ريمونتادا الليغا.. كيف حوّل برشلونة أزمة منتصف الموسم إلى تتويج؟

منذ ٥ ساعات ٨

تُوّج نادي برشلونة بلقب الدوري الإسباني لكرة القدم للمرة الـ28 في تاريخه بكل جدارة واستحقاق، بعدما قدّم موسماً محلياً رائعاً أعاد فيه هيبته الضائعة، وذلك بعدما جمع 85 نقطة من 27 فوزاً وأربعة تعادلات وخمس خسارات. وفاز برشلونة، أمس الخميس، على جاره اللدود إسبانيول بهدفين من دون رد في الجولة الـ36 من الليغا، في لقاء أُقيم على ملعب كورنيلا-إل برات. وبهدفي الإسباني الشاب المتألق لامين يامال (17 عاماً) ومواطنه فيرمين لوبيز (22 عاماً)، حسم برسا تتويجه باللقب الـ28 في تاريخه جامعاً الثنائية (الدوري والكأس) للمرة التاسعة، والثلاثية المحلية بإضافة كأس السوبر.

ومع تبقي جولتين فقط على نهاية المسابقة، يبتعد برشلونة عن غريمه ريال مدريد بفارق سبع نقاط، ليؤكد استحقاقه التتويج بقيادة المدرب الألماني هانسي فليك (60 عاماً) الذي أعاد الروح والانضباط إلى الفريق في موسم شاق ودرامي. وتولى فليك قيادة برشلونة خلفاً للمدرب السابق الإسباني تشافي هيرنانديز (45 عاماً) وسط تحديات هائلة، بدايةً من إرث الموسم الماضي وصولاً إلى غيابات مؤثرة ضربت العمق الدفاعي وخط الوسط، بعدما افتقر الفريق إلى خدمات الدنماركي أندرياس كريستنسن والأوروغوياني رونالد أراوخو، بالإضافة إلى الهولندي فرينكي دي يونغ والإسباني بابلو غافي، كما واجه النادي أزمة في تسجيل الثنائي الإسباني؛ داني أولمو وباو فيكتور. ورغم هذه الصعوبات، تمسّك فليك بهدفه المتمثل في استعادة لقب الليغا من أنياب ريال مدريد، في تحدٍ بدا مستحيلاً، لكنه انتهى بمجد كبير.

ومع بداية الموسم الكروي الجاري، فاجأ برشلونة الجميع بانطلاقة قوية رغم الغيابات، إذ اعتمد فليك على لاعبين شباب مثل الثنائي الإسباني الشاب؛ مارك بيرنال ومارك كاسادو لسدّ الفراغ في خط الوسط. ورغم إصابة بيرنال الخطيرة، ثم إصابة الحارس الألماني مارك أندريه تير شتيغن في بداية الموسم، واصل الفريق حصد النقاط، وبلغ التألق ذروته عندما هزم ريال مدريد في كلاسيكو ناري بنتيجة (4-0) في سانتياغو بيرنابيو، ووسّع الفارق إلى ست نقاط حتى الجولة الـ12، ولم تتأثر كتيبة فليك بالعواصف المبكرة، بل رسّخت أقدامها في الصدارة بثبات غير مألوف في فترات الانتقال.

ولكن المجد لا يُصنع من دون دراما، فبعد الفوز في ديربي كتالونيا أمام إسبانيول، دخل برشلونة في دوامة نتائج سلبية مفاجئة، إذ خسر أمام ريال سوسييداد ولاس بالماس وليغانيس وأتلتيكو مدريد، واكتفى بتعادلات مع خيتافي وسيلتا فيغو وريال بيتيس، فيما كان الفوز الوحيد أمام ريال مايوركا، ليتراجع الفريق إلى المركز الثالث في الأسبوع الـ18 خلف ريال مدريد المتصدر بسبع نقاط، وأتلتيكو مدريد الوصيف بست نقاط. ورغم عودة لاعبين مهمين مثل دي يونغ وغافي وأراوخو، لم تكتمل المنظومة حتى التعاقد مع الحارس البولندي فويتشيك تشيزني الذي جاء بديلاً للألماني تير شتيغن المصاب، ليبدأ الفريق رحلة تعافٍ جديدة.

ووسط هذه العثرات، انفجرت أزمة جديدة تتعلق بتسجيل داني أولمو مجدداً في قائمة الليغا بعد نهاية مرحلة الذهاب، إذ رفضت الرابطة والاتحاد الإسباني تمديد تسجيل لاعب لايبزيغ الألماني السابق بسبب عدم تلبية الشروط المالية وفقاً لقواعد اللعب المالي النظيف، لكن برشلونة لم يستسلم، ورفع القضية إلى المجلس الأعلى للرياضة الذي منح موافقته على تسجيل أولمو وباو فيكتور، وجاء القرار بعد أن قدّم النادي تضحيات مالية، منها بيع جزء من مدرج كبار الشخصيات في ملعب سبوتيفاي كامب نو الجديد، ليكسب فليك ورقة حاسمة في النصف الثاني من الموسم.

وبعودة أولمو واستقرار التشكيلة، دخل برشلونة مرحلة الانفجار الهجومي محققاً ثمانية انتصارات متتالية بدأت أمام فالنسيا في أول ظهور لتشيزني، كما استغل الفريق تعثرات ريال مدريد وأتلتيكو مدريد ليعتلي صدارة الليغا مجدداً في الجولة الـ24، ثم تواصلت الانتصارات المدوّية على المنافسين بالتفوق على أتلتيكو مدريد بـ(4-2)، وعلى النادي الملكي في كلاسيكو العودة بنتيجة (4-3)، فيما اكتفى بتعادل وحيد مع ريال بيتيس (1-1). وبينما واصل "البلاوغرانا" التهام النقاط، انقلب الفارق مع ريال مدريد الذي كان سلبياً بسبع نقاط، ليبتعد بفارق سبع نقاط لمصلحة برسا عن غريمه التقليدي في "ريمونتادا" مثيرة.

وأثبت فليك أنه ليس مجرد مدرب، بل مهندس منظومة هجومية ضاربة، فقد سجل الفريق 97 هدفاً توزعت على 16 لاعباً، يتصدرهم البولندي روبرت ليفاندوفسكي بـ25 هدفاً، يليه البرازيلي رافينيا بـ18، ثم الإسباني فيران توريس بعشرة أهداف، بينما أضاف داني أولمو تسعة أهداف، والإسباني الشاب لامين يامال ثمانية أهداف. وفي المقابل، فإنّ الفريق، دفاعياً، ورغم تناوب ثلاثي الحراسة تير شتيغن والإسباني إيناكي بينيا وتشيزني، استقبلت شباكه 36 هدفاً، وقد اعتمد المدرب الألماني على أسلوب هجومي مرن مع تطبيق متقن لمصيدة التسلل، وهو تكتيك جريء كاد يتحول في بعض الأحيان من مصدر ثقة إلى مجازفة، لكنه أثبت فاعليته في نهاية المطاف.

قراءة المقال بالكامل