صندوق النقد يوافق على صرف 1.2 مليار دولار لمصر: تأخير بعض الإصلاحات

منذ ٤ أيام ١٦

أعلن صندوق النقد الدولي رسمياً الموافقة على صرف شريحة قدرها 1.2 مليار دولار لمصر، بعد استكمال المراجعة الرابعة لبرنامجها للإصلاح الاقتصادي، بموجب اتفاق بقيمة ثمانية مليارات دولار مع الصندوق، وذلك بعد السماح لمصر بالتخلي عن هدف الفائض الأولي للميزانية. وذكر بيان للصندوق، مساء أمس الثلاثاء، أن المجلس التنفيذي وافق أيضاً على طلب مصر للتوصل إلى ترتيب بموجب تسهيل الصلابة والاستدامة يمكنها من الحصول على نحو 1.3 مليار دولار.

كان وزير المالية المصري، أحمد كجوك، قد أكد أن "صندوق النقد وافق على صرف الشريحة الرابعة لمصر، والتي تقدر بـ1.2 مليار دولار"، دون أن يقدم تفاصيل بشأن موعد صرفها. وقالت مديرة إدارة الاتصالات في صندوق النقد جولي كوزاك، الخميس الماضي، إن المبلغ سيصرف على شرائح وليس دفعة واحدة بناء على استيفاء الشروط. وسبق أن أكدت كوزاك، الشهر الماضي، أن الصندوق من خلال برنامج القرض يسعى لـ"خلق مساحة مالية للبرامج الاجتماعية الحاسمة التي تعود بالنفع على الفئات الضعيفة والطبقة المتوسطة مع ضمان استدامة الدين".

وأشارت إلى أنه "في ما يتعلق بالمستقبل، تشمل أولويات الإصلاح خفض التضخم، والحفاظ على مرونة سعر الصرف، وتحرير الوصول إلى النقد الأجنبي". وأضافت أن البرنامج "يهدف إلى تعزيز الإيرادات المحلية، وإلى تحسين بيئة الأعمال، وتسريع سحب الاستثمارات، وتسوية تكافؤ الفرص بين الشركات المملوكة للدولة والقطاع الخاص. كما يهدف البرنامج أيضاً إلى تعزيز الحوكمة والشفافية". 

صندوق النقد يوافق على تأجيل بعض الإصلاحات

وأضاف الصندوق في بيان أمس، أن السلطات المصرية واصلت تنفيذ سياسات رئيسية للحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي، على الرغم من التوترات الإقليمية المستمرة التي تسببت في انخفاض حاد في عائدات قناة السويس. وأشار إلى أنه في ضوء الظروف الخارجية الصعبة، وكذلك البيئة الاقتصادية المحلية الصعبة، وافق المجلس التنفيذي على طلب السلطات إعادة تقييم التزاماتها المالية في المدى المتوسط. 

وقال مسؤول مصري في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، إن الحكومة طلبت من صندوق النقد الدولي تأجيل تنفيذ بعض الإصلاحات المتفق عليها والتي تتطلب رفع أسعار الوقود وتخفيض الدعم، ما يؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم. ونقلت شبكة "سي أن أن" الإخبارية الأميركية، وقتها، عن مسؤول حكومي لم تذكر اسمه أن "جميع الإصلاحات ستنفذ، ولكن خلال فترة أطول من المتفق عليها".

وأشار الصندوق إلى أن التقدم في تنفيذ أجندة الإصلاح الهيكلي كان متفاوتاً، مع تأخيرات ملحوظة في الإصلاحات الجوهرية المتعلقة بسحب الاستثمارات، وتحقيق تكافؤ الفرص. لكن في الوقت نفسه، اتخذت السلطات إجراءات أكثر حسماً هذا العام بتنفيذ عدد من الإصلاحات الهيكلية الجوهرية، بما في ذلك من خطوات لتعزيز الاستقلال التشغيلي لجهاز حماية المنافسة المصري، بهدف تحسين المنافسة في أسواق المنتجات والخدمات، وكذلك اختيار شركة استشارية دولية لإعداد دراسة حول ممارسات الحوكمة المتعلقة بالبنوك العامة لزيادة كفاءة وشفافية القطاع المالي. 

The IMF Executive Board has completed the 4th review of the Extended Fund Facility Arrangement and approved a new Resilience and Sustainability Facility program for Egypt. The Board also concluded the 2025 Article IV Consultation. https://t.co/iGdhwfI29Q pic.twitter.com/LxDlYErKV3

— IMF (@IMFNews) March 11, 2025

وتوقع الصندوق أن يصل الفائض الأولي للميزانية (باستثناء عائدات التخارج) إلى أربعة بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية المقبلة". وتبدأ السنة المالية 2025-2026 في الأول من يوليو/ تموز. وتابع البيان أن الفائض الأولي يقل بواقع 0.5 % من الناتج المحلي الإجمالي عن التزام مصر سابقاً بموجب برنامجها مع الصندوق. 

