طلاب الجامعات البريطانية في يوم وطني لسحب استثمارات من إسرائيل

منذ ٢ أيام ١٦

شارك مئات من طلاب الجامعات البريطانية في سلسلة نشاطات أتت في إطار اليوم الطالبي الوطني لسحب الاستثمارات من الاحتلال الإسرائيلي، وذلك في إطار إحياء "أسبوع الفصل العنصري الإسرائيلي" الذي يُنظَّم في شهر مارس/ آذار من كلّ عام في جامعات عديدة حول العالم. وقد دعت مجموعات طالبية عديدة، إلى جانب حركة التضامن مع الشعب الفلسطيني في المملكة المتحدة، إلى أوسع مشاركة في هذا اليوم، بهدف إنهاء "التواطؤ الدولي مع نظام إسرائيل القائم على التهجير والفصل العنصري والإبادة الجماعية"، بحسب ما جاء في بيان الجهات المنظمة لليوم الوطني.

وأفادت الجهات المنظمة بأنّ "في مواجهة الرعب الذي شهدناه، ومع استئناف إسرائيل الإبادة الجماعية بصورة شاملة (في قطاع غزة)، يُصعّد الطلاب تحركاتهم لإنهاء التواطؤ البريطاني" معها. أضافت، في بيانها نفسه، أنّ "الحكومة البريطانية تواصل تصدير مكوّنات طائرات إف-16 وإف-35 المقاتلة التي تستخدمها إسرائيل في حملاتها الجوية (في فلسطين)، وتواصل الجامعات البريطانية استثمار مئات آلاف الجنيهات الإسترلينية في شركات متواطئة في الإبادة الجماعية الإسرائيلية المستمرّة"، مشدّدةً على"وجوب أن نتكاتف لدعوة مؤسساتنا من أجل إنهاء هذا التواطؤ". ودعت إلى "التحرّك استجابةً للدعوة الفلسطينية لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات عليها، والتأكد من تنظيم حملات هادفة لإنهاء نظام الفصل العنصري كلياً في الجامعات".

وفي جامعة ساسكس بمدينة برايتون جنوبي بريطانيا، خرج اليوم عشرات الطلاب في مسيرة نظّمها عدد من النوادي الطالبية جابت مباني مختلفة في الحرم الجامعي، طالبت إدارة الجامعة بوقف تواطئها مع الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة. وقال أحد الطلاب المنظمين، مفضلاً عدم الكشف عن هويته، لـ"العربي الجديد": نشارك اليوم إلى جانب زملائنا الطلاب في الجامعات البريطانية الأخرى لنرفع صوتنا في وجه الإبادة الجماعية التي ترتكبها الحكومة الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، وكذلك في وجه إدارة جامعة ساسكس بسبب تواطئها في هذه الإبادة".

وبيّن الطالب نفسه أنّهم يطالبون بإقرار جامعة ساسكس بأنّ ما ترتكبه إسرائيل اليوم هو إبادة جماعية، وبأن توقف استثماراتها في مصرف باركليز المتهم بـ"تسهيل هذه الإبادة" على حدّ قوله، بسبب تعامله مع شركات أسلحة إسرائيلية. يُذكر أنّ جامعة ساسكس كانت قد خصّصت منحتَين دراسيّتَين للعام الدراسي المقبل يستفيد منهما طلاب فلسطينيون من قطاع غزة والضفة الغربية لدراسة الماجستير، علماً أنّ هذا من بين مطالب المخيم الطالبي الذي أُقيم في العام الماضي نصرة للفلسطينيين في غزة وسط حرب الإبادة الإسرائيلية.

هذا هو أسبوع الفصل العنصري الإسرائيلي السنوي

ويأتي أسبوع الفصل العنصري الإسرائيلي الذي يساهم فيه طلاب الجامعات البريطانية بناءً على دعوة دولية للتحرّك تطلقها اللجنة الوطنية الفلسطينية لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات عليها، وهو تقليد سنوي منذ أكثر من عشرين عاماً يشارك في تنظيمه حشد من منظمات التضامن الشعبية في جامعات عديدة حول العالم. وتشمل النشاطات تنظيم مسيرات واعتصامات وندوات وأمسيات ثقافية وعرائض احتجاجية للمطالبة بإنهاء كلّ أشكال التواطؤ مع الاحتلال الإسرائيلي والشركات والمؤسسات الشريكة في التعامل معه.

