يعكف مسؤولو إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على بحث كيفية تنفيذ تعهّده بتحقيق المساواة في التعرفات الجمركية بين الولايات المتحدة والدول الأخرى، وسط مساعٍ مكثفة من مستشاريه للالتزام بالمهلة التي فرضها الرئيس على نفسه للإعلان عن الخطة بحلول الثاني من إبريل/نيسان.
وناقش المسؤولون مؤخرًا إمكانية تبسيط المهمة المعقدة، المتمثلة في تحديد معدلات جديدة للتعرفات لمئات من شركاء التجارة مع الولايات المتحدة، من خلال تصنيف الدول إلى ثلاث فئات جمركية، وفقًا لأشخاص مطلعين على مجريات هذه المناقشات نقلت عنهم صحيفة "وول ستريت جورنال"، رغم تأكيدهم أن الوضع لا يزال مرنًا وقد يتغير في الأسابيع المقبلة. لكن هذا المقترح استُبعد لاحقًا، وفقًا لمسؤول بالإدارة مطلع على المباحثات، والذي أضاف أن فريق ترامب لا يزال يسعى إلى وضع معدل مخصص لكل دولة على حدة.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، "لقد أوضح الرئيس أنه يريد تحقيق مبدأ المعاملة بالمثل الحقيقية مع جميع شركائنا التجاريين، وقد نوقشت العديد من الأفكار لتحقيق هذا الهدف بأفضل طريقة ممكنة"، مضيفةً: "كما وعد، سيعلن الرئيس ترامب عن خطته التجارية القائمة على المعاملة بالمثل مباشرة للشعب الأميركي والعالم في الثاني من إبريل/نيسان".
ترامب مصمم على المعاملة بالمثل
وكرر ترامب مرارًا أن التعرفات المتبادلة تعني "ما يفرضونه علينا، نفرضه عليهم"، وهي مهمة ضخمة تتطلب من المسؤولين إعداد معدلات جمركية مخصصة لمئات الدول والأقاليم التي تتعامل معها الولايات المتحدة تجاريًا حول العالم. وتأتي هذه الخطة إلى جانب تهديدات ترامب الأخرى بفرض تعرفات خاصة، مثل فرض 25% على الواردات من المكسيك وكندا بدعوى مكافحة تهريب الفنتانيل، وأخرى تستهدف قطاعات محددة مثل واردات الصلب والألمنيوم.
ونوقش اقتراح نظام التعرفات المبسط المكوّن من ثلاث شرائح، منخفضة ومتوسطة ومرتفعة، يوم الخميس الماضي في اجتماع حضره كل من كبيرة موظفي البيت الأبيض سوزي وايلز، ووزير التجارة هوارد لوتنيك، ووزير الخزانة سكوت بيسينت، والممثل التجاري الأميركي جيميسون غرير، ونائب كبير موظفي البيت الأبيض للسياسات ستيفن ميللر، ومدير مكتب الإدارة والموازنة روس فويت، وكبير المستشارين لشؤون التجارة والتصنيع بيتر نافارو.
ورغم مناقشة العديد من الاقتراحات، بما في ذلك مقترح الشرائح الثلاث، إلا أن المسؤولين قرروا في اجتماع لاحق يوم الجمعة استبعاد هذا الخيار، والاتجاه نحو إعداد معدلات خاصة بكل دولة. وأوضح المسؤول أن كيفية تحديد هذا المعدل لا تزال موضوعًا للنقاش داخل الفريق.
وتولى نائب الرئيس جيه دي فانس دورًا أكبر في جدول الأعمال التجاري لإدارة ترامب في الأسابيع الأخيرة، وقاد بعض المناقشات السياسية، كما شهدت الأسابيع الماضية عدة اجتماعات مطولة بين كبار مساعدي ترامب، من بينها اجتماع استمر لساعات في المرصد البحري، المقر الرسمي لنائب الرئيس في واشنطن. وتركزت الاجتماعات على كيفية إعداد سياسة جمركية شاملة تحقق أهداف ترامب وتوفر في الوقت نفسه بعض المرونة.
وقال مسؤول مشارك في المناقشات إن التعرفات المتبادلة ستُنفذ بالفعل، وأن الهدف هو تحديد كيفية تطبيقها وكيفية تحصينها ضد التحديات القانونية المحتملة. ومن المتوقع أن يتم الإعلان عن خطة التعريفات المتبادلة في الثاني من إبريل/نيسان، إلى جانب فرض رسوم إضافية بنسبة 25% على عدد من الصناعات، مثل السيارات وأشباه الموصلات والأدوية.
كما يدرس المسؤولون كيفية المضي قدمًا في تنفيذ الخطة دون إرهاق مكتب الممثل التجاري الأميركي، الذي يضم أكثر من 200 موظف ويُعهد إليه بمهمة إعداد خطة التعرفات المتبادلة. وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" قد ذكرت سابقًا أن تطبيق تعرفة مخصصة لكل شريك تجاري بناءً على الرسوم الجمركية والعوائق غير الجمركية قد يستغرق ستة أشهر أو أكثر. ومهما كانت الخطة النهائية، يتوقع المسؤولون أن تأخذ في الاعتبار الضرائب على القيمة المضافة التي تفرضها العديد من الدول الأخرى على الاستهلاك المحلي.
وعلى سبيل المثال، في المكسيك، تعادل ضريبة القيمة المضافة ضريبة مبيعات اتحادية بنسبة 16%، رغم أن بعض السلع والخدمات الأساسية معفاة أو تخضع لمعدلات أقل. وينظر فريق ترامب إلى هذه الضرائب منذ فترة طويلة على أنها تمييزية، نظرًا لأنه يتم استردادها للشركات المصدرة، في حين تُفرض على الشركات الأميركية التي تبيع في الدول التي تعتمد نظام ضريبة القيمة المضافة.
وكانت المكسيك وكندا قد حاولتا، خلال محادثاتهما مع الولايات المتحدة الأسبوع الماضي، إقناع مسؤولي إدارة ترامب بأنهما تستحقان أن تكونا ضمن الشريحة الأدنى من التعرفات. وذكر مصدر مطلع أن إحدى أولويات المكسيك هو أن يكون الفرق بين تعرفاتها وتلك التي تُفرض على دول أخرى كافيًا لجعلها وجهة جاذبة لتصنيع السلع وتصديرها إلى الولايات المتحدة.
وكانت الرئيسة المكسيكية، كلوديا شينباوم، قد صرحت الأسبوع الماضي أن بلادها ستنتظر حتى الثاني من إبريل/نيسان، قبل أن تقرر ما إذا كانت ستفرض إجراءات انتقامية ضد التعرفات الأميركية المتبادلة. وفي المقابل، رحّب المسؤولون الكنديون بمساعي الولايات المتحدة لمقارنة العلاقات التجارية بين الدول وفق نظام الشرائح، إلا أن المسؤولين الأميركيين أبلغوا الوفد الكندي، الذي ضم وزراء من الحكومة والسفيرة لدى الولايات المتحدة وزعيم مقاطعة أونتاريو، أن فرض التعرفات بات شبه مؤكد في الثاني من إبريل/نيسان.