تقليص دور الدولة في الاقتصاد

من جانبه، قال نائب المدير العام ورئيس المجلس نايغل كلارك في البيان، إن "تقليص دور الدولة بشكل حاسم، وتحقيق تكافؤ الفرص، والسماح لأسعار الطاقة بالوصول إلى مستويات استرداد التكاليف، ومعالجة قضايا الحوكمة والشفافية، سيمكن القطاع الخاص من أن يصبح المحرك الرئيسي للنمو". 

وأشار إلى أن "الصراعات الإقليمية واضطرابات التجارة قد تؤدي إلى زيادة الضغط على الإيرادات المالية والاستثمار الأجنبي المباشر والاستقرار الخارجي" وأضاف أنه "على الصعيد المحلي، تنطوي الإصلاحات اللازمة في أسعار الطاقة والدعم والسياسة الضريبية على تكاليف اجتماعية يجب إدارتها بعناية، في حين أن توسع دور الدولة في القطاعات غير الاستراتيجية ومحدودية جهودها لتعزيز المنافسة السوقية قد يؤثران على النمو على المدى المتوسط".

وقالت وكالة بلومبيرغ، في تقرير لها، اليوم الأربعاء، إن " مصر تُعد ثاني أكبر مقترض من صندوق النقد الدولي بعد الأرجنتين، وتشير هذه الإعلانات إلى انخراط أعمق مع المُقرض". وقد تلقت القاهرة حتى الآن حوالي ملياري دولار من مدفوعات القروض عبر الاتفاقية الحالية. وتزايدت المشكلات الاقتصادية لمصر بعد الانخفاض الحاد في عائدات قناة السويس بسبب التوترات الإقليمية على مدار العام الماضي وتراجع إنتاج الغاز الطبيعي.

ووافقت مصر على برنامج صندوق النقد الموسع في مارس/آذار 2024. بعد استثمار ضخم من الإمارات، مما أتاح للسلطات المجال للسماح للجنيه بالانخفاض بنسبة 40% في تخفيض طال انتظاره. ويُعد الحفاظ على سعر صرف مرن هدفاً رئيسياً للبرنامج. وقال الصندوق إن العملة لا تزال "تتذبذب ضمن نطاق محدود".
وبناءً على ذلك، قال الصندوق إنه ستكون هناك حاجة إلى "يقظة مستمرة" لضمان "ترسيخ إصلاح العملة بشكل أكبر بمرور الوقت حتى يرى الفاعلون الاقتصاديون أن سعر الصرف مرن حقاً".

وأكد الصندوق أن الحكومة المصرية يجب عليها "الانتقال إلى نموذج اقتصادي جديد، يشمل تقليص بصمة الدولة بشكل حاسم، وتحقيق تكافؤ الفرص، والسماح لأسعار الطاقة بالوصول إلى مستويات استرداد التكاليف". 

الشريحة الرابعة تشجّع أصحاب الأموال الساخنة على البقاء في مصر 

وأشارت "بلومبيرغ" في تقريرها تعقيباً على قرار المجلس التنفيذي للصندوق، إلى أن "صفقة صندوق النقد الدولي تعد حجر الزاوية في خطة إنقاذ عالمية بقيمة 57 مليار دولار لأكبر دولة في الشرق الأوسط من حيث عدد السكان. في ظلّ الأزمة الاقتصادية التي تعصف بمصر منذ أوائل عام 2022، والتي تزايدت أهمية استقرارها مع اشتعال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وما ترتب عليها من تداعيات في المنطقة".

وأضافت "بلومبيرغ" أن "الحكومة المصرية رفعت العام الماضي، أسعار السلع والخدمات المدعومة، بما في ذلك الوقود والكهرباء والخبز، في إطار سعيها لخفض الإنفاق بما يتماشى مع إرشادات صندوق النقد الدولي. وتُعد زيادة الإيرادات من خلال طرح أصول الدولة للمستثمرين مع تعزيز القطاع الخاص هدفاً رئيسياً آخر.

وأظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تراجع إلى النصف تقريباً في فبراير/شباط، وذلك بدعم من الإصلاحات المالية التي اتخذت في إطار اتفاق الدعم المالي مع الصندوق. وانخفض التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن إلى 12.8% في فبراير/شباط من 24% في يناير/كانون الثاني. 

وبفضل موافقة صندوق النقد على الشريحة الرابعة وترتيب بموجب تسهيل الصلابة والاستدامة، يتوقع محللون ومصرفيون أن يجدد المستثمرون الأجانب حيازاتهم إلى حد كبير في أذون خزانة مصرية بقيمة نحو 20 مليار دولار والتي تستحق هذا الشهر. وكثير من هذه الأذون اشتراها المستثمرون الأجانب. ومصر مثقلة بديون خارجية تضاعفت أربع مرات منذ عام 2015 لتصل إلى 155,2 مليار دولار بحلول سبتمبر/أيلول 2024. ويرتبط جزء كبير من هذه الديون بمشاريع البنية التحتية الكبرى، بما في ذلك بناء العاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة.

قراءة المقال بالكامل