عاصفة الرسوم الجمركية مستمرة.. البحث عن تحالفات مواجهة وتسويات

منذ ١ أسبوع ٢١

عاصفة ردود الفعل متواصلة على الرسوم الجمركية الأميركية، وجديدها اليوم بحث الصين عن تحالفات مواجهة وتأكيد دول أُخرى على مساعي التسوية مع واشنطن. وفي هذا السياق، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم الجمعة، إن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب هذا الأسبوع تعليق الرسوم الجمركية التي فرضها على عدد كبير من الدول لمدة 90 يوما لا يوفر سوى "توقف هش".

وكتب ماكرون على إكس: "التعليق الجزئي للرسوم الجمركية الأميركية لمدة 90 يوما يرسل إشارة ويترك الباب مفتوحا أمام المحادثات. إلا أن هذا التوقف هش". وأضاف: "هش، لأن الرسوم الجمركية بنسبة 25% على الصلب والألمنيوم والسيارات و10% على جميع المنتجات الأخرى لا تزال سارية. إنها تمثل 52 مليار يورو (58.8 مليار دولار) بالنسبة للاتحاد الأوروبي! هش، لأن هذا التوقف لمدة 90 يوما يعني 90 يوما من الضبابية لجميع أعمالنا، على جانبي الأطلسي وما هو أبعد من ذلك". (الدولا= 0.8848 يورو). وجدد ماكرون التأكيد على أن فرنسا والاتحاد الأوروبي سيشكلان جبهة موحدة فيما يتعلق بالمفاوضات الرامية إلى التوصل إلى اتفاق وإلغاء الرسوم الجمركية الأميركية.

La suspension partielle des tarifs américains pour 90 jours est un signal et une porte ouverte à la négociation.

Mais cette pause reste fragile.

Fragile, car les droits de 25% sur l’acier, l’aluminium et l’automobile et les tarifs à 10% sur tous les autres produits…

— Emmanuel Macron (@EmmanuelMacron) April 11, 2025

موقف مجموعة اليورو من الرسوم الجمركية

بدوره، صرح رئيس مجموعة اليورو باسكال دونوهو، اليوم الجمعة، بأن الاتحاد الأوروبي سوف يستفيد من فترة تعليق الرسوم الجمركية الأميركية لمدة تسعين يوما للتوصل إلى حل بديل مع الرئيس ترامب. وفي تصريحات أوردتها وكالة بلومبيرغ للأنباء، وصف دونوهو، الذي يرأس اجتماع وزراء مالية منطقة اليورو، فترة تعليق الرسوم بأنها "نافذة فرصة". وقال إن بروكسل "سوف تبحث بشأن ما إذا كان يمكننا إيجاد بديل من خلال التفاوض عن طريق يقودنا جميعا إلى عالم فيه معدلات نمو أقل وتضخم أعلى وكثير من المخاطر التي تهدد التقدم الذي أحرزناه في السنوات الأخيرة". وذكر دونوهو أنه ما زال "واثقا للغاية من أن الأسس الاقتصادية للاتحاد الأوروبي مرنة وقوية".

ومن جانبه، صرح وزير المالية البولندي أندريه دومانسكي للصحافيين قائلا: "أعتقد أن أفضل استجابة هي التركيز على الاقتصاد الأوروبي نفسه، وعلى إعادة التنافسية إلى أوروبا". وأضاف: "أعتقد أننا بحاجة إلى إجابة أوروبية حقيقية، ولا أودّ أن أرى سباقا إلى القاع فيما يتعلق بدعم الصناعات".  يذكر أن الاتحاد الأوروبي هو أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة.

ترامب يشيد بموقف الاتحاد الأوروبي

وقد أشاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب يوم الخميس، بقرار الاتحاد الأوروبي بعدم الانتقام بعد فرض رسوم على الفور، واصفا إياه بأنه "ذكي للغاية". وقال إن الاتحاد الأوروبي كان مستعدا لإعلان إجراءات انتقامية ضد رسومه، لكنه لاحظ طريقة تعامل الولايات المتحدة مع الصين وقرر "تعلمون.. سوف نتراجع قليلا". وذكر في اجتماع وزاري: "أعتقد أنهم أذكياء للغاية". ولدى سؤاله عما إذا كان ينظر إلى الاتحاد الأوروبي باعتباره كيانا واحدا أو دولا منفردة أثناء المفاوضات، قال الرئيس "إننا ننظر إليه بما هو تكتل واحد".

ورغم إشادته، جدد ترامب اتهامه بأن الاتحاد الأوروبي تم تأسيسه لاستغلال الولايات المتحدة. وعلق ترامب أول أمس الأربعاء، رسوما خاصة على معظم الدول، باستثناء الصين، لمدة 90 يوما. وعلق الاتحاد الأوروبي، في رد فعل، الإجراءات المضادة التي وافق عليها بالفعل لحوالي ثلاثة شهور.

