واصلت أسهم شركات الدفاع الصينية، للجلسة الثانية على التوالي، التحسن، وأنهت تعاملات اليوم الخميس على ارتفاع مدفوعة بتصاعد التوترات الحدودية بين الهند وباكستان، خاصة بعد إعلان باكستان عن استخدام مقاتلات J-10C الصينية في إسقاط خمس طائرات هندية، من بينها ثلاث طائرات رافال فرنسية الصنع، وطائرة ميغ-29، وطائرة سو-30- (روسية الصنع)، التي استخدمتها الهند في شن غارات جوية على الشطر الخاضع لإدارة باكستان من إقليم كشمير المتنازع عليه بين الدولتين النوويتين، مقابل اضطراب أسهم شركات الدفاع الفرنسية.
وارتفع سهم شركة صناعة الطائرات الصينية "أفيك تشنغدو لصناعة الطائرات"، المصنعة لمقاتلات J-10C، والمدرج في بورصة شنتشن، بنسبة 36.21% خلال جلستي الأربعاء والخميس، حيث أنهى تعاملات الخميس مرتفعا إلى الحد الأقصى بنسبة 20.01%، بعد مكاسب بنسبة 17% يوم الأربعاء، وهو أكبر ارتفاع في يومين منذ أكثر من عامين. فيما انخفضت أسهم شركة داسو أفياسيون، المصنعة لمقاتلات "رافال"، في بورصة باريس بنسبة 1.36% خلال جلسة الأربعاء متأثرة بالتقارير حول إسقاط طائرات "رافال" الثلاث، قبل أن تنهي تعاملات اليوم الخميس مرتفعة بنسبة 1.75% مقارنة بالجلسة السابقة، غير أن محللين أشاروا إلى أن السهم قد يواجه مزيدا من الضغوط، مع توقعات بانخفاض إضافي يصل إلى 5%، نتيجة للتساؤلات المتزايدة حول أداء "رافال" في ساحات القتال .
ويعزى ارتفاع أسهم "أفيك تشنغدو للطائرات" إلى نجاح باكستان في استخدام المقاتلات التي تصنعها "J-10C" في النزاع الأخير مع الهند، ما عزز سمعة هذه الطائرات وقدراتها القتالية. كما أن هذه الأحداث قد تؤدي إلى زيادة الطلب على الأسلحة الصينية في الأسواق الدولية، خاصة من الدول التي تسعى لتعزيز قدراتها الدفاعية بتكاليف معقولة. وتُعتبر هذه الحادثة أول خسارة قتالية معروفة لطائرة "رافال" منذ دخولها الخدمة، وهو ما أثار تساؤلات حول فعاليتها في المواجهات الجوية، خاصة ضد مقاتلات مثل J-10C الصينية المزودة بصواريخ PL-15 بعيدة المدى. وتعتمد باكستان بشكل كبير على الأسلحة الصينية، حيث شكلت الواردات من الصين 82% من مخزون الأسلحة الباكستاني بين عامي 2019 و2023، مقارنة بـ51% بين عامي 2009 و2012.
وصرح وزير الخارجية الباكستاني إسحاق دار أمام البرلمان، في وقت متأخر من يوم الأربعاء، بأن مقاتلات J-10C الصينية استخدمت لإسقاط خمس طائرات مقاتلة هندية على طول الحدود، من بينها طائرات "رافال" الفرنسية، وذلك وفقًا لما نقلته وكالة الأنباء الباكستانية الرسمية. ولم تؤكد الحكومة الهندية رسميا ما إذا كانت الطائرات التي نشرتها في الضربات العسكرية في الساعات الأولى من صباح الأربعاء قد دُمرت. وأضاف دار أن باكستان أبقت الصين مطلعة على تحركاتها العسكرية فور بدء الضربات، حيث زار السفير الصيني جيانغ زايدونغ وزارة الخارجية الباكستانية في الساعة الرابعة صباحًا بالتوقيت المحلي يوم الأربعاء.
