فوضى الرسوم الجمركية تجعل السندات الألمانية ملاذاً استثمارياً آمناً

منذ ٢٣ ساعات ٩
كما أسواق الأسهم الأوروبية واليورو، أصبحت السندات الألمانية الحكومية ملاذاً استثمارياً آمناً بدفع من التصعيد المتجدد للصراع بشأن الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة والصين، بعدما كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد علقها لغالبية الدول لمدة 90 يوماً. وقد بيّنت قراءات اقتصادية ألمانية، اليوم الخميس، إلى أن الحقبة التي كانت تشير إلى أن أميركا امتصت فيه لب التمويل والتجارة العالميين بتريليونات الدولارات من بقية دول العالم قد انتهى، وتحرك الركود في الأسواق المالية الأوروبية مع توجه المستثمرين إلى البحث عن ملاذات أخرى لاستثمار أموالهم نتيجة سياسات وأسلوب حكم ترامب غير المتوقعة التبعات.

وفي هذا الإطار، اعتبر هولغر شميدينغ، كبير الاقتصاديين في بيرنبيرغ بنك، في تصريح لـ"فوكوس أونلاين"، مساء الأربعاء، أن اتباع سياسة اقتصادية غير تقليدية تعرض المالية العامة وآفاق النمو في أي بلد للخطر، ويدفع مستثمري السندات الألمانية إلى التساؤل عما اذا كان الدين الحكومي خالياً من المخاطر، ومعرباً عن اعتقاده بأن يتباطأ النمو مستقبلاً في الولايات المتحدة، وبدلاً من التوجه نحو 2% على المدى الطويل لن يتجاوز1.6% أو حتى 1.4% إذا لم يتغير شيء في ما يتعلق بالرسوم الجمركية، وهذا ما سيصعب على الولايات المتحدة سداد ديونها.

وفي خضم ذلك، ذكر موقع فينانس ماركت فيلت" اليوم الجمعة، أن العديد من الأسماء الكبرى في قطاع التمويل تستعد لتحقيق المزيد من المكاسب في أوروبا، وأن شركات مثل غانغارد إنترناشونال تفضل السندات القصيرة الأجل في منطقة اليورو، مع توقعات لبنك غولدمان ساكس بأن يرتفع اليورو إلى 1.2 مع ضعف الجاذبية للدولار. أما بورصة فرانكفورت فبيّنت، أمس، أن أسعار السندات الفيدرالية الألمانية استفادت من الصراع بشأن الرسوم الجمركية وارتفعت العقود الآجلة للسندات الأوروبية الرئيسية بنسبة 0.2% إلى 131.3% نقطة.

ومع ما أظهرته إدارة ترامب من مدى السرعة التي يمكن بها تدمير الثقة في سوق السندات، اعتبر شميدينغ أنه وفي نهاية المطاف من الطبيعي أن يبحث المستثمرون عن بدائل أقل خطورة في ظل فوضى الرسوم التي فرضها ترامب، وأهمها السندات الألمانية الحكومية لما لها من عوامل انجذاب كبيرة، ولاسيما أن برلين لديها أدنى ديون بين جميع الدول الصناعية، فضلاً عن أنه ينظر إلى صناع القرار في ألمانيا، على الرغم من الانتقادات بفعل السياسة الداخلية المضطربة، بإيجابية لمكانتهم على المستوى الأوروبي ويتفوقون بمسؤولياتهم على نظرائهم الأميركيين، ويتلقون الإرشادات من قبل مؤسسات دولية على كفاءتهم ومصداقيتهم الكبيرة. ومن بين أمور أخرى، ستستفيد ألمانيا من انخفاض أسعار الفائدة على ديونها الجديدة، على أن تظهر السنوات القليلة المقبلة إلى أي مدى سوف يصل ارتفاع قيمة السندات الحكومية الألمانية لصالح المستثمرين.

في المقابل، برزت تعليقات ترى أن حجم سوق السندات الألمانية صغير للغاية بحيث لا يتمكن من لعب دور الملاذ الآمن على غرار سندات الحكومة الأميركية. وقد تؤدي السندات الأوروبية إلى زيادة في السيولة بشكل كبير وتمثل فرصة في ضوء ضعف الولايات المتحدة، رغم الديون المثيرة للجدل في العواصم الأوروبية. وفي رد مبدئي، اعتبر الباحث الاقتصادي يان مولر مع "العربي الجديد"، أنه ومع حال عدم اليقين المرتفعة للغاية في أميركا استفادت السندات الألمانية الحكومية بعدما تمكنت من الدفاع عن مكانتها ملاذاً آمناً، وعلى النقيض من السندات الأميركية التي تزايدت الشكوك حولها، محذراً من خطر انزلاق اقتصاد الولايات المتحدة إلى الركود بسبب ارتفاع الرسوم الجمركية على الواردات بشكل كبير، والخشية من أن يجر اقتصادات أخرى معه، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي وإلحاق الضرر بالعملة الموحدة وأصول أخرى.

ويضيف أن أهداف ترامب من الرسوم الإضافية كعودة الوظائف الصناعية إلى أميركا، وضمان الحصول على تنازلات من دول أخرى ضمن تكتيك التفاوض، فضلاً عن زيادة الإيرادات الحكومية من الرسوم الإضافية لتقليل ضرائب الدخل، تجاهلت في حقيقة الأمر العواقب السلبية. وعلى سبيل المثال، أن ذلك سيؤدي إلى ارتفاع أسعار العديد من السلع اليومية هناك بشكل كبير ما يحتم انخفاضاً للاستهلاك. وعليه، فإن ترامب أدخل بلاده في مغامرة صعبة، وببساطة إذا ما نظر الفريق الذي يقف وراء الرسوم الجمركية إلى نسبة العجز في التجارة الخارجية إلى إجمالي قيمة الواردات يتضح أنها ستسفر عن خفض النسبة المئوية إلى النصف تقريباً.

قراءة المقال بالكامل