وفي وقت سابق، رحبت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين بإعلان ترامب تعليق الرسوم بشكل مؤقت. وقالت فون ديرلاين: "إنها خطوة مهمة نحو تحقيق الاستقرار في الاقتصاد العالمي". وأضافت: "يظل الاتحاد الأوروبي ملتزمًا بإجراء مفاوضات بناءة مع الولايات المتحدة، بهدف تحقيق تجارة سلسة ومتبادلة المنفعة".

الصين والبحث عن تحالفات بمواجهة الرسوم

وقد بدأ رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز زيارة إلى الصين اليوم الجمعة، في ثالث رحلاته إلى البلاد خلال عامين، في الوقت الذي تسعى فيه حكومته إلى تعزيز الاستثمار من العملاق الآسيوي وسط حالة عدم اليقين الاقتصادي العالمي الناجمة عن سياسة الرسوم الجمركية الأميركية الفوضوية.

والتقى سانشيز بالرئيس الصيني شي جين بينغ، ومن المتوقع أن يلتقي أيضا بقادة الأعمال من عدة شركات صينية، والتي يقوم الكثير منها بإنتاج بطاريات كهربائية أو تقنيات الطاقة المتجددة. وتأتي الزيارة في لحظة معقدة بالنسبة لأوروبا والصين. ويمكن أن تعني الرسوم الجمركية التي أعلن عنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأسبوع الماضي، ثم جرى تعليقها، أن يسعى الاتحاد الأوروبي إلى زيادة التجارة مع الصين، ثالث أكبر سوق استهلاكية في العالم بعد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

 كما أن هناك قلقا متزايدا داخل الاتحاد الأوروبي بشأن إغراق الصين للتكتل بسلع مخفضة نتيجة للرسوم الجمركية الأميركية، مما يضر بالمنتجين الأوروبيين. وقالت حكومة سانشيز إن إسبانيا، العضو في الاتحاد الأوروبي، تريد توسيع علاقاتها الاقتصادية مع الصين. وقال سانشيز بعد لقائه بالقادة الفيتناميين في هانوي أمس الخميس، حيث وقع اتفاقيات تجارية قبل زيارته لبكين: "الحرب التجارية ليست في صالح أحد. سنخسر جميعا".

تقاذف اتهامات بين واشنطن وبكين

من جانبه، انتقد وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت إسبانيا بسبب تحركها نحو الصين، قائلا يوم الثلاثاء الماضي إن "إسبانيا، أو أي دولة تحاول التقرب من الصين، ستقطع رقبتها بنفسها"، لأن المصنعين الصينيين سوف يرغبون في التخلص من السلع التي لا يمكن بيعها في الولايات المتحدة.

ومن بكين، قالت وزارة التجارة الصينية اليوم الجمعة، إن الوزير وانغ ون تاو تبادل وجهات النظر مع نظيريه السعودي والجنوب أفريقي بشأن الرد على "الرسوم الجمركية الأميركية المضادة". وأضافت أن المحادثات جرت في اتصالين منفصلين عبر دائرة تلفزيونية أمس الخميس، مضيفة أن الصين بحثت خلالها تعزيز التعاون الثنائي الاقتصادي والتجاري مع السعودية وجنوب أفريقيا. وقالت الوزارة إن وانغ بحث مع الوزير السعودي ماجد بن عبدالله القصبي سبل تعزيز التعاون مع مجلس التعاون الخليجي، بينما تناول في اتصاله مع وزير التجارة بجنوب أفريقيا باركس تاو دور مجموعة العشرين وتجمع بريكس.

وقد أكدت الولايات المتحدة أمس الخميس أن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على الصين بلغ مجموعها الآن 145%، وذلك بعد يوم من تعليق تطبيق التعريفات الجديدة لمدة 90 يوما على عدد من الدول. وأوضح البيت الأبيض، في بيان، أن معدل الرسوم الجمركية التراكمي على الصين سيبلغ فعليا 145%، يشمل رسوما جمركية جديدة بنسبة 125% على السلع، بالإضافة إلى رسوم الـ20% التي فرضت استجابة لأزمة الفنتانيل التي فرضها واشنطن في وقت سابق من العام.

وأشار البيت الأبيض إلى أن هناك رسوما جمركية على الدول لا تزال سارية، وهي "رسوم بنسبة 145% على جميع السلع الواردة من الصين، ورسوم بنسبة 25% تستهدف الألومنيوم والسيارات والسلع القادمة من كندا والمكسيك غير المشمولة باتفاقية "الولايات المتحدة-المكسيك-كندا"، ورسوم جمركية بنسبة 10% على جميع الواردات الأخرى".

رسوم صينية مضادة على أفلام هيوليوود

وأمس الخميس، قالت الصين إنها ستفرض قيودا فورية على واردات أفلام هوليوود مستهدفة أحد أبرز الصادرات الأميركية ردا على تصعيد ترامب للرسوم الجمركية على السلع الصينية المستوردة. وقال محللون في صناعة الترفيه إن التأثير المالي سيكون طفيفا على الأرجح، لأن عائدات شباك التذاكر لأفلام هوليوود في الصين انخفضت بشدة في السنوات القليلة الماضية.