وأصبح إعلان باكستان أنها أسقطت الطائرات الحربية الهندية موضوعا رائجا على منصة التواصل الاجتماعي الصينية "ويبو"، بحسب وكالة بلومبيرغ الأميركية، حيث احتفل بعض المستخدمين الصينيين بقوة بلادهم العسكرية. وجاء في أحد التعليقات الأكثر تداولاً: "إذا كانت الأخبار صحيحة، فإن جميع شركات التصنيع العسكري الكبرى في الصين ستشهد طلبات متزايدة". وكتب هو شيجين، رئيس التحرير السابق لصحيفة "غلوبال تايمز" القومية، على تطبيق "ويتشات": "إذا كانت ضربات باكستان ناجحة، فهذا يظهر أن مستوى التصنيع العسكري الصيني قد تجاوز تمامًا مستوى روسيا وفرنسا، ويجب أن تشعر تايوان بخوف أكبر". وقد أثرت الحادثة سلبا على سمعة "رافال" في الأسواق الدولية، وهو ما قد يؤثر على مبيعاتها المستقبلية، خاصة في ظل المنافسة المتزايدة من المقاتلات الصينية. كما أن هذه الحادثة قد تدفع الدول التي تبحث عن مقاتلات متطورة إلى إعادة النظر في خياراتها، ما قد يؤثر على حصة الشركات الغربية في سوق المقاتلات.
تغير موازين القوى
شركة "تشنغدو" لصناعة الطائرات "Chengdu Aircraft" هي إحدى أبرز شركات صناعة الطائرات في الصين، وتعد جزءا من مجموعة صناعة الطيران الصينية (AVIC). وتشتهر الشركة بتطوير مقاتلات متقدمة مثل J-10 وJ-20، وتلعب دورا محوريا في تحديث قدرات سلاح الجو الصيني. وسلط استخدام باكستان مقاتلات J-10C الصينية في النزاع الأخير مع الهند الضوء على التعاون العسكري المتزايد بين الصين وباكستان، وخاصة المقاتلتين JF-17 وJ-10C اللتين تُشكلان العمود الفقري لسلاح الجو الباكستاني. وقد أثار أداء هذه الطائرات في المواجهة "المحتملة" اهتماما دوليا، وسط تساؤلات حول مدى فعالية التفوق الجوي التقليدي الذي كانت تمتلكه الهند في السابق.
وأثار النجاح الميداني الذي حققته الطائرات الصينية في هذا الحادث المحتمل تساؤلات واسعة حول التطور الكبير في الصناعات الدفاعية الصينية، والتحول الملحوظ في موازين القوى الجوية في جنوب آسيا. كما يُتوقع، بحسب خبراء، أن يؤدي هذا الأداء إلى زيادة الطلب الدولي على الطائرات الصينية، لا سيما من الدول التي تبحث عن بدائل أقل كلفة وأكثر مرونة من الطائرات الغربية. وتلعب شركة Chengdu Aircraft الصينية دورا متزايد الأهمية في صناعة الطيران العسكري، ليس فقط داخل الصين، بل أيضا على الساحة الدولية، من خلال تزويد حلفائها بمقاتلات متقدمة تُستخدم في نزاعات إقليمية، وهو ما قد يؤثر على موازين القوى العالمية وإعادة تشكيل خريطة سوق الطيران العسكري في المستقبل.
يشار إلى أن مصر وقعت في أغسطس/آب 2024 صفقة لشراء مقاتلات صينية من طراز J-10C، المعروفة باسم "التنين القوي"، لتحل محل بعض طائراتها الأميركية القديمة من طراز F-16، وهو ما أثار قلقا ملحوظا في وسائل الإعلام الإسرائيلية، وقالت مجلة "إسرائيل ديفينس" إن المقاتلات الصينية من طراز J-10C، تتميز بقدرات قتالية متقدمة، بما في ذلك صواريخ جو-جو بعيدة المدى، وهو ما يعزز قدرات سلاح الجو المصري ويقربه من نظيره الإسرائيلي. وأفادت تقارير إعلامية بأن مصر حصلت على نظام الدفاع الجوي الصيني المتطور HQ-9B، الذي يقارن بمنظومة S-400 الروسية، وأكدت أن هذا التطور يعزز قدرات الدفاع الجوي المصري ويزيد قلق إسرائيل بشأن توازن القوى في المنطقة.
