سورية: حالة من القلق والخوف في ريف حماة بعد عمليات قتل مروعة

منذ ٢ شهور ٢٢

يعيش سكان بعض القرى والبلدات في ريف حماة الشرقي والشمالي في سورية حالة من الخوف والقلق، عقب تسجيل عمليات قتل استهدفت أفرادا من سكان ثلاث قرى في المنطقة. ووفقًا لشهادات الأهالي، نفّذت هذه الجرائم عصابات مسلحة انتحلت صفة الأمن العام، وأقدمت على تنفيذ عمليات إعدام ميداني بحق بعض المواطنين. وتكشف شهادات ذوي الضحايا لـ"العربي الجديد" تفاصيل هذه الجرائم، خاصة في قرية العنز، التي تتميز بتركيبتها الطائفية المختلطة، وكانت واحدة من القرى الثلاث التي شهدت أعمال القتل.

شهادات من داخل القرية

في حديثها لـ"العربي الجديد"، تروي إحدى نساء القرية اللواتي شدّدن على عدم ذكر هوياتهنّ، تفاصيل ما حدث، قائلة: "في قرابة الساعة الثالثة ليلًا، سمعنا طرقًا شديدًا على باب المنزل، وعندما سأل زوجي عن هوية الطارق، جاءه الرد بأنهم عناصر أمن يبحثون عن السلاح، فقال لهم إن السلاح الذي كان بحوزتنا تخلصنا منه بإلقائه في مكان غرب البلدة". وأضافت: "لكن زوجي استغرب توقيت قدومهم، فالأمن لا يأتي في مثل هذا الوقت المتأخر من الليل، وعادةً ما يحمل عناصره مذكرات بحث رسمية". وتابعت: "بعد رد زوجي، هددوا بإطلاق النار مباشرة على الباب واقتحام المنزل. اضطر زوجي إلى فتح الباب، ليقتادوه في سيارة كانت تنتظرهم، وعندما سألتهُم إلى أين يأخذونه، تلقيت تهديدًا مباشرًا بالقتل إن لم أعد إلى داخل المنزل".

وأوضحت أن زوجها لم يكن الوحيد الذي تم اختطافه، إذ شمل الأمر مختار البلدة وشخصًا آخر يُدعى مصعب، إضافة إلى طفلين يبلغان من العمر 12 و13 عامًا. وأضافت: لم يكن الأمر عشوائيًا، فقد استهدفوا عائلتين فقط، كنا نعيش بأمان مع جيراننا من حماة، لكن بعد إطلاق النار، نزلنا إلى الشارع لنجد خمسة قتلى وخمسة جرحى، فيما نجا ثلاثة أشخاص".

من جهتها، أكدت امرأة أخرى من الشهود أيضا لـ"العربي الجديد" أن أقرباءها سلّموا أسلحتهم بعد تلقيهم وعودًا بالأمان، مضيفةً بحسرة: "أي سلام هذا الذي يتحدثون عنه؟". أما شاهدة ثالثة، فقد ذكرت لـ"العربي الجديد" أنها كانت في منزل أهلها عند وقوع المجزرة، وقالت: "كانوا مسلحين، أخذوا شقيقي بحجة التفتيش عن السلاح، وأبلغونا أنهم لن يؤذوا أحدًا، لكنهم استهدفوا منازل محددة لأشخاص من الطائفة العلوية، ثم اقتادوهم وقتلوهم".

شهادات من المنطقة

خالد العبيد، أحد سكان المنطقة ومن بين الشهود على ما جرى، قال لـ"العربي الجديد": "القلق يزداد يومًا بعد يوم، خاصة بعد ما حدث في قرية العنز الأسبوع الماضي، ثم في قرية تل دهب، نظرًا لقربها من المنطقة". وأوضح العبيد أن "تل دهب تضم مكونين أساسيين، السنة والشيعة، بنسب متساوية. ومن خلال عملي، لدي معرفة واسعة بالقرى المحيطة، وجميعها تتميز بالتنوع، لكنها عاشت لعقود في أجواء من التعايش والتسامح، إلا أن ما يحدث الآن هو دخول غرباء إلى المنطقة وافتعال المجازر، كما حدث في أرزة، العنز، وتل دهب". وشدد العبيد على أن مطلب الأهالي الأساسي حاليًا هو "الأمن، ثم الأمن، ثم الأمن!"، مضيفًا: "نحن بحاجة إلى وجود حواجز تابعة للحكومة، وتكثيفها في منطقتنا، هناك قلق واضح لدى الجميع. أشعر بأنني عاجز، فهل يمكن أن يكون لكم تأثير في إيصال صوتنا إلى الجهات المعنية؟".

نضال عكاري، أحد أعضاء هيئة العمل المدني الديمقراطي في مدينة سملية بريف حماة الشرقي، والذي كان ضمن فريق الأمن العام المرافق لمتابعة الحادثة في قرية العنز، أكد لـ"العربي الجديد" أنه كان أيضًا من بين المطلعين على المجزرة التي وقعت في قرية تل دهب، حيث تم توثيق مقتل خمسة أشخاص وإصابة عشرة آخرين من قبل هيئة العمل المدني والأمن العام. وأوضح عكاري أن منفذي الجرائم "عصابات مسلحة غير معروفة، ينادون على الضحايا بأسمائهم قبل أن يُقدِموا على قتلهم". وأضاف: "لم نتمكن من الذهاب إلى تل دهب، لكن وفق المعلومات التي حصلنا عليها، فإن القتلى هناك أربعة، بينهم عميد وضابط برتبة ملازم أول، ولم يكن بينهم أطفال".

وأشار إلى أن ما يحدث هو حالات انتقام، موضحًا: "القرى المجاورة تعرضت للتهجير خلال السنوات الماضية، ويبدو أن ما يحدث الآن هو عمليات انتقام من قبل بعض المهجّرين". وأضاف: "بالتأكيد، الفاعلون ليسوا عصابات جاءت من الفضاء الخارجي، بل هم عمليًا من القرى المجاورة". وختم حديثه مؤكدًا أنه "لم يتم توثيق مقتل أطفال ضمن المجزرتين في كل من تل دهب والعنز"، مشيرًا إلى أن القتلى في قرية تل دهب هم: محمد علي العباس، أيمن علي العباس، صباح خضر الزير، وجواد أحمد كاظم.

من جانبه، كشف مصدر في الأمن العام لـ"العربي الجديد" أنه لم يتم تسجيل أي حالة قتل للأطفال في قرية تل دهب، مؤكدًا أن القتلى هناك أربعة أشخاص، ويجري التحقيق في خلفياتهم. وأوضح أن جهاز الأمن العام يعمل على خطة لضبط الأمن في المنطقة وتعزيز الاستقرار فيها.

يشار إلى أنه في الأول من فبراير/شباط الحالي، أقدم مجهولون على قتل ثمانية من سكان بلدة أرزة بريف حماة وسط سورية، وفق تقرير للمرصد السوري لحقوق الإنسان. ونقل المرصد عن مصادره أن مسلحين "طرقوا أبواب منازل في القرية وأطلقوا الرصاص على المواطنين من أسلحة فردية مزودة بكواتم صوت، قبل أن يلوذوا بالفرار إلى جهة مجهولة". من جهتها، نقلت صحيفة "الوطن" عن مصدر أمني في حماة أن "قوات الأمن العام تطوق منطقة أرزة بحثاً عن المجرمين الذين قتلوا عدداً من المواطنين في القرية، منهم عناصر من النظام السابق".

قراءة المقال بالكامل