"فيتش راتينغ": رفض الإصلاحات الهيكلية سيزيد البطالة في تونس

منذ ٢٣ ساعات ١٠

رجّح تقرير لوكالة "فيتش راتينغ" العالمية للتصنيف الائتماني، بشأن تأثيرات الرسوم الجمركية الأميركية على السلع الاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أن يؤدي استمرار رفض سلطات تونس تنفيذ الإصلاحات الهيكلية التي أوصى بها صندوق النقد الدولي، إلى مزيد من ضعف النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة.

وقال التقرير، الصادر قبل يومين، إن "تونس ستزيد اعتمادها على البنوك المحلية وزيادة الضرائب لتمويل العجزين المالي والخارجي، وهو ما يُبقي الاقتصاد عرضة للصدمات، على غرار التقلبات المناخية". واعتبر التقرير أن سعي سلطات تونس إلى معالجة المشكلات الاقتصادية الهيكلية دون تنفيذ إصلاحات جوهرية، يبقي السوق عرضة للصدمات الخارجية، ما قد يؤدي إلى تفاقم نقص السلع الأساسية.

وتعاني تونس من نسب بطالة مرتفعة تصل إلى حدود 16%، وفق بيانات رسمية نشرها معهد الإحصاء خلال الربع الثالث من العام الماضي، كما تشهد الأسواق اضطرابات متكررة في توفر السلع الأساسية الموردة وارتفاعًا في أسعارها. وبحسب وكالة التصنيف، لا تزال الحكومة التونسية تواجه ضغوطًا مالية وخارجية متزايدة، ما يحد من قدرتها على تمويل واردات السلع، خاصة المدعومة منها، مما أسهم في تفاقم النقص الحالي.

وأشارت وكالة فيتش إلى أن هشاشة الاقتصاد والعوامل المناخية قد تؤدي إلى استمرار تفاقم نقص السلع وبقاء الضغوط التضخمية مرتفعة، ما يحد من فاعلية التدابير الحكومية الجديدة الهادفة إلى تعزيز القدرة الشرائية للأسر ذات الدخل المحدود والفئات الضعيفة. ووفقًا للتقرير ذاته، فإن الأزمة الاجتماعية والاقتصادية ستشكل تحديًا للرئيس قيس سعيّد خلال ولايته الثانية.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2024، انتُخب الرئيس التونسي قيس سعيّد لولاية ثانية مدتها خمس سنوات، بنسبة تجاوزت 90% من الأصوات. وبحسب تقرير "فيتش"، قد يؤدي نقص المياه إلى إثارة احتجاجات محلية في تونس وزيادة الغضب الشعبي تجاه الحكومة والرئيس سعيّد. 

وعلى مدى السنوات الخمس الماضية، واجهت تونس موجات جفاف شديدة أدت إلى انكماش حاد في القطاع الزراعي، ونقص كبير في المياه، ما اضطر الحكومة إلى رفع أسعار مياه الشرب بنسبة 16% في عام 2024. ولم تستبعد وكالة التصنيف أن تشكل القضايا المناخية وملف الأمن المائي ضغطًا إضافيًّا على علاقات تونس مع الجزائر، لكنها رأت أن المصالح المتبادلة ستساعد البلدين على إدارة الخلافات بينهما.

وتشترك تونس مع كل من الجزائر وليبيا في مائدة المياه الجوفية الواقعة في شمال غرب الصحراء، والتي تُعد من أكبر طبقات المياه الجوفية في العالم، بمساحة تزيد عن مليون كيلومتر مربع. وفي يناير/كانون الثاني 2025، زار وزير الخارجية التونسي، محمد علي النفطي، الجزائر لمناقشة قضايا الأمن المائي، بعد استغلال الجزائر المياه الجوفية المشتركة، وبناء سدود على نهر مجردة، الذي تتقاسمه مع تونس، ما أثر على تدفق النهر في وقت تعاني فيه تونس من جفاف حاد.

وجاءت هذه الزيارة في أعقاب توقيع اتفاقية إدارة المياه الثلاثية بين تونس والجزائر وليبيا، والتي تهدف إلى منع التوترات المتعلقة بالمياه بين الدول الثلاث، والمضي قدمًا في مشاريع مياه مشتركة. واستبعدت وكالة "فيتش راتينغ" أن يؤدي ملف المياه المشتركة إلى توترات سياسية كبيرة بين تونس والجزائر وليبيا، معتبرة أن مياه المائدة الجوفية ليست كافية لمعالجة نقص المياه على المدى القصير، بسبب ضعف الاستثمارات في مشاريع البنية التحتية للمياه.

واعتبرت الوكالة أن "تصاعد السخط الشعبي وارتفاع خطر نقص المياه في المستقبل سيكون اختبارًا للعلاقات بين تونس والجزائر، رغم أن المصالح المتقاربة لرئيسي البلدين ستُبقي على متانة التعاون الثنائي". لكن "فيتش" لم تستبعد أن يتبنى الرئيس التونسي قيس سعيّد نهجًا أكثر تشددًا في المفاوضات مع الجزائر بشأن ملف الأمن المائي، وقد يُلوّح بإمكانية الانسحاب من الاتفاقية، وفق تقديرها.

قراءة المقال بالكامل