والشهر الماضي، أجرت مصر والصين مناورات جوية مشتركة تحت اسم "نسور الحضارة 2025"، شاركت فيها طائرات صينية متطورة مثل J-10C وطائرات الإنذار المبكر KJ-500 وطائرات التزود بالوقود YY-20، وأثارت هذه المناورات قلقا في إسرائيل، خاصة مع تقارير عن اقتراب الطائرات من أجوائها، ما اعتُبر "خطوة مثيرة للقلق" وإشارة إلى تحول جيو-استراتيجي في المنطقة. وقالت وسائل إعلام عبرية إن إسرائيل ترى أن تعزيز التعاون العسكري بين مصر والصين قد يؤدي إلى تغيير في توازن القوى في الشرق الأوسط، خاصة مع تراجع النفوذ الأميركي في المنطقة، وتخشى من أن يؤدي ذلك إلى تقويض تفوقها العسكري التقليدي.
تصاعد التوتر
وتُعد الهند وباكستان من الدول النووية التي خاضت عدة حروب بسبب النزاع على كشمير. وتصاعدت التوترات منذ الهجوم الذي وقع في 22 إبريل/ نيسان وأودى بحياة 26 مدنيًا في الجزء الخاضع للسيطرة الهندية من كشمير. واتهمت الهند باكستان بالضلوع في هذا الهجوم، ووصفت الحادث بأنه "عمل إرهابي"، وهو ما نفته باكستان بشكل قاطع. وشنت الهند ضربات عسكرية ضد تسعة أهداف في باكستان فجر الأربعاء، ووصفتها بأنها "دقيقة ومحسوبة" وتهدف إلى أن تكون "غير تصعيدية". إلا أن الجيش الباكستاني قال إن هذه الضربات أسفرت عن مقتل 31 مدنيًا، بينما أشار رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف إلى أن بلاده سترد على هذه الهجمات.
وأعلن الجيش الباكستاني، يوم الأربعاء، أنه أسقط طائرات هندية، من بينها ثلاث طائرات "رافال"، وطائرة "ميغ-29"، وطائرة "سو-30"، دون تقديم أدلة على ذلك. وفي مؤتمر صحافي في نيودلهي، قدم سكرتير وزارة الخارجية الهندي فيكرام ميسري تفاصيل عن الهجوم الإرهابي في إبريل/نيسان والتحقيق، لكنه لم يعلق على مزاعم باكستان. وكتب أنكت باندا، وهو زميل بارز في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي: "ستكون لدى الهند حوافز للتقليل من حجم الأضرار، لكن تضخيم باكستان للأضرار هنا يمكن أن يخفف حوافز التصعيد". وأضاف باندا: "ستُجبر باكستان على الرد بالمثل"، مشيرًا إلى أن هذا قد يشمل شن ضربات ضد تسعة أهداف في الهند.
وجددت الصين، يوم الخميس، دعوتها للهند وباكستان بعدم تصعيد الوضع. وعندما سُئل المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية عن استخدام المقاتلات الصينية وزيارة السفير الصيني لوزارة الخارجية الباكستانية في الساعات الأولى، قال: "لست على دراية بما ذكرتم". وتُعد الصين أكبر داعم لباكستان وأكبر مورد للأسلحة إليها. ووفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، فقد شكلت واردات باكستان من الأسلحة الصينية 82% من إجمالي وارداتها من الأسلحة بين عامي 2019 و2023، مقارنة بـ51% في الفترة من 2009 إلى 2012.
