من يسمع نداء المحاصرين في غزة؟ من ينصت لدعوات المقاومة وهي تدعو الأحرار في العالم إلى الضغط على المجرم الصهيوني الذي عاد إلى الإبادة مجدداً؟ السبت الماضي، دعت حركة حماس الدول العربية والإسلامية وأحرار العالم إلى التظاهر رفضاً لاستئناف حرب الإبادة في قطاع غزة. وجاء في بيان الحركة: "ندعو أبناء أمتنا العربية والإسلامية وأحرار العالم إلى النزول في الشوارع والميادين ورفع الصوت عالياً، رفضاً لاستئناف حرب الإبادة الصهيونية ضد شعبنا في قطاع غزة".
لم تطلب المقاومة أي دعم لوجيستي أو عسكري، بل طلبت فقط الخروج إلى الشوارع والضغط على الضمير الدولي، لعله ينجح في كشف الإبادة التي عادت من جديد. لم تجد تلك النداءات، كسابقاتها، دعماً عربياً سريعاً وواضحاً وكبيراً يليق بحجم المأساة التي يعانيها الفلسطينيون في الأرض المحتلة. لكنها في المقابل شهدت، كالعادة، صدى في العاصمة البريطانية لندن، حيث نُظمت، السبت الماضي، تظاهرة حاشدة احتجاجاً على المجازر الإسرائيلية الأخيرة في قطاع غزة، عقب خرق إسرائيل اتفاق وقف إطلاق النار، ما أسفر عن سقوط مئات الشهداء والجرحى. وطالب المتظاهرون، الذين احتشدوا بالقرب من السفارة الإسرائيلية بإغلاقها وطرد السفيرة تسيبي حوتوفيلي من بريطانيا، بسبب انتهاكات إسرائيل المتكررة للقانون الدولي واستهدافها المتعمد للمدنيين، بمن فيهم الأطفال.
لم تفتُر أصوات بريطانيا على مدى الحرب الإسرائيلية الأميركية المدمرة على الأرض الفلسطينية، وكانت مع عدد من عواصم غربية أخرى، وعربية قليلة، صوتاً نابضاً بالحق، ومشدداً على ما تبقى من إنسانية لدى الشعوب، في مقابل الهمجية الإسرائيلية والأميركية التي تجرب كل أنواع القتل على العرب في كل مكان، بكل الطرق وبكل التكنولوجيا الممكنة.
وكشف المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، السبت الماضي، أن الاحتلال الإسرائيلي يستخدم "التعطيش" سلاحاً لتحويل قطاع غزة إلى مكان غير قابل للحياة، محذراً من "كارثة إنسانية غير مسبوقة" تهدد حياة الفلسطينيين عبر حرمانهم من مصادر المياه النظيفة والآمنة. وحذر المركز، في بيان بمناسبة اليوم العالمي للمياه الذي يوافق 22 مارس/آذار من كل عام، من "كارثة إنسانية غير مسبوقة تهدد حياة 2.3 مليون فلسطيني في غزة يعيشون واقعاً مروعاً يُحكم عليهم فيه بالموت البطيء، عبر تعطيشهم وحرمانهم بشكل ممنهج من مصادر المياه النظيفة والآمنة". ثم يأتي الرئيس الأميركي دونالد ترامب وحلفاؤه الغربيون، بربطات العنق الأنيقة، للحديث عن الإنسانية والحقوق والحريات، ويصفق بعضنا كثيراً على تلك المحاضرات.
