قطر والولايات المتحدة.. علاقات تعليمية وثقافية متنامية عززتها الشراكات الاستراتيجية

منذ ٧ ساعات ١١

علاقات متنامية ومتطورة شهدتها السنوات الأخيرة بين دولة قطر والولايات المتحدة الأمريكية في قطاعات التعليم والثقافة والبحث العلمي والتعاون الأكاديمي، نتيجة تعزيز الشراكات الاستراتيجية بين البلدين الصديقين في العديد من المجالات ذات الاهتمام المشترك.
وتجمع البلدين روابط وثيقة وعلاقات ممتدة على مدار سنوات وتفاهمات في العديد من القضايا والأمور المشتركة، ما ساهم في ترسيخ الشراكات الأكاديمية والثقافية وبناء جسور التعاون في مجالات التعليم العالي والبحث العلمي وغيرها من القطاعات الهامة، بما يصب في صالح البلدين الصديقين.
ويحظى التعاون بين دولة قطر والولايات المتحدة في المجال التعليمي والثقافي بأولوية في الحوار الاستراتيجي السنوي الذي يعقد بالتناوب بين كل من الدوحة وواشنطن منذ العام 2018، إذ يسعى البلدان إلى الارتقاء بالشراكة في قطاعات التعليم العالي والابتكار والبحث العلمي والعمل الشبابي وفتح فرص التبادل الطلابي، بما من شأنه تعزيز التفاهم الثقافي والحضاري وترسيخ ما يعرف بـ "الدبلوماسية التعليمية".
ولعل ما يؤكد اهتمام البلدين بالارتقاء بالشراكات التعليمية والثقافية، حرص البيان المشترك الصادر عن الجولة الأولى للحوار الاستراتيجي بين دولة قطر والولايات المتحدة في العام 2018 على تأكيد التزام البلدين بتعزيز التعاون في مجالات الرياضة والتعليم والصحة والفنون والثقافة، إلى جانب المجالات الأخرى.
وفي الجولة الثانية من الحوار الاستراتيجي عام 2019 وقع البلدان مذكرة تفاهم في مجال التعليم لمواصلة بناء واستدامة الشراكات الرئيسية في مجالات التعليم الابتدائي والثانوي والعالي وتعليم اللغة الإنجليزية واللغة العربية وتقديم المشورة للطلاب وتشجيع التبادل الأكاديمي وإتاحة مجموعة واسعة من خيارات الدراسة بالخارج لتمكين الطلاب من تحقيق أهدافهم الشخصية والمهنية.
وأكد البلدان أهمية التعاون في مجالي التعليم والثقافة، ويظهر ذلك بوضوح في إدراج التعليم والثقافة في الحوار الاستراتيجي والتوقيع على مذكرات تفاهم وخطابات نوايا حول التعاون الثنائي في مجالي التعليم والثقافة، كما عبر البلدان عن أهمية استمرار التعاون المتبادل في هذه المجالات، واتفقا على الاستمرار في العمل من خلال مكتب التربية والثقافة التابع لوزارة الخارجية الأمريكية.
وتحظى مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع والجهات التعليمية التابعة لها باهتمام كبير من قبل المؤسسات التعليمية الرائدة في الولايات المتحدة، نظرا لما تقوم به مؤسسة قطر من جهود بارزة في سبيل تقديم خدمات تعليمية متميزة من خلال برامج تعليمية وبحثية وثقافية عالمية المستوى، بالتعاون مع كبريات المؤسسات العالمية.
وحرصت دولة قطر والولايات المتحدة في البيان المشترك الصادر عن الحوار الاستراتيجي الثالث عام 2020 على التأكيد على أهمية تعزيز الروابط بين شعبي البلدين واستعراض التقدم حول تنفيذ مذكرة التفاهم حول التعاون التربوي وخطابات النوايا بشأن التعاون الثقافي الموقعة عام 2019، كما أكد البلدان في البيان الصادر عن الجولة الرابعة للحوار الاستراتيجي عام 2021 أهمية توسيع التبادلات المهنية والأكاديمية القائمة على الأبحاث ورحبا بالتنسيق المستمر مع اختتام العام الثقافي لقطر والولايات المتحدة 2021.
