قبائل باكستان مستاءة من قتل الجيش مدنيين

منذ ١ أسبوع ١٥

لاقت حوادث قتل مدنيين، معظمهم فقراء عُزل، في عمليات عسكرية نفذها الجيش الباكستاني في مناطق القبائل، ردات فعل غاضبة من السكان الذين رفضوا التذرع بأنّ العمليات استهدفت مسلحين، خصوصاً أن بعضها نُفّذ على مراحل 

باشر الجيش الباكستاني استخدام سلاح الجو في المدن بعد مناطق القبائل، مع تأكيده أنّ عملياته البرية والجوية أسفرت عن سقوط مسلحين باعتبارهم المستهدفين، من دون سقوط مدنيين. لكن شهوداً تحدثوا أنّ العمليات أدت في كثير من الأحيان إلى مقتل مدنيين عُزل، وهذا ما حصل في مدينة مردان المجاورة لمدينة بشاور مركز إقليم خيبربختونخوا القبلي (شمال غرب) في 29 مارس/ آذار حين قتِل عشرة مواطنين من بينهم نساء وأطفال.
وأصر مسؤولون حكوميون وضباط في الجيش على أن غارة 29 مارس استهدفت مسلحين كانوا ينشطون في المنطقة، لكنّ زعماء قبليين وسكاناً في المنطقة أكدوا أن جميع القتلى كانوا رعاة المواشي ومن عامة الناس، ومعظمهم فقراء قتلوا على مراحل. ويروون أنه بعدما استهدفت طائرة مسيّرة منزلاً قتِل داخله رجل وامرأة وطفل تجمّع الناس حولهم من أجل إخراجهم فاستهدفوه بصاروخ ثانٍ ثم ثالث ما أسفر عن سقوط عشرة قتلى. 

يقول وزير خان يوسف زاي، أحد سكان المنطقة الذي كان من بين أوائل من وصلوا إلى المنزل المستهدف، لـ"العربي الجديد": "نعرف هذه الأسرة منذ فترة بعيدة. أفرادها فقراء وتعمل نساؤها في منازل الآخرين، ورجالها في الحقول إذ كانوا يرعون الأغنام والمواشي لحساب سكان القرية مقابل أجور بعدما استأجروا منزلاً قرب الجبل". يتابع: "سمعنا ليل 29 مارس/ آذار صوت تفجير كبير. وحين خرجنا من المنازل رأينا أعمدة دخان تخرج من المنطقة التي تعيش الأسرة فيها فتحركنا صوبها وبعد دقائق وقع تفجير ثانٍ ثم ثالث، ورأينا تحليق طائرات بعدما نفذت مهمة قصف المنطقة". يضيف: "حين وصلنا إلى المنزل المستهدف رأينا أنه مدمّر، وأن لحوم الناس اختلطت مع لحوم الأغنام والأبقار، وأول ما رفعته شخصياً من تحت الركام كان رأس طفل ثم يده، ثم جمعنا الأشلاء في أكياس من دون أن نملك أي معدات، وكانت المنطقة بعيدة وعدد المنقذين قليلاً لذا كانت المشاهد صعبة جداً". ويذكر وزير خان أن "قول الحكومة والجيش إن العملية نفِّذت ضد مسلحين كذب محض، إذ رأينا الجثث ووضعناها في الشارع الرئيسي، وطالبنا خلال احتجاج بأن تأتي الحكومة والسلطات الأمنية لرؤية الجثامين كي تتأكد أنها تعود لمدنيين عُزّل فقراء لم يكن في منزلهم أي نوع من السلاح أو فأس أيضاً. كانت الأسرة تعمل في خدمة الناس وترعى الأغنام والأبقار مقابل أجر شهري، وقد قتِل كل أفرادها باستثناء شخص واحد لم يوجد في المنزل، وأيضاً كل المواشي والأغنام والأبقار التي كانت معهم في تلك الليلة، وعددها 40 رأساً".

ويقول ناشط في مدينة مردان نفسها يدعى شاهد الله إبراهيم خان لـ"العربي الجديد: "قتل أبرياء جريمة كبيرة ترتكبها الحكومة والجيش، والأكثر بشاعة والذي يثير استياء مواطنين إعلان السلطات أن القتلى إرهابيون ومسلحون، لكنها تعرف أن أفراد الأسرة المسكينة والأطفال العزل والنساء المسكينات كن يشتغلن في خدمة المواشي والحيوانات، أو في خدمة بيوت الناس مقابل الحصول على أموال زهيدة أو طعام أو ملابس. هؤلاء هم من سمتهم الحكومة إرهابيين، هذا أمر مؤسف جداً".

وفي تعليق على قتل مدنيين في عمليات الجيش، قال زعيم حركة حماية البشتون، منظور بشتين، في كلمة نشِرت على منصات التواصل الاجتماعي في 7 إبريل/ نيسان الجاري: "تملك الحكومة والجيش نيات خطيرة جداً، ونتوقع أن يسقط  مواطنون كثيرون من العامة في مخططات الجيش الباكستاني، وقد رأينا أحداثاً كبيرة أسفرت عن سقوط ضحايا مدنيين، وهي لا تزال متواصلة، إذ قتلت طفلة في مقاطعة خيبر القبلية أخيراً، وجاء ذلك بعد يومين من مقتل شاب في إقليم وزيرستان. وأعتقد بأنه بمجرد أن تنتهي الحكومة من قضية اللاجئين الأفغان ستبدأ تطبيق خطة للقضاء على قوة قبائل البشتون في باكستان، وستُراق دماء أبناء القبائل بحجةٍ ما، وهذا أمر غير مقبول، لذا نستعد لأن نتخذ قرارات مؤثرة جداً لأن تلك الصغيرة لم تعد مجدية في وجه هذا النظام".
لاقت أحداث قتل المدنيين ردات فعل غاضبة من قبل الشعب والقبائل. مثلاً حين حصلت حادثة مردان شهدت المدينة والمناطق المجاورة تظاهرات حاشدة شاركت فيها كل الأطياف. وحمل المشاركون معهم الجثامين، ورغم أنّ وسائل الإعلام الباكستانية لم تغطِّ القضية بشكل كافٍ، كان صدى التظاهرات كبيراً في الأوساط الشعبية ووسائل التواصل. أيضاً حين قتلت طفلة في مقاطعة خيبر القبلية خرجت تظاهرات غاضبة إلى الشوارع، وهاجم المشاركون حواجز ومقارّ أمنية، ولا يزال يتواصل غضب القبائل، ويشهد إقليم وزيرستان القبلية أيضاً اعتصاماً مفتوحاً منذ يومين بسبب مقتل مدنيين في العمليات الأخيرة للجيش.

قراءة المقال بالكامل