في مواجهة الإبادة: صيادو غزة يصنعون مراكب من أبواب الثلاجات

منذ ١ أسبوع ١٣

بعد أن دمّر الجيش الإسرائيلي قاربه، لجأ خالد حبيب إلى الابتكار وقام بتحويل باب ثلاجة قديم إلى لوح عائم يركبه للصيد في ميناء غزة الذي لم ينجُ، كغيره من مناطق القطاع ومنشآته، من القصف الإسرائيلي المدمر خلال أكثر من خمسة عشر شهراً من الحرب التي فقد خلالها الصيادون سبل عيشهم، مثلهم مثلَ معظم سكان القطاع البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة.

يقول حبيب "الوضع صعب جداً، لم يتبقَّ قوارب صيد، جميع القوارب مدمرة ومكوَّمة على الشاطئ ومعاناة الناس كبيرة"، ويضيف أن الجيش الإسرائيلي "دمّر جميع قوارب الصياد" خلال حرب الإبادة. وأمام هذه الصعوبات، قرر حبيب أن يجرب صنع قارب من باب ثلاجة حشاه بالفلين لكي يطفو، وغطى سطحه بالخشب والجانب السفلي بالنايلون لحمايته من الماء.

على القارب المسطح المستحدث، يقف حبيب على اللوح الخشبي ويجدف وهو واقف. ولالتقاط السمك صنع أقفاصاً من الأسلاك، لأن شباك الصيد لم تعد متوفرة، ويستخدم لجذب السمك قطع خبز وعجينة يثبتها على فتحات القفص. قالت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) إن "متوسط الصيد اليومي في غزة انخفض بين أكتوبر/تشرين الأول 2023 وأبريل/نيسان 2024 إلى 7,3% فحسب من مستويات 2022، ما تسبب في خسارة إنتاجية قدرها 17,5 مليون دولار".

واندلعت الحرب في غزة إثر هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 على إسرائيل، الذي أسفر عن مقتل 1218 شخصاً، وفقاً للأرقام الإسرائيلية. بينما وأسفرت الحرب الإسرائيلية المدمرة التي خلفت كارثة إنسانية تفوق الوصف في غزة عن استشهاد ما لا يقل عن 48458 شخصاً غالبيتهم من المدنيين، وفق بيانات وزارة الصحة في غزة والتي تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.

انتشار الفكرة بين الصيادين في غزة

ويقول حبيب إنه حتى "مع وجود هدنة، إذا خرجنا من الميناء، الزوارق الإسرائيلية تطلق علينا النار.. أصيب عدد (من الصيادين) عندما دخلوا البحر.. لا نسطيع الدخول لمسافة كبيرة"، ويقول "كمية السمك التي أصيدها قليلة تكفي لاستهلاك عائلتي"، وأحياناً يبيع القليل في السوق الذي قلما يوجد فيه باعة أو متسوقون، خلافاً للحركة والنشاط اللذين كانا سائدين قبل الحرب، ويضيف إنه على الرغم من صيده الصغير، فإنه يحاول مساعدة الآخرين عبر بيع البعض منه "بسعر منخفض" على الرغم من ارتفاع الأسعار.

وأتاحت المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار في غزة، التي انتهت في الأول من آذار/مارس، دخول الغذاء والمساعدات الطبية التي تشتد حاجة الفلسطينيين إليها في القطاع المحاصر، وأعلنت إسرائيل في الثاني من مارس/آذار وقف دخول المساعدات إلى قطاع غزة الذي يخشى سكانه نقص الغذاء وارتفاع الأسعار.

ولاقت فكرة حبيب استحساناً لدى العديد من الصيادين خاصة الجيل الأصغر سناً، الذين صنعوا ألواحاً عائمة مماثلة، ويمكن للّوح العائم حمل ثلاثة أشخاص وأحياناً يُوضع كرسي عليه، حتى يستريح الصياد من الوقوف أثناء الصيد.

ويبدو حبيب سعيداً وهو يتابع الشباب والأطفال وهم يسبحون ويحاولون ركوب اللوح العائم والحفاظ على توازنهم، ويقول "لو أنشأنا جيلاً جديداً يتعلم السباحة وصنعنا له قوارب من أبواب الثلاجات سيتعلم الجميع السباحة والتجديف وخوض غمار البحر، وهذا أفضل لهم".

(فرانس برس)

قراءة المقال بالكامل