنسي مارين توندلييه إلى الخطر الذي يواجه الديمقراطية بسبب "إكس"، مشدّدةً على ضرورة منع المنصة في أوروبا وخروج الجميع منها. لكن بعد أيّام من هذا التصريح، أصدرت بياناً بعنوان: "لن أغادر تويتر، يجب على تويتر المغادرة".

أعادت توندلييه من خلال البيان صياغة موقفها وتمسّكها به، وهو أن مغادرة المنصة لا معنى لها من دون أن تكون موقفاً جماعيّاً ومكثّفاً، مشيرةً إلى أنها ستخوض المعركة على المنصة، ولو كانت غير عادلة، وستعزّر في الوقت نفسه حضورها على منصات أخرى بديلة. 

حتى الآن غادر سياسيون وناشطون "إكس"، وهو ما فعلته بعض الجامعات والمؤسسات الاجتماعية والصحية والثقافية في فرنسا. هذه الهجرة الجماعية من المنصة، تعبّر عن الغضب من المنحى الذي أخذته المنصة في الفترة الأخيرة، ومن مالكها إيلون ماسك.

قراءة المقال بالكامل