أعلن صندوق النقد الدولي عن إتاحة تسهيل مالي للمغرب بقيمة 496 مليون دولار، حيث يأتي ذلك في إطار الاتفاق الموقع مع المملكة في ظل تسهيل الصلابة والاستدامة. ويعرّف موقع الصندوق تسهيل الصلابة والاستدامة بأنه وسيلة لتوفير "التمويل طويل الأجل بكلفة معقولة من أجل دعم البلدان التي تضطلع بإصلاحات للحد من المخاطر المحيطة باحتمالات استقرار موازين مدفوعاتها، بما فيها المخاطر المرتبطة بتغير المناخ والتأهب للجوائح".
ويضيف أنه من أجل الاستفادة من ذلك التسهيل يتوجب على البلد المعني إنجار إصلاحات تعالج التحديات الهيكلية طويلة المدى التي يمثلها تغير المناخ أو التأهب للجوائح بالإضافة إلى أنه يفترض أن يكون قادراً على الاستمرار في تحمل مديونيته وله القدرة على السداد للصندوق. وأوضح صندوق النقد الدولي، أمس الثلاثاء، أن المجلس التنفيذي التابع له أتاح للسلطات المغربية، بعد اجتماعه في إطار اتفاق الصلابة والاستدامة، سحباً فورياً لـ375 مليوناً من حقوق السحب الخاص، أي حوالي 496 مليون دولار.
ورفع هذا القرار قيمة التسهيلات التي حصل عليها المغرب في إطار تسهيل الصلابة والاستدامة إلى 1.24 مليار دولار، ويؤكد أن التدابير التي تضمنها اتفاق الصلابة والاستدامة تهم حماية الموارد المائية الجوفية والتوجه نحو تغيير تعرفة المياه وتحسين الإطار التنظيمي لسوق الكهرباء وترسيخ أسس الصمود في سياق المخاطر المرتبطة بالمناخ.
وأشار الصندوق، في بيان له، إلى أنّ الاقتصاد المغربي يواصل الصمود، رغم سنة جافة، مضيفاً أن نمو الاقتصاد تباطأ إلى 3.2%، مستفيداً من الطلب الداخلي القوي. ويتوقع صندوق النقد الدولي تسريع النمو على المدى المتوسط إلى 3.7%، مدفوعاً بالاستثمارات المهمة التي ينجزها المغرب ومواصلة الإصلاحات الهيكلية.
وأوصى بالحفاظ على جزء من الإيرادات الجبائية الاستثنائية المتأتية من الإصلاح الجبائي، ما يسمح بتعزيز رصيد الموازنة والتحوط ضد الصدمات المستقبلية، وشدد على أن استراتيجيةً ترمي إلى دعم فرص العمل وتحسين المنافسة في السوق من شأنها معالجة البطالة المرتبطة بفقدان فرص عمل في القطاع الزراعي.
ولاحظ صندوق النقد الدولي أنّ التضخم واصل انخفاضه في المغرب، ما شجع بنك المغرب على المضي في خفض سعر الفائدة، بينما واصل سعر الدرهم التطور في إطار سياسة المرونة ضمن حدود تصل إلى 5%. وتمكّن المغرب من خفض عجز الموازنة إلى 4.1%، بعد تحسن الإيرادات الجبائية، ما ساهم في تعويض الزيادة في الإنفاق، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن المغرب حدد مسار الاستدانة على المدى المتوسط.
المركزي المغربي يخفض أسعار الفائدة
في السياق، خفض بنك المغرب المركزي، أمس الثلاثاء، سعر الفائدة الرئيسي 25 نقطة أساس إلى 2.25%، في ثاني خفض على التوالي. وقال البنك إنّ القرار يتسق مع توقعات التضخم وسيساهم في تحفيز النمو وتوفير فرص العمل. ويعمل البنك المركزي على تيسير السياسة النقدية منذ يونيو/ حزيران الماضي للمساعدة في تعزيز الاستثمار في البنية التحتية مع استعداد المغرب لاستضافة كأس العالم لكرة القدم 2030 مشاركة مع إسبانيا والبرتغال.
وأفاد بيان صادر عن البنك في أعقاب الاجتماع الفصلي لمجلسه، أمس الثلاثاء، بأنه من المتوقع أن يظل التضخم الذي ينسب بشكل رئيسي إلى أسعار المواد الغذائية "متوسطاً" عند 2% خلال العامين الجاري والمقبل. وأضاف البيان أنّ التوقعات تحيط بها حالة عدم اليقين بسبب التوترات الجيوسياسية وتأثيرها على التضخم، فضلاً عن زيادة المحاصيل في المغرب بعد جفاف طويل الأمد.
وقال البنك المركزي المغربي إنه بافتراض تحسن النشاط غير الزراعي، سينمو الاقتصاد المغربي 3.9% هذا العام من 3.2% العام الماضي. وأضاف أنه من المتوقع أن يبلغ محصول الحبوب في المغرب 3.5 ملايين طن هذا العام بسبب تأخر هطول الأمطار، وهو ما يزيد قليلاً عن 3.12 ملايين طن في العام الماضي لكنه لا يزال أقل من المتوسط.
وأضاف البنك أنه مع استمرار تفوق الواردات على الصادرات، سيرتفع عجز ميزان المعاملات الجارية إلى 2.9% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام من 1% في عام 2024. وتوقع محافظ البنك المركزي عبد اللطيف الجواهري، في مؤتمر صحافي عقب الاجتماع، أن يصل رصيد المملكة من النقد الأجنبي إلى 391.8 مليار درهم (40.5 مليار دولار) في نهاية عام 2025، مدعوماً بالاقتراضات التي يرتقب أن تحصل عليها الخزانة العامة للمملكة. وهو ما يكفي لتغطية 5.5 أشهر من الواردات.
ويتوقع البنك المركزي أن تنخفض مديونية الخزانة العامة للمملكة من 70.4% من الناتج الإجمالي المحلي في العام الماضي إلى 69.4% في العام الحالي، علماً أنّ تلك المديونية الداخلية ستمثل في العام الحالي 50.5% من الناتج الإجمالي المحلي، مقابل 18.9% للدين الخارجي. وقال البنك إن ارتفاع عائدات الضرائب سيساعد في تعويض ارتفاع الإنفاق على الاستثمار وخفض العجز المالي إلى 3.9% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2025، و3.6% في عام 2026، من 4.1% في العام الماضي.