وبعد ثلاثة عقود استوردت خلالها الصين 10 أفلام هوليوود سنويا، قالت الإدارة الوطنية للأفلام في بكين إن إجراءات ترامب الجمركية ستزيد من توتر الطلب المحلي على السينما الأميركية في الصين. وقالت الإدارة الوطنية للأفلام على موقعها الإلكتروني: "سنتبع قواعد السوق، وسنحترم خيارات الجمهور، وسنقلص قليلا عدد الأفلام الأميركية المستوردة".

وتطلعت استوديوهات هوليوود ذات يوم إلى الصين، ثاني أكبر سوق للأفلام في العالم، للمساعدة في تعزيز عائدات الأفلام. لكن الأفلام المحلية تزايد تفوقها على أفلام هوليوود في الصين، وتفوق فيلم "ني تشا 2" هذا العام على فيلم "إنسايد آوت 2"، من إنتاج شركة بيكسار، ليصبح فيلم الرسوم المتحركة الأعلى أرباحا. (الدولار= 7.3297 يوان صيني).

وقال كريس فينتون، مؤلف كتاب "إطعام التنين: في معضلة التريليون دولار التي تواجه هوليوود ودوري كرة السلة الأميركي للمحترفين والأعمال التجارية الأميركية"، إن وضع قيود على الأفلام أميركية الصنع "طريقة واضحة جدا لإصدار بيان للرد دون أي تأثير سلبي تقريبا على الصين". وتمثل أفلام هوليوود الآن 5% فحسب من إجمالي عائدات شباك التذاكر في السوق الصينية. وقال فينتون إن استوديوهات هوليوود تحصل على 25% فقط من قيمة مبيعات التذاكر في الصين، مقارنة بمثلي هذه النسبة في الأسواق الأخرى. وأضاف فينتون: "مثل هذا العقاب الواضح لهوليوود هو حركة قوة رابحة بلا أي خسائر بالنسبة لبكين، وستلاحظها واشنطن بالتأكيد".

وتوقع أحد مصادر صناعة الترفيه أن أفلام هوليوود الكبيرة التي لا تزال تجذب رواد السينما في الصين قد تصل إلى الشاشة الكبيرة. وحصل فيلم والت ديزني للأبطال الخارقين "ثاندربولتس" الذي يبدأ موسم الأفلام الصيفية الرائجة على إذن بعرضه في الصين في 30 إبريل/نيسان.

البرازيل تعطي الأولوية للتفاوض التجاري مع واشنطن

إلى ذلك، أعلنت وزيرة التجارة الخارجية البرازيلية تاتيانا برازيريس، الخميس، أن بلادها ستعطي الأولوية للمفاوضات التجارية مع الولايات المتحدة لمعالجة مسألة الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب، في الوقت الذي تواصل فيه توسيع اتفاقاتها التجارية مع دول أخرى كوسيلة لتعويض الضرر. وقالت برازيريس، في فعالية عبر الإنترنت نظمها مجلس الأعمال البرازيلي – الصيني، إن "الإرشادات من الوزير ونائب الرئيس جيرالدو ألكمين هي التفاوض، والتفاوض، والتفاوض، ولدينا حوار مفتوح مع السلطات الأميركية".

وواجهت الصادرات البرازيلية إلى الولايات المتحدة رسوما جمركية بنسبة 10% منذ الأسبوع الماضي. وقد خضعت صادرات الصلب، وهي من بين الصادرات البرازيلية الرئيسية إلى الولايات المتحدة، لرسوم جمركية بنسبة 25% منذ مارس/آذار. وتعد الولايات المتحدة ثاني أكبر شريك تجاري للبرازيل بعد الصين. وفي عام 2024، بلغ الفائض التجاري للولايات المتحدة مع البرازيل 28.6 مليار دولار في السلع والخدمات. وكان الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا قد صرح علنا بأن البرازيل لا تستبعد القيام برد انتقامي، لكنها تظل ملتزمة بالحوار مع الولايات المتحدة.

وقال مسؤول رفيع المستوى تحدث لوكالة أسوشيتد برس شرط عدم الكشف عن هويته، بدعوى أنه غير مخول بالتحدث علنا، إن مسؤولين برازيليين من وزارة الخارجية ووزارة الصناعة والتنمية عقدوا اجتماعات مع مسؤولين في إدارة ترامب على مدى أكثر من خمسة أسابيع. وبدأت المحادثات بعد أن فرضت الولايات المتحدة رسوما جمركية بنسبة 25% على واردات الصلب البرازيلي. ودافعت البرازيل عن وجهة نظرها بالقول إنها تمثل موردا رئيسيا للصلب شبه المصنع إلى الولايات المتحدة، مشددة على الطبيعة التكاملية للتجارة: فعلى سبيل المثال، السفن ذاتها التي تحمل الفحم الأميركي إلى البرازيل تعود محملة بالصلب شبه المصنع، وهو أمر مهم للصناعة الأميركية. كما حذر المسؤولون البرازيليون أيضا من أن معاقبة البرازيل قد تقوي المنافسين الآسيويين، خصوصا أولئك المدعومين من الصين.

قراءة المقال بالكامل