ندّدت جهات عدّة بالهجوم الذي استهدف مخيم زمزم الواقع في ولاية شمال دارفور غربي السودان، الذي أودى بحياة عاملين صحيين في خلال قيامهم بواجبهم. ولا يُعَدّ هذا الهجوم حادثة معزولة، فقد سقط، في خلال الحرب المتواصلة في السودان منذ منتصف إبريل/ نيسان 2023، عدد كبير من العاملين الصحيين والإنسانيين في مختلف أنحاء البلاد.
وقبل أيام من الذكرى الثانية للحرب التي خلّفت أزمة إنسانية غير مسبوقة، قالت منظمة الصحة العالمية، في تدوينة نشرتها المنظمة على حسابها على موقع إكس أمس السبت، إنّ "الهجمات على المدنيين والعاملين في المجال الصحي تُعَدّ انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي، ويجب أن تتوقّف". أضافت: "نشعر بالذعر إزاء الهجوم المؤسف على مخيم زمزم، الذي أودى بحياة عاملين في المجال الصحي في أثناء تأديتهم مهامهم".
.@WHO is appalled by the deplorable attack on Zamzam camp, North Darfur, #Sudan, in which humanitarian health workers were killed while providing health care.
Attacks on civilians & health workers are grave violations of international humanitarian law and must stop.#NotATarget pic.twitter.com/4j8WSRc9vM
بدورها، ندّدت المنسّقة المقيمة للأمم المتحدة ومنسّقة الشؤون الإنسانية في السودان كليمنتاين نكويتا سلامي بما جرى. وكتبت في منشور على حسابها على موقع إكس: "أشعر بالفزع والقلق البالغ إزاء التقارير التي تفيد بوقوع هجمات على مخيّمَي زمزم وأبو شوك للنازحين، وكذلك على مدينة الفاشر في شمال دارفور". أضافت: "أحثّ، بشدّة، مرتكبي هذه الأعمال على الكفّ عنها فوراً"، مؤكدةً "لا يمكننا غضّ الطرف عن هذه الفظائع".
في الإطار نفسه، أفادت شبكة أطباء السودان، في منشور على "إكس"، بأنّ "في خلال يومَين، قامت قوة تابعة للدعم السريع بتصفية 10 من الكوادر الطبية، من بينهم مدير مستشفى أم كدادة في ولاية شمال دارفور، وتسعة آخرين من الكوادر الطبية العاملة بمعسكر (مخيم) زمزم للنازحين، عقب الهجوم الذي نفّذته قوات الدعم السريع الجمعة".
I am appalled and gravely alarmed by reports of attacks on Zamzam and Abu Shouk displacement camps as well as Al Fasher town in North Darfur.
I strongly urge those committing such acts to immediately desist.
We cannot look away from these atrocities.
يُذكر أنّ منذ العاشر من مايو/ أيار 2024، تشهد الفاشر اشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، على الرغم من تحذيرات دولية ما زالت تُطلق بخصوص المعارك المندلعة في المدينة التي تُعَدّ مركز العمليات الإنسانية لولايات دارفور الخمس.
وبخصوص الهجوم الأخير، كتب وزير خارجية بريطانيا ديفيد لامي، في منشور على موقع إكس، أنّ "التقارير المروّعة تتوالى من مدينة الفاشر عاصمة إقليم دارفور، حيث أودت هجمات عشوائية شنّتها قوات الدعم السريع بحياة مدنيين، بمن فيهم عمّال إغاثة". أضاف أنّ ذلك "يضفي أهمية ملحّة على مؤتمر السودان المقرّر عقده يوم الثلاثاء المقبل في العاصمة البريطانية لندن مع الشركاء الدوليين"، مشدّداً على ضرورة التزام كلّ الأطراف بحماية المدنيين.
Shocking reports are emerging from El Fasher, Darfur, where indiscriminate RSF attacks have killed civilians, including aid workers.
This gives added urgency to Tuesday's Sudan Conference in London with international partners.
All sides must commit to protection of civilians.
ومنذ 15 إبريل من عام 2023، يخوض الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوّات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو (حميدتي) حرباً مدمّرة خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة والسلطات المحلية، في حين كان بحث صادر عن جامعات أميركية قد قدّر عدد القتلى في حرب السودان بنحو 130 ألفاً.
وفي وقت سابق من أمس السبت، أعلن الجيش السوداني ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم متواصل تشنّه قوات الدعم السريع على مخيم زمزم للنازحين بمدينة الفاشر من 25 قتيلاً إلى 74. ولليوم الثاني، تواصل قوات الدعم السريع هجومها على مخيم زمزم وفقاً لمصادر محلية، مع العلم أنّ المجاعة رُصدت، قبل أشهر، في هذا المخيّم الذي يؤوي أكثر من نصف مليون نازح وسط ظروف متدهورة.
في سياق متصل، وقبل أيام من الذكرى السنوية الثانية لاندلاع الحرب في السودان التي سبّبت أزمة إنسانية بلا حدود، أصدرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، يوم الخميس الماضي، تقريراً استعرضت فيه "الوضع الإنساني الكارثي" الناجم عن النزاع المستمرّ منذ منتصف إبريل 2023. وإذ بيّنت اللجنة أنّ "التجاهل الصارخ لمبادئ القانون الدولي الإنساني ساهم في تعميق هذه الأزمة الفظيعة"، حذّرت من أنّ "الانخفاض الحاد في تمويل المساعدات الإنسانية يُنذر بتفاقم الأزمة أكثر فأكثر".
من جهتها، كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) قد قدّمت صورة مرعبة عن الأوضاع في السودان قبل نحو شهر، بما في ذلك الوضع الإنساني الذي يشمل عمليات التجويع وانتشار المجاعة في مناطق من البلاد وانتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة، التي تتضمّن اغتصاب الأطفال. وأشارت المنظمة إلى أنّ تقديرات الأمم المتحدة، في ظلّ الوضع الاقتصادي وشبه انهيار نظام الخدمات الاجتماعية في السودان وبنيته التحتية، تشير إلى أنّ "نحو الثلثَين من إجمالي عدد سكان السودان، أكثر من 30 مليون شخص، سوف يحتاجون إلى مساعدات إنسانية في عام 2025"، مبيّنةً أنّ "16 مليوناً منهم أطفال ويدفعون ثمناً باهظاً".
(العربي الجديد، الأناضول)
