ظاهرة انتحار النساء في العراق: هل تُخفي وراءها جرائم؟

منذ ٦ ساعات ٨

يزداد انتحار النساء في العراق، وتشمل الحالات مناطق مختلفة، وتظهر إحصاءات أن عددهن أكبر من الرجال، وأن الظاهرة تدق أبواب أسر آمنة تعيش في مناطق مستقرة، مثل محافظة نينوى (شمال)، التي شهدت ثلاث حالات انتحار نساء خلال الأيام الماضية، آخرهن سيدة في العقد الخامس أنهت حياتها أمس الأربعاء.

وأوضحت مصادر أمنية من نينوى أن الضحية من مواليد 1977، وهي ربة منزل، انتحرت بواسطة حبل في منزلها، ونُقلت جثتها إلى مستشفى بلدة تلعفر، غربي الموصل، ورجحت التحقيقات الأولية ارتباط دوافع الانتحار باضطرابات نفسية. وقبل ذلك شهدت محافظة نينوى حالتي انتحار، الأولى كانت ضحيتها فتاة من مواليد 2009 شنقت نفسها داخل منزلها في برطلة، شرقي الموصل، والثانية ربة بيت في حي العامل بالجانب الأيمن للمدينة أحرقت نفسها بمادة النفط الأبيض، وما زالت تتلقى العلاج في مستشفى الجمهوري بعد إصابتها بحروق بالغة.

ويؤكد متخصصون أن الوصمة المجتمعية وتأثيراتها النفسية تفاقم الظاهرة، إذ تمنع الحواجز الثقافية مصابين بحالات نفسية من طلب دعم فينتهي بهم الأمر إلى الانتحار، كما أن ضعف بنية الصحة النفسية ونقص الكوادر المؤهلة يفاقمان الأزمة ويتركان الضحايا في مواجهة معاناتهم من دون ملاذ آمن.

ويرى مراقبون وباحثون ونشطاء في قطاعات حقوق الإنسان والمجتمع المدني أن قسماً من هذه الحالات هي فعلاً جرائم تسجّل باعتبارها انتحاراً، وتحديداً في المناطق النائية والبعيدة عن مراكز المدن، وهم يتفقون على أن أسباباً رئيسية أخرى تقف وراء تفشي الظاهرة، مثل الظروف المعيشية الصعبة وانعدام الأمل في حصول تغيير، وعوامل نفسية مختلفة تُرهق المجتمع.

وحاولت الحكومة وضع حدّ للزيادة اللافتة في حالات الانتحار، وأقرّت الاستراتيجية الوطنية للوقاية من الانتحار للفترة بين عامي 2023 و2030، لكنها لم تذكر تفاصيلها باستثناء أنها تركّز على تعزيز فرص الحصول على رعاية صحية، وتكثيف جهود توفير مساعدة في مجال الصحة النفسية، ومعالجة الوصمة المرتبطة بها. وفي كل الأحوال لم تحدث هذه الاستراتيجية فارقاً على صعيد تقليص عدد حالات الانتحار في عموم البلاد.

وقال رئيس مركز رؤية بغداد للدراسات والإعلام محمود النجار، لـ"العربي الجديد": "تسجل حالات الانتحار في المناطق النائية والأقضية والنواحي البعيدة عن مركز مدينة نينوى، التي تعاني من مشاكل اقتصادية وسوء في الرعاية الصحية ويتفشى فيها العنف وظاهر الاعتداء على النساء والأطفال، وبالتالي تصبح حالات الانتحار محتملة، علماً أن محافظة نينوى هي أقل محافظة تسجل فيها حالات الانتحار نظراً إلى استقرار مجتمعها وخلوه من المشاكل". أضاف: "لا تستطيع الشرطة المجتمعية وقوات الأمن أن تتدخل مباشرة في الأزمة، لأن هذه المناطق محكومة بسلطة العشائر والعادات". 

من جهتها، أشارت الناشطة إسراء سلمان، في حديثها لـ"العربي الجديد"، إلى أن "نساءً كثيرات يُقتَلن لكن يُزعم أنهن انتحرن، وتتعدد الأسباب، لكن غالبيتها تقع ضمن الابتزاز الجنسي والإلكتروني وقضايا الشرف وغسل العار أو الخلافات حول قضايا الميراث، وغالبية النساء في العراق يقعن تحت قهر المجتمع، والذي يزداد في المجتمعات المغلقة".

وسجل العراق خلال الأعوام الماضية أرقاماً كبيرة في حالات الانتحار، بحسب ما أفادت تقارير أصدرتها السلطات الأمنية، والتي تحدثت عن 1100 حالة عام 2022، و1300 حالة في العام التالي. وعزا المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية خالد المحنا هذه الأرقام إلى "الكثافة السكانية والوضع الاقتصادي والبطالة، إضافة إلى العنف الأسري والابتزاز الإلكتروني".

 

قراءة المقال بالكامل