يواصل الاحتلال الإسرائيلي لليوم العاشر على التوالي إغلاق معابر قطاع غزة الحدودية، بما فيها معبر كرم أبو سالم التجاري، الذي يشكل الرافد الأساسي للسلع والمواد التموينية والمساعدات الإنسانية. واتخذت الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو قراراً بإغلاق المعابر الحدودية وقطع خط الكهرباء المزود لمحطة تحلية الجنوب، إضافة للانتهاكات اليومية والاستهدافات التي تطاول الفلسطينيين رداً على مزاعم رفض حركة حماس تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق.
ويعيش سكان القطاع في الأيام الأخيرة واقعاً معيشياً كارثياً بفعل إغلاق المعابر بالذات خلال شهر رمضان، الذي اعتاد الفلسطينيون أن ترتفع فيه وتيرة الطلب على السلع والمواد الغذائية، غير أن العام الجاري يبدو الأصعب. وبحسب بيانات مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، فإنه ووفقا لمجموعة التغذية، منذ بدء وقف إطلاق النار تم تشخيص أكثر من ثلاثة آلاف طفل إلى جانب ألف امرأة حامل ومرضعة بسوء التغذية الحاد في قطاع غزة وإحالتهم للعلاج.
وبحسب المؤسسة الدولية، فقد أظهرت بيانات شهر فبراير/شباط التي جمعتها مجموعة التغذية تحسنا طفيفا في عدد الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات الذين يستهلكون الحد الأدنى من المجموعات الغذائية المطلوبة، غير أن هذا التحسن من المتوقع أن يتراجع بفعل إغلاق المعابر وسياسة التجويع التي ينتهجها الاحتلال الإسرائيلي، ولا سيما أن القطاع يحتاج لعدد كبير من الشاحنات الغذائية، فيما لم يلتزم الاحتلال بتطبيق كامل البرتوكول الإنساني الذي نص على دخول 600 شاحنة يومياً فيما تراوح المعدل اليومي الذي سمح له بالعبور بين 180 و220 شاحنة فقط.
في هذه الأثناء، قال رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في غزة سلامة معروف إن الأمن الغذائي لنحو 2.4 مليون نسمة مهدد في ظل إغلاق الاحتلال الإسرائيلي معابر قطاع غزة للأسبوع الثاني على التوالي، وعدم دخول أي من المواد الإغاثية والغذائية. وأضاف في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن شبح المجاعة يعود من جديد وبدأت معالمه تظهر بشكل واضح خلال اليومين الماضيين في ظل استمرار إغلاق المعابر لليوم التاسع على التوالي وعدم إدخال المواد التموينية.
وبحسب رئيس المكتب الإعلامي الحكومي، فإن إجمالي ما دخل إلى القطاع خلال المرحلة الأولى 161820 طناً منذ 19 يناير/كانون الثاني وحتى نهاية المرحلة الأولى من الاتفاق، وهي كميات لا تتجاوز 60 كيلوغراماً من احتياجات المواطنين على مدار شهرين، ما يعني أن هذه الكميات في طريقها للنفاد في حال لم يتم إدخال كميات جديدة وفتح المعابر، وشدد على أن ادعاءات الاحتلال أن القطاع توجد فيه سلع تكفي لشهور مجرد أكاذيب، حيث إن ما هو متوفر لا يكفي القطاع سوى لأيام معدودة فقط، مشيراً إلى أن القطاع كان يستقبل قبل الحرب ما نسبته 500 شاحنة بالحد الأدنى يومياً، مشيرا إلى أن ما دخل خلال فترة وقف إطلاق النار لا يلبي الحد الأدنى لاحتياجات الفلسطينيين، حيث وصلت للقطاع 83 ألف خيمة بحمولة تقريبية ما بين 140 و160 خيمة للشاحنة الواحدة، هو ما يعني أن دخول المواد الغذائية كان محدوداً للغاية.
ولفت إلى أن دخول المواد التموينية والغذائية كان موجهاً للمؤسسات الغذائية فيما كان يوجه للمواطنين من خلال المساعدات والطرود التي توزع عليهم في ظل اعتماد شريحة واسعة من السكان على المساعدات، موضحا أن غالبية سكان القطاع يعتمدون في توفير غذائهم إما على المساعدات التي تقدمها المؤسسات الدولية أو على "التكيات"، فيما بات عدد لا بأس به منها يغلق أبوابه خلال الأيام الأخيرة نتيجة نفاد المواد التموينية من الأسواق وعدم القدرة على الاستمرار في تقديم الواجبات للمواطنين.
وبشأن المخابز، ذكر معروف أنه من أصل 25 مخبزاً توقفت ستة مخابز عن العمل، وجميعها تعمل على غاز الطهي، ومن المرجح أن تتوقف مخابز أخرى خلال الساعات والأيام المقبلة بسبب نفاد الوقود الذي تعتمد عليه المخابز، وهو ما يعني فقدان المصدر الأهم للأمن الغذائي للمواطنين وهو الخبز.
واستخدم الاحتلال الإسرائيلي سلاح التجويع عدة مرات في القطاع، كان أبرزها في الثامن من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 حينما صدر قرار بإغلاق المعابر وقطع الكهرباء والمياه، فيما استخدم الاحتلال لاحقاً الأسلوب ذاته في عملياته البرية، وتحديداً في مناطق غزة والشمال، حينما قطع إمدادات الغذاء والمساعدات عنها ضمن مخططاته حينها لتنفيذ خطة الجنرالات.
