صحف الدنمارك حول مشهد عودة الفلسطينيين إلى شمال غزة: رفض أفكار ترامب

منذ ٢ شهور ٣٩

بدا لافتاً تعاطي وسائل إعلام وصحف دنماركية مع دعوة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأردن ومصر، وأخيراً ألبانيا، لاستقبال مئات آلاف فلسطينيي قطاع غزة. واعتبرت صحافة وشاشات كوبنهاغن مشهد طوفان النازحين العائدين نحو شمال القطاع، بموجب الهدنة، رداً صريحاً رافضاً لأفكار ترامب.

تأتي هذه التغطية الإعلامية وسط سجال دنماركي غاضب من إصرار الرئيس الأميركي على السيطرة على جزيرة غرينلاند التابعة لسيادة الدنمارك التي أعلنت رفضها للخطوة. وتناولت هيئة البث العام "دي آر" في تقرير مفصل مقترح ترامب بنقل مئات آلاف الفلسطينيين من قطاع غزة تحت عنوان: "مقترح ترامب لتطهير غزة لن يقبله الفلسطينيون على الإطلاق".

وتتلاقى التغطية مع تغير واضح في المزاج العام الدنماركي (نحو 70% يطالبون بمساعدة الفلسطينيين وحوالي 60% للاعتراف بدولة فلسطينية مقابل معارضة 13% فقط). وأشار التقرير إلى أن جواب سكان غزة "واضح هذه الأيام مع عودتهم نحو الشمال"، مشدداً على أن اقتراح ترامب "يتوافق مع حركة الاستيطان الإسرائيلية". واعتبر تلفزيون "دي آر" أنه على رغم من أن فكرة ترامب تبدو فضفاضة وأُمنية فإن ما تحتويه "ليس أقل من تطهير عرقي لنحو 1.5 مليون إنسان"، محذراً من قبول مصر والأردن بنكبة جديدة.

وفي سياق التغطية، استعرض التلفزيون الدنماركي ما سماه "فهم الفلسطينيين لذاتهم" بقوله إنه "من الضروري فهم حياة اللاجئين الفلسطينيين الذين أجبر نحو 700 ألف منهم على اللجوء قبيل إنشاء دولة إسرائيل في عام 1948". ومضى يشرح: "بعض هؤلاء لجأ خلال النكبة إلى الضفة الغربية وقطاع غزة، وفي الأخير يقدم الفلسطينيون رداً واضحاً على فكرة ترامب". وأبرز التقرير في نفس السياق أن "مسير العودة نحو شمال غزة، برغم الدمار وآثار القصف على الطرق المتربة، يأتي على خلفية تعزز ارتباط اللاجئين الفلسطينيين بوطنهم وأرضهم".

وأكد تقرير "دي آر" أنه منذ بداية الحرب على غزة ظل هاجس الغزيين ألا يتمكنوا من العودة إلى الديار في وقت قريب يتملكهم "على الرغم من أن القليل من الحياة القديمة بقي في شمال قطاع غزة". وفي الاتجاه نفسه أشار التقرير إلى أن إعمار غزة ليس مجرد ضرورة عند الفلسطينيين "بل هو رمز للصمود ورسالة لإسرائيل أننا لن نذهب إلى أي مكان".

وذكر "دي آر" أن مقترح ترامب التهجيري هو صدى لحركة الاستيطان حول ما يسمى "هجرة طوعية، ولكن لا شيء فيها طوعي على الإطلاق". واستحضر في السياق وبالتفصيل مساعي وأحلام وزير مالية دولة الاحتلال بتسلئيل سموتريتش، وبعض أقطاب حركة الاستيطان المتطرفين، الذين أشار إليهم التقرير على أنهم "بالأصل مهاجرون وبعضهم من نيويورك". ولفت التقرير إلى أنه حتى في حال تطبيق التهجير فإنه لا شيء يضمن ألا تتحول مناطق التهجير إلى منطلق آخر للمقاومة الفلسطينية المسلحة. وتوقع التلفزيون الدنماركي استمرار "الموقف العلني للأردن ومصر في نفي قبول أفكار ترامب، فهما يؤيدان ما يسمى بحل الدولتين، ولتكون القدس الشرقية عاصمتها".

غير بعيد عن ذلك لا يستبعد "دي آر" قيام ترامب بضغوط اقتصادية على القاهرة وعمان لقبول خطة التطهير العرقي، مؤكداً: "لكن مثل هذا الإجبار لن يجعل ترامب يحظى بشعبية، ولا حتى في المملكة العربية السعودية التي تؤيد رغبة الفلسطينيين في تقرير المصير". وختم تقرير التلفزيون الدنماركي بالقول إن ترامب يرغب في السنوات الأربع القادمة تطبيعاً سعودياً إسرائيلياً "لكن ذلك سيكون صعباً إذا كان يتعارض مع حل الدولتين". وشدد على أن مشاهد عودة الناس إلى شمال القطاع لإعادة بناء منازلهم هي أوضح رد على ترامب وغيره.

إنفورماسيون عن مقترح ترامب: تطهير عرقي

وإذا كانت التلفزة الدنماركية عكست قد تغيراً ما في النظرة إلى قضية فلسطين، فإن صحيفة إنفورماسيون واصلت من ناحيتها تقديم نموذجها عن توازن تغطية بعض الصحافة المكتوبة في كوبنهاغن. ففي افتتاحية اليوم الثلاثاء تحت عنوان "هذا تطهير عرقي" بدت الصحيفة الدنماركية متفقة مع هيئة البث العام في قراءة أفكار ترامب عن تهجير الغزيين "بحجة نقلهم إلى مكان آخر حيث يمكنهم العيش بسلام من أجل التغيير"، مشددة على أن ذلك "لن يحيد عن اتخاذ طابع تطهير عرقي بعد التدمير الإسرائيلي الشامل في غزة". واعتبرت الصحيفة أن ما يُطرح يتوافق تماماً مع أشد المتطرفين المؤيدين للاستيطان اليهودي في غزة، "فقد أعلن سموتريتش أنه "بمساعدة الله" سيشرع في العمل على تطوير "خطة تشغيلية" لتنفيذ الفكرة".

وشددت إنفورماسيون على أن العامل الحاسم في وقف التطهير العرقي هو موقف الفلسطينيين الرافض، ما يستدعي وضوح موقفي مصر والأردن، لرفض التساوق مع المشروع "برغم إمكانية استخدام دبلوماسية التهديد الوحشية ضدهما". وحذرت الصحيفة من وجود اتجاه متطرف في صفوف إدارة ترامب يؤيد أفكار التطهير العرقي، مقدمة للقراء نماذج عن تسويق ذلك في مناقشات مجلس الشيوخ الأميركي. وأبرزت في الإطار مواقف مرشحة ترامب في الأمم المتحدة إليز ستيفانيك بقولها إنها تعتقد أن لإسرائيل "حقاً توراتياً في الضفة الغربية"، بينما يذهب السفير الأميركي في إسرائيل مايك هاكابي إلى "رفض حل الدولتين، مصرّاً على أن الدولة الفلسطينية يجب أن تقام في مصر أو الأردن أو سورية". وختمت صحيفة إنفورماسيون، كما تفعل صحف وقنوات تلفزيونية دنماركية أخرى، باعتبار أن الرفض الفلسطيني للتهجير "يقوم على أساس منع نكبة الطرد الجماعي الذي جرى لهم عام 1948".

قراءة المقال بالكامل