بدأت مغادرة جرحى الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وأصحاب الأمراض المزمنة والخطيرة عبر معبر رفح البري للعلاج في الخارج، وسط إجراءات مُعقدة خلافاً لما كان معمولاً به قبل السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وفي ظل انتقادات واسعة للعدد المحدود للدفعة الأولى التي غادرت القطاع أمس الأول السبت.
ويجري الإجلاء الطبي بالتنسيق بين وزارة الصحة الفلسطينية ومنظمة الصحة العالمية والسلطات المصرية، وبعد ثمانية أشهر من رفض الاحتلال السماح بإجلاء المرضى منذ اجتياحه لمعبر رفح ومحور صلاح الدين الحدودي في شهر مايو/أيار الماضي.
ووفق وزارة الصحة في غزة، فإن 37 من الجرحى والمرضى من أصحاب الإصابات والأمراض الخطيرة، غادروا السبت إلى مصر عبر معبر رفح، وغادر 46 مريضاً وجريحاً مع مرافقيهم، الأحد، في حين أن هناك قرابة 12 آلاف جريح ومريض في حاجة إلى العلاج في الخارج.
يقول الوكيل المساعد في وزارة الصحة بقطاع غزة، الطبيب ماهر شامية، إن ما جرى الحديث عنه بموجب اتفاق وقف إطلاق النار هو إجلاء أعداد كبيرة من المرضى والجرحى المُسجلين لدى وزارة الصحة، والحاصلين على تحويلات طبية للعلاج في الخارج. ويضيف لـ "العربي الجديد": "الآمال معقودة على أن يتم إرسال أعداد كبيرة من المرضى والجرحى خلال الفترة القادمة، ومن المتوقع أن يصلوا إلى دول يتلقون فيها خدمات طبية غير موجودة في قطاع غزة، مثل تركيا وقطر والإمارات والأردن وغيرها من الدول التي استضافت جرحى غزة في وقت سابق".
ويشير شامية إلى أن "هناك حالات خطيرة تتطلب إعطاءها أولوية في السفر من أجل استكمال علاجها، والحالات المستقرة يتم ترتيب سفرها وفق جدول زمني. فتح معبر رفح هو استحقاق لسفر الحالات التي لا يتوفر لها علاج في غزة، مثل مرضى الأورام والقلب، ومسألة التحويلات الطبية كانت مُيسرة قبل العدوان باتجاه الضفة الغربية، لكنها أصبحت معقدة بسبب العدوان على القطاع. الجريح والمريض الفلسطيني له أولوية في تلقي الخدمة العلاجية، وكل مريض سيكون معه مرافق واحد، في حين يجري الحديث عن خروج أكثر من مرافق وفق وعود حصلت عليها وزارة الصحة".
ويبين المسؤول الصحي أن "الآلية المعمول بها حالياً لنقل الجرحى والمرضى تتمثل في تجميعهم في مستشفى ناصر الطبي في خانيونس بإشراف من منظمة الصحة العالمية، ونقل الحالات الخطيرة عبر سيارات الإسعاف، ونقل الحالات غير الخطرة عبر حافلات إلى معبر رفح البري، وهناك تنتظرهم سيارات إسعاف وحافلات في الجانب المصري لنقلهم إلى مستشفيات مصر. الإجراءات معقدة أكثر من السابق، وذلك وفق ترتيبات يصر عليها الجانب الإسرائيلي. كل هذه التعقيدات والشروط الجديدة فرضتها الحالة الصعبة الناجمة عن العدوان".
بدوره، يأمل مدير وحدة المعلومات الصحية في وزارة الصحة بغزة، زاهر الوحيدي، أن يتم زيادة أعداد الحالات المرضية التي يُسمح لها بتلقي العلاج في الخارج، خصوصاً في ظل ارتفاع أعداد الذين يحتاجون إلى السفر. ويقول لـ "العربي الجديد"، إن "هناك أكثر من 10 آلاف تحويلة علاج لمرضى وجرحى جاهزة، وبانتظار السماح لهم بالسفر، وهم من جرحى الحرب، ومرضى الأورام وغيرها من الأمراض الخطرة، وكل يوم تأخير يمثل خطراً على حياة هؤلاء".
يضيف الوحيدي: "جميع الذين غادروا للعلاج في الخارج هم من الأطفال، وقد توفي اثنان من الأطفال الذين كان من المفترض سفرهم في الدفعة الأولى بسبب عدم تمكنهم من السفر سريعاً. يتم إجلاء الجرحى والمرضى إلى مصر، ومن ثم سيتم التنسيق لإجلائهم إلى دول أخرى، لكن لا توجد آلية واضحة حتى اللحظة حول الدول التي ستستضيفهم. 44% من الحالات خطيرة وطارئة، و56% حالات أقل خطورة، ويمكن أن تنتظر لفترة قريبة، لكن يستوجب سفرها أيضاً".
ويوضح: "هناك ما نسبته 3% من الحالات تحتاج إلى تدخل عاجل لإنقاذ الحياة، وينبغي السماح لهم بالسفر فوراً، فيما يحتاج 2800 طفل للعلاج في الخارج، من بينهم أصحاب الكسور المعقدة التي يصعب علاجها في غزة، وأشخاص يحتاجون جراحة وتأهيل، ومبتورو أطراف ومصابون بحروق من الدرجتين الثانية والثالثة. أخرج الاحتلال العديد من المستشفيات عن الخدمة خلال العدوان، إضافة إلى عدم توفر الرعاية الصحية والأدوية والمستلزمات الطبية الخاصة بالعمليات الجراحية، لذا لا يمكن علاجهم بالقطاع".
وخلّفت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة نحو 46 ألف شهيد فلسطيني، جلّهم من النساء والأطفال، فضلاً عن إصابة مئات آخرين، إضافة إلى تدمير مئات الآلاف من المنازل، وحرق وتدمير عشرات المستشفيات والعيادات الطبية.
