زلزال ترمب

منذ ٤ ساعات ١٣

ببساطة شديدة، زلزل الرئيس ترمب مفاصل العالم ثم ذهب إلى منتجعه في فلوريدا ليسترخي ويتسلى بضرب كرات الجولف، غير آبه باستياء وشكوى دول العالم، القوية منها والضعيفة، البعيدة والقريبة، الصديقة وغير الصديقة، ويقال إن الرسوم شملت حتى جزيرة نائية لا يوجد بها سوى بضعة بطاريق، هذا لا يهم في عقيدة ترمب، كل الكائنات الحية على كوكب الأرض لا بد أن تمتثل لفرماناته بشكل مباشر أو غير مباشر.

اعتقد كثيرون، ساسة واقتصاديون، خبراء ومحللون، أن ترمب لن يمضي قُدماً في تنفيذ فكرة الرسوم على الكل ليقينهم أن نتائجها ستكون كارثية حتى على أمريكا، لكن ترمب رد عليهم بأن المريض لا بد أن يتناول العلاج حتى لو كان مراً، وهنا الفرق في المفاهيم، فالآخرون يصفون ما سيفعله ترمب بالمرض الذي سيصيب اقتصادات العالم، بينما ترمب يجزم أنه الدواء للاقتصاد الأمريكي، وليذهب العالم إلى الجحيم إذا لم يتحسن اقتصاده، وكأنه يطبق نظرية «إذا متُّ ظمآناً فلا نزل القطر».

وما إن حانت لحظة بدء تطبيق الحزمة الأولى من الرسوم الترمبية حتى بدأ العالم بالأنين من أقصاه الى أقصاه، نزيف حاد صبغ كل المؤشرات باللون الأحمر، انهيارات مخيفة في أسواق المال ووصول بعض البورصات قريباً من القاع، ولم يكن شارع المال الأشهر في العالم «وول ستريت» بمدينة نيويورك استثناءً من ذلك، لكن ترمب ووزير التجارة صرحا بأن ذلك طبيعي ومقبول وسوف يتكيف سوق المال الأمريكي مع ما حدث ويبدأ التعافي لاحقاً.

ترمب يريد أمريكا ثرية، وعقيدته تقول إنه غير مقبول أن يكون الآخرون أثرياء وأمريكا ليست كذلك. قال هذا الكلام منذ وقت بعيد قبل أن ينخرط في السياسة، وشعاره (MAGA) يعني عودة أمريكا عظيمة اقتصادياً ولا شيء غير ذلك، وبأي وسيلة كانت. لكن هل يكون حصاد البيدر مثل حصاد الزرع. هو يقول إنه يريد بذلك إجبار الدول على التفاوض معه للوصول إلى تسويات، وقد أكدت إدارته قبل البارحة أن خمسين دولة أبدت رغبتها في التفاوض، ولكن هل يتحقق له ما يريده وبالشكل الذي يريد فرضه عنوةً على دول العالم. نحن أمام مقامر جموح وجريء إلى أبعد حد، وفي المقامرة هناك دائماً احتمال للخسارة، فما الذي ستسفر عنه الأيام القادمة نتيجة هذا الزلزال. لننتظر ونرى.

قراءة المقال بالكامل