قُرعة الأنبياء

منذ ٢ شهور ٤٣

مُتَحلِّقينَ تَحْتَ سَقْفِ الأمِّ.
مُنهَمِكين مِثْلَ أطيافٍ تَنحَني ليلاً على أمرٍ جَلل،
نَسْمَعُ تهَجِّي الأُختَ لِقُرعَةِ الأنبياء،
تِلك الرُّقعةُ القديمةُ تَطلُبُ الأمُّ انْتِشالَها 
مِنَ الخَزْنَةِ الحديدِيَّةِ،
فَتُنشَرُ على المائدةِ باليةً ومُتأهِّبة الحُروفِ،
التي تَلاشَى بَعْضُها، تَحْتَ وَهَج لمبة الغاز
وَهُبوبِ الرِّياح.
الكلمةُ تَخرُجُ مِن فَم الأخت
نَظِرَةً وكأنَّها تُولَدُ اللَّحظةَ مِنْ جَديد،

والأمُّ الصَّبورةُ،
كالقابِلة المُجرِّبة تَأخُذُ بِرأْسِها وَقَدمَيْها العاريِتَيْن
لِتَلفَّها بِمِنْديلٍ أَبيضَ، وَتَأخُذُها إلى حِضْنها
مُنصِتَةً لِدَقّات قَلْبِبِها
التي تَنبُضُ هُنا، مِنْ مَكانِها القَصِيِّ،
في هَذه الزّاويةِ الصَّغيرةِ
التي تَحْتَضِنُ تَهدُّلَ أكتافِنا وانحناءَ قامَتِنا،
وَحَدَبَنا على القَدَرِ الغامِضِ الذي يُولَدُ بين أيدِينا،
مُنْجِباً مَعَهُ أملَنا ومَخاوِفَنا في آن.
حينَها، تَشْرئبُّ أَعْيُنُنا
لِتَلْتَقيَ في مُنعطفٍ بِعَينَيّ الأمِّ،
وتُطوَى خَريطةُ القَدَرِ الصَّغيرةِ
إلى حين أنْ تَشِحَّ العلاماتُ
ويَنقبِضَ، مَرَّةً أخرى، القَلْبُ الفسيحُ،

وهو يَدْفَع قليلاً مِن الحطب
في قَلبِ التنُّور!


* شاعر من المغرب

قراءة المقال بالكامل