سفير فلسطين لدى دمشق: وثّقنا اختفاء 1784 معتقلاً في سجون الأسد

منذ ١ أسبوع ١٨

كشف السفير الفلسطيني لدى دمشق، سمير الرفاعي، عن توثيق اختفاء 1784 معتقلاً فلسطينياً في سجون الأسد الذي أُسقط نظامه في نهاية عام 2024، مبيّناً أنّ هؤلاء ما زالوا مفقودين حتى اليوم، ما يعني احتمال اختفاء آخرين لم يُبلَّغ عنهم، الأمر الذي يرشح العدد للارتفاع. وتحدّث الرفاعي، في مقابلة مع وكالة الأناضول بمقرّ السفارة الفلسطينية في العاصمة دمشق، عن تغيّرات سلبية في ما يخصّ التعامل مع اللاجئين الفلسطينيين في سورية خلال العامَين الأخيرَين من حكم بشار الأسد.

وبعد إطاحة النظام السابق، طفت على السطح قضية سجون الأسد التي تعرّض فيها المعتقلون، ولا سيّما خلال الحرب السورية (2011-2024) لتعذيب ممنهج، لعلّ أبشعها سجن صيدنايا في العاصمة دمشق التابع لوزارة الدفاع. وعرض الرفاعي، خلال المقابلة، ملفاً ورقياً يشمل أسماء كلّ المعتقلين المختفين، وتواريخ اعتقالهم، وملاحظات، من بينها مكان الاعتقال.

من بين الأسماء التي رصدتها وكالة الأناضول في القائمة ماجد محمد شومر الذي اعتُقل في عام 2013 من منطقة مشروع دمّر بدمشق، ووسيم محمود بدران، الذي اعتُقل في عام 2014 من درعا جنوب البلاد. من جهته، أشار الرفاعي إلى اسمَي طبيبَين يعرفهما شخصياً، وفقاً لما قاله، هما علاء الدين يوسف وهايل حميد اللذان اعتُقلا من دمشق بين عامَي 2013 و2014. وإذ بيّن أنّ نحو 500 حالة اختفاء في سجون الأسد وُثّقت في عام 2013، وأفاد بأنّ العدد ارتفع في الأعوام اللاحقة.

وردّاً على سؤال بشأن الإجراءات الرسمية إزاء حالات الإخفاء القسري، قال الرفاعي إنّ السفارة الفلسطينية كانت قد تواصلت مع نظام الأسد لكنّها لم تحصل على إجابات واضحة، وقد راح كلّ مسؤول يحيلها إلى آخر تهرّباً من الإجابة. وتفيد تقارير دولية بأنّ آلاف المعتقلين قُتلوا بطريقة منظمة وسرية في سجن صيدنايا، حيث نفّذ النظام السابق إعدامات من دون محاكمات، بمعدّل 50 حالة إعدام أسبوعياً بين عامَي 2011 و2015 وحدهما.

وقال الرفاعي، الذي قضى بدوره 6 أعوام في سجون الأسد من عام 1985 إلى عام 1991، إنّ "الرئيس الفلسطيني محمود عباس أرسل أكثر من وفد إلى دمشق لبحث ملفات تهم اللاجئين والمخيمات والمعتقلين والإغاثة والواقع الصحي"، مضيفاً "إلا أنّ تلك الوفود عادت صفر اليدَين، من دون أيّ معلومات عن المخفيين". وتابع أنّ بعد سقوط نظام الأسد، تواصلت السفارة مع معتقلين فلسطينيين خرجوا من السجون، ولا سيّما صيدنايا، بشأن مصير زملائهم، لكنّها لم تتوصّل إلى معلومات في هذا الإطار.

وأوضح السفير الفلسطيني لدى دمشق أنّ المغيّبين ليسوا فقط من فلسطينيي سورية، أي اللاجئين، إنّما قسم منهم من أبناء الضفة الغربية المحتلة، إذ إنّ سورية كانت "مكاناً آمناً للفدائيين الفلسطينيين"، لكنّ عدداً منهم اختفى في ظروف غامضة، وفقاً لما قاله. وزاد الرفاعي أنّ بعد سقوط نظام الأسد، أُطلق سراح أسير فلسطيني من صيدنايا تعود أصوله إلى جنين شمالي الضفة الغربية، كان قد اعتُقل في عام 1985. ومن دون تحديد ملابسات اعتقاله، بيّن الرفاعي أنّ هذا المعتقل هو الأسير السابق بشار صالح، وهو موجود حالياً في دمشق، وله راتب شهري مخصّص من عباس إلى حين ترتيب عودته إلى جنين.

