سلاح السويداء.. بين الحاجة للأمان والواقع السياسي الجديد

منذ ١ شهر ٤٤

بدأت الإدارة السورية الجديدة بعمليات تسلّم السلاح منذ أسابيع بعد إحداث وزارة الدفاع والاتفاق مع أغلبية الفصائل العسكرية التي عارضت بشار الأسد، لكن فصائل في عدة مناطق، كدرعا والسويداء وغيرها، لم توافق بعد على تسليم سلاحها. وتنتشر في محافظة السويداء فصائل مسلحة معارضة لنظام الأسد، أبرزها حركة رجال الكرامة التي تأسست عام 2013 بعدما أزال مؤسسها، الشيخ وحيد البعلوس، حاجزاً للمخابرات الجوية بسبب تضييقه على المارة وتحرشه بإحدى السيدات.

وحتى عام 2024 وصل عدد الفصائل المسلحة المعارضة في السويداء إلى حوالى عشرة فصائل، يصل تعداد أفرادها مجتمعة إلى نحو عشرة آلاف مقاتل.

وأوضح الشيخ يحيى الحجار، قائد حركة رجال الكرامة، في تصريح لجريدة النهار اللبنانية، أن سلاحهم "يساوي قمحهم"، في إشارة منه إلى التمسك بسلاحه، قائلاً إن هذا السلاح "هو لحماية السويداء، وليس للهجوم على أحد"، موضحاً أن الحركة لا تمانع الانخراط في جيش وطني فور تشكيل دولة.

وفي بيان مشترك بين الحركة وفصيل لواء الجبل، أعلن الفصيلان خريطة طريق للمرحلة الجديدة، أكدا فيها ضرورة بناء دولة قانون قائمة على العدل، بحيث يصبح السلاح حكراً على مؤسسة عسكرية وطنية، ضمن استعدادهم للانصهار في نواة جيش وطني غير فئوي أو طائفي، حسبما جاء في البيان.

وأوضح البيان أن حمل السلاح جاء "لحماية سكان السويداء بكل أطيافهم وليس حباً به، بكونه وسيلة وليس غاية"، وتأكيداً لبقاء دمشق العاصمة الأبدية لسورية. كذلك أكدوا انفتاحهم على الحوار مع كل الأطياف السورية.

كذلك، صرح الشيخ حكمت الهجري، الرئيس الروحي لطائفة الموحدين في السويداء، في عدة لقاءات صحافية، أن السويداء تعتزم تسليم سلاحها للجيش السوري عند تشكيله، مع الاعتبار بأن السلطة الحالية سلطة انتقالية وليست دولة، وهي جزء لا يتجزأ من القوى التي ساهمت بإسقاط نظام الأسد ومقاومته طوال فترة الثورة. وأشار إلى تنسيق يجري بينه وبين الإدارة في دمشق لإعادة تفعيل الضابطة العدلية وتنظيم عمل مؤسسات الدولة وغيرها.

الظرف الأمني في السويداء يشهد توتراً منذ حوالي عشر سنوات

ويُذكر أن الظرف الأمني في السويداء يشهد توتراً منذ حوالى عشر سنوات بعد تشكيل عصابات أمنية بدأها العميد وفيق ناصر، الذي ترأس فرع الأمن العسكري في السويداء منذ 2011 وحتى 2018، وساهمت هذه العصابات بخلق فتن ونزاعات بين محافظتي السويداء ودرعا، وبين مكونات محافظات السويداء على حد سواء، من خلال عمليات الخطف والسلب والسرقة والقتل ثم تطور عملها إلى الإتجار بالمخدرات والسلاح داخلياً وعبر الحدود. كان أبرزها عصابة "قوات الفجر" التي تزعمها راجي فلحوط بدعم علني من اللواء كفاح الملحم، رئيس جهاز المخابرات العسكرية آنذاك. وأدى هذا بدوره إلى انتشار الجريمة واستساغة وجود السلاح في أيادي المواطنين والأماكن العامة، ما يعرّض حياة المدنيين للخطر، خصوصاً مع انتشار المخلفات الحربية في شتى المناطق السورية جراء اقتحام الثكنات العسكرية وسرقة محتوياتها، ما زاد من استياء المواطنين في السويداء ودعاهم إلى المطالبة بتسليم السلاح ونبذ حالة الفصائلية التي فرضتها الحرب السورية.

وهذا الخطر الذي رافق وجود العصابات الأمنية، وتوقف الضابطة العدلية عن عملها في السويداء، فرض على المواطنين حماية أنفسهم بأنفسهم، ولا سيما في فترة ذروة تلك العصابات التي امتدت لأكثر من سبع سنوات، حيث سجلت المئات من حالات الخطف بغرض الفدية لمواطنين سوريين وأجانب، إلى جانب السرقات وقطع الطرقات.

ومع سقوط نظام الأسد وأجهزته الأمنية وفرض فصائل المعارضة سيطرتها، لم يعد هناك حاجة للسلاح بحسب ناشطي السويداء السياسيين، لكن وجود تنظيم داعش في بادية السويداء الشرقية لا يزال يشكل تهديداً حقيقياً، ولا سيما أن التنظيم قد هاجم المحافظة بدوافع طائفية عام 2018، ما أدى إلى مقتل حوالى 300 من أبناء السويداء، حيث صَدَّت الهجوم الفصائل العسكرية في السويداء، مع غياب تام للجيش السوري.

وتعتبر محافظة السويداء بعد سقوط النظام الأقل خطراً، حيث لم تسجل أي حالة خطف فيها، مقابل عشرات الحالات التي سُجِّلَت في اللاذقية وحمص وطرطوس وغيرها في جرائم يُضفى عليها الطابع الثأري، حيث وجدت جثث عشرات الشخصيات التي ناصرت النظام في السابق مرمية في الأماكن العامة.

قراءة المقال بالكامل