رئيس لجنة التربية في الجزائر: نبّهنا إلى ضرورة إصلاح التعليم

منذ ٢ شهور ٤٢

أفاد رئيس لجنة التربية والتعليم والبحث العلمي في البرلمان الجزائري عفيف أبليله بأنّ اللجنة سبق أن نبّهت الحكومة إلى ضرورة إصلاح التعليم قبل إضراب تلاميذ المؤسسات التعليمية في البلاد. وأوضح أبليله، في حديث إلى "العربي الجديد"، أنّ الإضراب "مرتبط بعوامل وأسباب موضوعية تخصّ تأخّر مشروع إصلاح النظام التعليمي في الجزائر وتأثيرات ذلك على التلاميذ من جهة، ومن جهة أخرى فشل جمعيات أولياء التلاميذ في لعب دورها، وكذلك وجود محرّضين وأطراف تدفع التلاميذ إلى الاحتجاج لأغراض مختلفة".

وقال أبليله، لـ"العربي الجديد": "لا نستطيع الجزم بخلفيات إضراب التلاميذ، لأنّ الشعارات التي رفعوها تتناول المناهج وضرورة تقليص مدّة الحصّة الدراسية والاكتظاظ في المدارس، وهذه في نظرنا مشكلات حقيقية". ورأى أنّ "قرار السلطات إغلاق مراكز تعليم اللغات التي كانت تقدّم دروساً خصوصية لم يكن قراراً سليماً، إذ من غير الممكن وقف الدروس الخصوصية في وسط العام الدراسي من دون تحسين جودة التعليم وظروف التمدرس، لا سيّما أنّ أولياء الأمور والتلاميذ، خصوصاً في الأقسام النهائية، يرون في الدروس الخصوصية ملاذاً آمناً قصد تأمين معدّل محترم في الامتحانات النهائية".

وشرح أبليله أنّ هذه الأسباب والعوامل "اجتمعت لتولّد هذا الواقع المأزوم، من دون أن نغفل عامل مواقع التواصل الاجتماعي التي أدّت دوراً فاعلاً في الدعاية الخاصة بإضراب التلاميذ. ولا أستبعد دخول أطراف أخرى على الخطّ من أجل استغلال أطفالنا الذين انتفضوا على خلفية النقاط التي ذكرتها آنفاً، خصوصاً أنّنا لا نعرف تماماً من هم أصحاب الحسابات الوهمية (على مواقع التواصل الاجتماعي) التي تزيد الطينة بلّة".

وكان تلاميذ المدارس في الجزائر بمختلف المراحل التعليمية، خصوصاً الثانوية منها، قد بدأوا يوم الأحد ما قبل الماضي إضراباً عن التعلّم من ضمن احتجاجات واسعة، فخرجوا إلى الشارع في تظاهرات تطالب بتقليص مدّة الحصّة الدراسية نتيجة البرنامج الذي يصفه التلاميذ بالمرهق، بالإضافة إلى مراجعة للبرنامج الدراسي. وقد تخلّلت هذه الاحتجاجات أعمال تخريب محدودة، أتى بها التلاميذ في عدد من المؤسسات التعليمية، الأمر الذي دعا الحكومة إلى اللجوء إلى أئمة مساجد الجزائر وأولياء أمور التلاميذ ووسائل الإعلام للدعوة إلى "التهدئة".

وحمّل رئيس لجنة التربية والتعليم والبحث العلمي جمعيات أولياء التلاميذ في الجزائر "جزءاً من المسؤولية في أزمة إضراب التلاميذ وبعض تصرّفاتهم التي تسيء إلى المؤسسة التربوية والمدرسة الجزائرية". وقال أبليله: "في اعتقادي، فإنّ تلك الجمعيات فشلت في احتواء الأزمة لأسباب عدّة تتعلّق بها، إذ نجد جمعيات عدّة غير مفعّلة، وأخرى أعضاؤها لا يأتون بأيّ حركة وغير مدرّبين في مجال عمل الجمعيات". وتحدّث عن "صعوبات يجدها أولياء الأمور، إذ إنّ ثمّة أعضاء في جمعيات أولياء الأمور تلك لا يعرفهم لا أولياء الأمور ولا التلاميذ". وتابع أنّ ثمّة "أسباباً أخرى تتعلّق بالعراقيل التي تحول دون تأسيس الجمعيات، الأمر الذي اشتكى منه رؤساء الجمعيات الوطنية، من دون أن ننكر وجود تجارب ناجحة لجمعيات عدّة فاعلة، تبذل جهداً جيداً يسند العمل التربوي".

وبيّن أبليله أنّ لجنة التربية والتعليم والبحث العلمي في البرلمان الجزائري كانت قد "دعت قبل حصول الإضرابات، في أكثر من مناسبة، إلى ضرورة إصلاح المناهج التربوية، ونظّمت يوماً برلمانياً خاصاً لهذا الشأن، ورفعت توصياتها وتقاريرها دورياً إلى السلطات العليا في البلاد، مؤكّدةً مراراً وتكراراً ضرورة إجراء إصلاح للمناهج بكلّ أجزائها، سواء ما يتعلّق بالمناهج وتحديثها وتطويرها أو البرامج وتخفيفها وتكييفها أو ضرورة تحسين أساليب التدريس وتكوين المدرّسين".

وبشأن كيفيّة احتواء الأزمة القائمة، قال أبليله "بصفتي رئيساً للجنة النيابية، تواصلت مع وزير تربية الوطنية (محمد صغير سعداوي) لمناقشة الإجراءات المتّخذة، كذلك حاولنا التحذير من أنّ قرار وقف الدروس الخصوصية في وسط العام الدراسي سوف يؤثّر على تركيز التلاميذ، وعقدنا لقاءً مع رئيس المجلس الشعبي الوطني (البرلمان) قصد الوصول إلى حلول ممكنة وأداء دور وساطة. وقد خلصنا إلى ضرورة عقد لقاء عاجل مع الجمعيات الوطنية لأولياء التلاميذ التي استمعنا إليها، من أجل التوصّل إلى تصوّر للعمل المشترك والتنسيق الجيّد بين جمعيات أولياء أمور التلاميذ وكذلك الوزارة الوصية".

تجدر الإشارة إلى أنّ لجنة التربية والتعليم والبحث العلمي في البرلمان الجزائري قد عقدت، مساء الخميس الماضي، اجتماعاً عاجلاً مع فعاليات تربوية ومنظمات أولياء التلاميذ، لمناقشة بعض القضايا المثارة، لا سيّما ما يتعلّق بالقانون الأساسي لأسلاك التربية والتعليم، وكذلك الدروس الخصوصية، بالإضافة إلى موضوع الرقمنة وتحويل المدرّسين والتلاميذ وغيرها من الشؤون المرتبطة بهذا القطاع.

قراءة المقال بالكامل