ولفت الرفاعي إلى أنّ عائلات فلسطينية في الضفة الغربية أبلغته، خلال زيارات له، باختفاء عدد من أبنائها في سورية منذ سنوات، لكنّه لم يحصل من نظام الأسد على إجابات بشأن مصيرهم. وتحدّث عن "تغيّر ملحوظ" في تعامل الدولة السورية مع اللاجئ الفلسطيني في العامَين الأخيرَين من حكم نظام الأسد، ولا سيّما في قضية تملّك العقارات. وشرح أنّ الفلسطيني كان يندرج تحت مسمّى حكومي هو "السوريون ومَن في حكمهم"، أي اللاجئ الفلسطيني، لكنّه استُثني من هذه الميزة في مجال ميراث العقارات، مضيفاً أنّ القانون صار يحرم الفلسطينيين من حقّ الميراث في العقارات، أي إنّهم يستطيعون التملّك إنّما لا يحقّ لهم نقل الملكيّة إلى ورثتهم بعد الوفاة، وبالتالي كانت تُباع عقاراتهم في مزادات علنية لمصلحة الحكومة السورية السابقة.

وتابع الرفاعي أنّ من بين الإجراءات الجديدة التي فرضها نظام بشار الأسد، في العامَين الأخيرَين، حرمان الفلسطينيين من التوظيف في مؤسسات الدولة، وفقاً لقانون "مُرّر بصمت من دون إعلان رسمي". واستطرد: "لم نثر ضجيجاً رسمياً حيال هذه المسألة، لأنّنا في نهاية المطاف ضيوف في البلاد، ولا نريد أن نحدث بلبلة يدفع ثمنها فلسطينيو المخيمات. لكنّنا تواصلنا مع نظام الأسد، من دون أن نحصل على إجابة واضحة"، مشيراً إلى أنّ "كلّ ما كان يُقال لنا: سنرى".

وعن زيارة الوفد الفلسطيني الذي ترأسه رئيس الوزراء محمد مصطفى إلى دمشق في أواخر يناير/ كانون الثاني الماضي ولقائه الرئيس السوري أحمد الشرع، قال الرفاعي لوكالة الأناضول: "كنت موجوداً في اللقاء". وأضاف: "جرى إطلاع الجانب السوري على مستجدّات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والضفة الغربية، والتصعيد بالمخيمات، وتطوّرات سعي المجتمع الدولي لتنفيذ حلّ الدولتَين (فلسطينية وإسرائيلية)".

وقد أعرب الوفد الفلسطيني للسوريين، بحسب الرفاعي، عن "استعداده المساهمة في إعادة إعمار سورية، ولا سيّما المخيمات، وانخراطه في العملية السياسية، والعمل تحت سقف القانون في البلاد". وأكمل أنّ الشرع أبلغ الوفد "انفتاحه على التعامل مع القيادة الفلسطينية بخصوص اللاجئين في بلاده"، لافتاً إلى "ترحيب باللاجئين"، وإلى أنّه "سوف يُصار إلى التعامل معهم بطريقة ودية". كذلك أبلغ الشرع الوفد الفلسطيني، وفقاً للرفاعي، أنّ "التعامل بما يخصّ مخيمات سورية وقضايا اللاجئين سوف يكون عبر سفارة بلادهم في دمشق فقط، دون أيّ جهة أخرى".

وبشأن واقع المخيمات في سورية، قال الرفاعي إنّ "ثمّة 14 مخيماً، عدد منها مدمّر بفعل الحرب التي شنّها النظام السوري (السابق)، ولا سيّما مخيم اليرموك عاصمة الشتات"، مشيراً إلى أنّ مخيم اليرموك يُعَدّ "خزّان العودة، ومن أهمّ المخيمات الفلسطينية، وتدميره مصلحة إسرائيلية لإنهاء قضية اللجوء، لكنّ الفلسطينيين متمسّكون بحقّ العودة". وبيّن الرفاعي أنّ "كثيرين من فلسطينيي سورية، ولا سيّما أبناء مخيم اليرموك، عادوا من بلاد المهجر"، بعد إسقاط النظام السابق، "من بينهم من جاء بقصد الإقامة الدائمة والعودة والمساهمة في إعادة الإعمار". وشدّد على أنّ المخيم "سوف يستعيد عافيته ودوره المحوري في مسيرة العودة، لكنّ ذلك يحتاج إلى وقت بسبب حجم الدمار الهائل والظروف المحيطة".

(الأناضول، العربي الجديد)

قراءة المقال بالكامل