ومنذ انطلاق أسبوع الفصل العنصري الإسرائيلي، تبنّت نقابات طالبية عدّة في الجامعات البريطانية مواقف مؤيّدة لحراك مقاطعة إسرائيل، كذلك الأمر بالنسبة إلى نقابات واتحادات الأساتذة والعاملين في الجامعات. ويركّز حراك الطلاب في الجامعات البريطانية نشاطه، في آخر عام ونصف عام، على استثمار الجامعات البريطانية في شركات أو تعاملات مع مصارف لها مساهمات في شركات صناعة الأسلحة مثل بنك باركليز الذي يتعرّض لحملة متواصلة تدعو إلى مقاطعته كلياً.

يُذكر أنّ المركز الدولي للعدالة من أجل الفلسطينيين، الذي يتّخذ من لندن مقرّاً له، كان قد وجّه في مايو/ أيار 2024 رسائل إلى 82 جامعة بريطانية يُنبّهها فيها إلى احتمال تحمّلها مسؤولية جنائية عن أيّ استثمارات في كلّ من شركات الأسلحة والمستوطنات الإسرائيلية. وتُبلغ هذه الرسائل الجامعات بأنّ التربّح من الاستثمارات في شركات تُزوّد جيشاً بالسلاح ويستخدمه في ارتكاب جرائم حرب قد يُشكّل جريمة جنائية. كذلك تُبلغ الجامعات بأنّ القائمين عليها معرّضون للملاحقة القضائية في المملكة المتحدة أو في أيّ مكان آخر، على خلفية قيامهم بذلك.

وعلى الرغم من أنّ إدارة الجامعات لا توفّر، في الغالب، تفاصيل دقيقة حول استثماراتها الخارجية، فإنّ بحثاً أعدّه باحثون في حركة التضامن مع الشعب الفلسطيني خلص في عام 2022 إلى أنّ الجامعات البريطانية تستثمر مجتمعةً نحو 430 مليون جنيه إسترليني (نحو 557 مليون دولار أميركي) في شركات متواطئة في الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي، وهو مبلغ تقديري لما وفّرته الجامعة من معلومات عن استثماراتها.

جامعة كامبريدج تلجأ إلى القضاء لمنع الاحتجاجات

في سياق متصل، دان ناشطون وكذلك مجموعات حقوقية جامعة كامبريدج لحصولها على أمر قضائي من المحكمة العليا يحظر فعلياً الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في حرمها حتى 26 يوليو/ تموز 2025، واصفين ذلك بأنّه "هجوم مروّع على حرية التعبير". وأصدر القاضي جاستيس سول هذا الحكم قبل أقلّ من أسبوع، بالتزامن مع حفل التخرّج الأخير للعام الدراسي، الأمر الذي أدّى إلى إدانة واسعة النطاق بين الناشطين وجماعات حقوق الإنسان.

وعلّق مدير حملة التضامن مع فلسطين بن جمال على القرار القضائي، قائلاً إنّ "في الأسبوع الذي انتهكت فيه إسرائيل اتفاق وقف إطلاق النار وجددّت هجومها الشامل على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة بهدف الإبادة، ينبغي على جامعة كامبريدج اتّخاذ خطوات لإنهاء تواطئها في هذه الجرائم ودعم الطلاب الفلسطينيين، لا السعي إلى الحصول على صلاحيات صارمة لإسكاتهم".

من جهته، رأى المركز الأوروبي للدعم القانوني أنّ الأمر القضائي يُعَدّ انتهاكاً غير مبرّر لحقوق المتظاهرين الإنسانية، ويمثّل سابقة خطرة لإسكات المعارضة في الحرم الجامعي. كذلك أفاد بأنّ ما تأتي به الجامعة "بدا أنّه يستهدف تحديداً النشاط المؤيّد لفلسطين، مقارنةً إياه باحتجاجات أخرى مثل تلك الداعمة لأوكرانيا التي لم تخضع لقيود مماثلة".

واستند قرار المحكمة العليا إلى أنّ ثمّة "خطراً حقيقياً ووشيكاً" من جرّاء تكرار الاحتجاجات، التي سبق أن عطّلت الاحتفالات في السنوات السابقة، وهو ما ادّعته إدارة جامعة كامبريدج في طلبها لحظر الاحتجاجات الطالبية المتعلقة بفلسطين وإسرائيل في مناطق محدّدة بالحرم الجامعي. وقد لجأ عدد من الجامعات الأخرى، في الصيف الماضي، إلى القضاء بهدف فضّ الاعتصامات والمخيمات الطالبية الداعمة لقطاع غزة وسط الحرب الإسرائيلية عليه.

قراءة المقال بالكامل