عدوان إسرائيلي على مخيم طولكرم: إخلاء منازل ونزوح مئات العائلات

منذ ٢ شهور ٣٥

يستمر عدوان جيش الاحتلال الإسرائيلي لليوم الثاني على التوالي على مدينة طولكرم ومخيّمها نور شمس شمال الضفة الغربية، بعد توسيع العملية العسكرية التي بدأها في مخيم جنين في الحادي والعشرين من الشهر الجاري وأطلق عليها اسم "الأسوار الحديدية". وشرع  الاحتلال في إجبار سكّان المخيم على النزوح من منازلهم بعد إنذارهم بمكبّرات الصوت وطائرات الدرون وبقوة السلاح، وسط أعمال تجريف واسعة استهدفت البنية التحتية والشوارع داخل المخيم، ما أدى إلى انقطاع الخدمات الأساسية من المياه والكهرباء.

وتنفذ قوات الاحتلال عمليات إخلاء في حارات المخيّم العشر، بدءًا من المناطق الشمالية فيه، وفق ما صرّح به أحد سكّان المخيم، ثائر دراغمة، في حديثه لـ"العربي الجديد".  وأوضح دراغمة قائلًا: "يعمل الاحتلال على إخلاء الحارات واحدة تلو الأخرى، فقد أجبر سكّان حارتي الشهداء والنوّاس على مغادرتها، كما يحوّل بعض المنازل إلى ثكنات عسكرية بعد تجريف الطرقات الفرعية التي تربط بين الحارات، إضافة إلى استيلائه على المنازل المطلة على المخيم من المناطق المرتفعة".

ويقطن دراغمة في حارة قاقون، التي تبعد مسافة مائة متر عن حارتي الشهداء والنوّاس، وأضاف: "الاحتلال يجبر العائلات على السير في طريق محدد يحتوي على نقاط تفتيش عسكرية، إذ يتم التدقيق في البطاقات الشخصية لسكان المخيم أثناء المغادرة، كما يفتّش عددًا آخر منهم وينفذ اعتقالات لم يُعرف عددها حتى الآن".

وأشار دراغمة إلى أن قوات الاحتلال تتمركز في جميع أزقة المخيم، وتحديدًا في شارع الوكالة الرئيسي، الذي يفصل أحياء الشرقية عن الغربية، وقامت آليات الاحتلال بتجريف الطرقات بعمق متر ونصف تحت مستوى الأرض، التي لم تكن معبّدة أصلًا بسبب الاقتحامات السابقة، ما أدى إلى انقطاع خطوط المياه عن المنازل. 

وفيما يخص حجم الأضرار التي لحقت بالممتلكات، أوضح دراغمة أن نحو 100 محل تجاري في منطقته، المحاذية لشارع الوكالة، قد تعرضت لتخريب جزئي بفعل أعمال تجريف طاولت لافتات وأبواب المحلّات.

يشاهد سكّان مخيم طولكرم ألسنة الدخان تتصاعد من بعض الأحياء دون معرفة مصدرها، وهل هي ناجمة عن أعمال حرق للمنازل أو نتيجة تفجير عبوات، وذلك في ظل استمرار الاشتباكات، وسط حصار يمنعهم من مغادرة منازلهم، وفقًا لما أفاد به دراغمة. ووصف دراغمة حال المخيم بأنه مأساوي وغير مسبوق من حيث حجم الحصار وسرعة تنفيذ الإخلاءات، إذ لا يستطيع أحد الدخول أو الخروج بسبب انتشار قناصة الاحتلال، إضافة إلى طائرات الاستطلاع (الدرون) التي تحلق باستمرار في سماء المخيم لرصد تحركات المواطنين، أما من يضطر للخروج فيكون ذلك بالإجبار من قوات الاحتلال، التي تحدد طريقًا وحيدًا للخروج، ومن يحيد عن هذا المسار يتعرض لإطلاق النار فورًا.

بدوره، أوضح رئيس اللجنة الشعبية في مخيم طولكرم، فيصل سلامة في حديث مع "العربي الجديد"، أن مئات العائلات أجبرت على مغادرة منازلها ولا يمكن تقدير عدد إجمالي بفعل انقطاع الاتصالات والكهرباء، ولأن عملية الاحتلال مستمرّة، وانتقلت إلى حارات "المربع، والمدارس، والبلاونة"، لا سيّما أن الاحتلال أبلغ العائلات بأن الاقتحام مستمرّ لمدة أسبوع قادم، مما أجبر الأهالي على المغادرة دون معرفة مصيرهم أو المدة الحقيقية التي يغيبون فيها عن منازلهم. 

 كما أقدم الاحتلال وفق سلامة، على إحراق ثلاثة منشآت في حارات المخيم صباح اليوم، ونفّذ عمليات هدم واسعة، خاصة في حارة البلاونة، حيث تم تدمير منزل مكوّن من ثلاثة طوابق بالكامل، وإسقاط أعمدته، بالإضافة إلى تدمير محال تجارية على طول الطريق الرئيسي. في الوقت ذاته، لا يُسمح لنا بالتحرك داخل المخيم لمتابعة ما يحدث أو توثيقه.

وتوسّع قوات الاحتلال عدوانها إلى خارج نطاق مخيّم طولكرم، بعد أن نفّذت عمليات اعتقال واسعة وتحقيقات ميدانية في المناطق المحاذية له، مثل اكتابا وذنّابا، بحثًا عن شبان مطلوبين للاحتلال، كما تم تجريف دوّار جمال عبد الناصر وسط المدينة، ومدخل محكمة طولكرم، في إشارة إلى أن هدف العملية هو تخريبي بدرجة أساسية، بحسب سلامة. 

كما يتمركز جيش الاحتلال على بعد أمتار من مستشفى ثابت الحكومي، ويفتش المركبات، سواء كانت إسعافات أو سيارات خاصة، متجهة نحو المشفى، كما يجري تدقيق صارم في الهويات، ما يزيد من حالة الحصار الكامل المفروض على المنطقة، والحيلولة دون وصول حالات مرضية إلى المستشفى.

وعن سؤال "العربي الجديد" حول وجهة العائلات النازحة، أجاب سلامة: "وجدنا مأوى مؤقتًا لهم في المساجد والأماكن العامة، وبعضهم لجأ إلى منازل الأقارب، ونحاول بدورنا توفير الاحتياجات الأساسية لهم، خاصة الأدوية لكبار السن وحليب الأطفال، من خلال التنسيق مع المؤسسات الإغاثية لتلبية احتياجات السكان في هذه الظروف القاسية".

قراءة المقال بالكامل