وكانت ملفات التعاون في مجال التعليم والتبادلات التربوية والثقافية حاضرة كذلك في الجولة الخامسة للحوار الاستراتيجي بين البلدين، كما شدد البلدان خلال الجولة السادسة من الحوار على أهمية تعميق الروابط بين الشعبين من أجل تعزيز التنوع والاندماج والتميز المؤسسي، وناقش المسؤولون القطريون والأمريكيون مجالات تعاون إضافية، بما في ذلك زيادة التبادلات الأكاديمية المهنية والبحثية، حيث وقعت الحكومتان مذكرة تفاهم لافتتاح أول "ركن أمريكي" في قطر منذ العام 2014 في كلية المجتمع بدولة قطر.
وفي إطار تعزيز العلاقات التعليمية كذلك، أعلنت وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي مطلع العام الماضي عن خطط لتعزيز التحاق الطلاب القطريين بمؤسسات التعليم العالي الأمريكية في كل من قطر والولايات المتحدة، فضلا عن تعزيز التعاون وفقا لبرنامج "فولبرايت" للباحثين الزائرين، والذي يهدف إلى تعزيز التفاهم التعليمي المتبادل بين البلدين وتوفير ما يحتاجونه لإجراء تجارب أبحاثهم، بالإضافة إلى البرامج الأخرى لتعزيز التعاون العلمي والبحثي بين الجانبين.
وفي إطار تعزيز التعاون الحيوي في قطاعات التعليم والبحوث والتكنولوجيا بين دولة قطر والولايات المتحدة الأمريكية، حرص البلدان على عقد مشاورات رفيعة المستوى بين الوكالات المعنية حول التكنولوجيا الناشئة، لمناقشة مخاطر وفوائد الذكاء الاصطناعي، انطلاقا من الحاجة الملحة إلى تطوير ونشر الذكاء الاصطناعي بشكل مأمون وجدير بالثقة.
وقررت كل من دولة قطر والولايات المتحدة استكشاف سبل تعميق التعاون في مجال التقنيات الناشئة لتعزيز الصحة العالمية والأمن الغذائي والتعليم والطاقة ومكافحة تغير المناخ.

وترتبط دولة قطر والولايات المتحدة الأمريكية بجملة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم والبرامج والمشاريع التعليمية والثقافية المشتركة، التي تهدف إلى تعزيز التعاون التربوي والتعليمي والثقافي بين البلدين، ما أسهم بدوره في تحقيق التقارب والتواصل بين الشعبين الصديقين وأدى إلى تبادل الوفود الطلابية والخبراء والعلماء والباحثين، وذلك استنادا إلى إرث من القيم الاجتماعية والتاريخية والوعي الحضاري والثقافي المشترك.
ويعكس افتتاح 6 جامعات أمريكية مرموقة فروعا في دولة قطر التطور الكبير في العلاقات القوية والمتنامية بين قطر والولايات المتحدة في قطاع التعليم العالي، كما يؤكد الحرص المشترك على تبادل المعرفة والاستفادة منها ومواكبة تطورات العصر، حيث تضم منظومة التعليم العالي في مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع جامعات كارنيجي ميلون وجورجتاون ونورثويسترن وتكساس إي أند أم وفرجينيا كومنولث وكلية طب وايل كورنيل الأمريكية، والتي تقدم خدمات تعليمية متميزة.
ويستفيد خريجو هذه الجامعات والطلبة الذين يواصلون مسيرتهم الأكاديمية فيها من التعلم في بيئة معرفية فريدة ومترابطة، أسستها مؤسسة قطر وطورتها على مدار ثلاثين عاما، ويحصلون على تعليم عالمي المستوى في مجالات الطب والهندسة والفنون والتصميم والاتصالات والشؤون الدولية وعلوم الحاسوب وغيرها من المجالات الأكاديمية.
في المقابل يتلقى مئات الطلبة القطريين دراساتهم الجامعية وفوق الجامعية في العديد من الجامعات الأمريكية لنيل شهادات البكالوريوس والماجستير والدكتوراة، فيما انتشرت مناهج اللغة العربية للطلاب الأمريكيين في جامعات مثل جورجتاون أو من خلال برامج تشرف عليها مؤسسة قطر الدولية التابعة لمؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع والتي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها، وذلك بهدف ربط الثقافات والنهوض بالمواطنة العالمية من خلال اللغة العربية والتبادل الثقافي العربي.
ويؤكد الجانبان القطري والأمريكي عبر الحوار الاستراتيجي بينهما على أهمية تعزيز الروابط بين الشعبين في المجالات التعليمية والثقافية المختلفة، وبمقتضى مذكرة التفاهم الموقعة عام 2019، اتخذ البلدان العديد من الخطوات الهامة من أجل الاستمرار في بناء شراكات مهمة في مجالات التربية والتعليم، بما في ذلك زيادة التبادلات المهنية والأكاديمية من خلال برامج التربية والشؤون الثقافية.
وتنخرط قطر والولايات المتحدة في عدد كبير من الأبحاث وبرامج التبادل التعليمي والثقافي الدولي التي أفادت المجتمعين القطري والأمريكي، من بينها برنامج الرحالة العالمي لربط الثقافات واستكشاف العلوم، برعاية سفارة الولايات المتحدة لدى الدولة، الذي يعرف بنظام "STEM"، ويهدف إلى إطلاع طلاب المدارس الثانوية في قطر على العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، بالإضافة إلى تزويد الطلاب بالمعرفة اللازمة لإيجاد حلول عالمية لقضايا البيئة والطاقة المحلية من خلال التعاون والتبادل المرئي مع نظرائهم في المدارس الثانوية بالولايات المتحدة.
ويعد معهد قطر أمريكا للثقافة، الذي تأسس عام 2017، صرحا ثقافيا قطريا شامخا بالعاصمة الأمريكية واشنطن، حمل على عاتقه إثراء التبادل الثقافي والتعليمي بين البلدين على مدى السنوات الماضية، كما أنه أضحى من المعالم والرموز الثقافية المعروفة في العاصمة الأمريكية مع تزايد أعداد رواده عاما بعد عام.
ويوفر معهد قطر أمريكا للثقافة بيئة فريدة للتجارب التفاعلية الشاملة للاحتفاء بالفن والثقافة من خلال المعارض الفنية والبرامج التعليمية والبحث العلمي والشراكات الثقافية، كما أصبح مركزا أساسيا في جمع الفنانين وخبراء المتاحف ورواة القصص والمبدعين والعلماء والأكاديميين وربطهم بشبكة عالمية تمتد من مقره في واشنطن إلى جميع الولايات المتحدة وكل أنحاء العالم.
وكان العام الثقافي قطر- أمريكا 2021 أحد ثمار الحوار الاستراتيجي بين البلدين، إذ شهد العديد من المبادرات الثقافية والفعاليات والمعارض المتنوعة، إلى جانب العروض السينمائية والفنية، ما عزز التواصل بين الشعبين ووفر فرصة كبيرة للتبادل الثقافي، وفي هذا السياق جاء تدشين فعالية "مؤتمر المبدعين" في واشنطن، بحضور شخصيات قطرية وأمريكية بارزة، كما نظمت متاحف قطر معرضا هو الأول من نوعه في منطقة الخليج العربي لأعمال الفنان الأمريكي جيف كونز، فضلا عن معرض "درر العجائب: حقبة رقمية" الذي أقامته في ساحة الفن المعاصر (لافان 541) بنيويورك وسلط الضوء على جانب مهم من التاريخ والثقافة القطرية في صيد اللؤلؤ، وعرض مجموعة من الأعمال الجديدة لخمسة فنانين قطريين أبرزوا خلالها جوانب مهمة من تراث وتاريخ قطر للجمهور الأمريكي.
وفي إطار التعاون التعليمي الاستراتيجي المتميز بين دولة قطر والولايات المتحدة، أبرمت مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع اتفاقيات مع مؤسسات أمريكية للتعاون والشراكة في المجالات التعليمية والبحوث ذات الصلة بالمياه والتغير المناخي والطب وتبادل الخبرات في مجال الابتكار وتدريس مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات واستكشاف فرص توفير التعليم الرقمي وتطويره والتعاون البحثي المرتكز على الاستدامة، بالإضافة إلى العديد من الشراكات بين جامعة قطر وغيرها من الجامعات والمؤسسات التعليمية القطرية مع عدد من المؤسسات التعليمية والأكاديمية والبحثية الأمريكية.
وتحرص دولة قطر والولايات المتحدة على الاستثمار في المبادرات التعليمية والثقافية والبحثية الحيوية على المستويين المحلي والعالمي للارتقاء بالأجيال الصاعدة، وذلك انطلاقا من التزام البلدين ببناء جسور متعددة تعزز التأثير الإيجابي للتعليم والبحوث والابتكار بين المؤسسات التعليمية والثقافية القطرية ونظيراتها الأمريكية، وكذا استكشاف وإطلاق برامج أكاديمية جديدة ومشتركة من شأنها زيادة وتوسيع التبادلات المهنية والأكاديمية القائمة على الأبحاث، لتحقيق الأهداف المشتركة وتوفير الفرص لنقل المعرفة وتبادلها بين البلدين.

قراءة المقال بالكامل