دعت كتائب حزب الله العراقية، إحدى أبرز الفصائل المسلحة الحليفة لإيران، إلى فتح جزئي للحدود العراقية السورية، في موقف يمثل تراجعاً عن مواقف سابقة للفصائل العراقية التي كانت متشدّدة تجاه أي خطوات نحو تطوير العلاقات العراقية السورية بعد إسقاط نظام الأسد وفتح الحدود المشتركة. ويأتي هذا الموقف إثر لقاء رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بالرئيس السوري أحمد الشرع، في الدوحة، الذي دفع باتجاه انحسار المواقف العراقية التي كانت غير متقبلة للانفتاح نحو سورية، إذ بدأت الفصائل العراقية الحليفة لإيران تواجه عزلة بمواقفها التي أعلنتها مسبقاً، من رفضها دعوة الشرع إلى قمة بغداد، أو أي خطوة من شأنها تعزيز العلاقة المشتركة بين البلدين.
واليوم السبت، ووفقاً لبيان للمسؤول الأمني في كتائب حزب الله، أبو علي العسكري، عبّر فيه عن تأييده فتح الحدود العراقية السورية بشكل جزئي. وقال، في البيان، إن "الأحداث المتسارعة، والمواقف المتخاذلة والتحديات الجسيمة التي تواجه شعبنا العزيز وشعوب المنطقة، تحتم علينا الوقوف بمسؤولية ودون مواربة، وبما يخدم قضايانا المحورية التي تتعلق بالسيادة، وإخراج قوات الاحتلال من البلد، ومحاسبة المتورطين بدماء قادة النصر، وسراق أموال الشعب". وأكد "نحن مع فتح الحدود العراقية السورية بشكل جزئي لغرض التجارة وتبادل الزيارات للعتبات المقدسة، لما في ذلك من فائدة للشعب السوري الشقيق".
يأتي ذلك في وقت أكدت فيه مصادر عراقية أن الحكومة تدرس فتح معبر القائم الحدودي مع سورية لأغراض التبادل التجاري، وقال مصدر حكومي مطلع، لـ"العربي الجديد"، طلب عدم ذكر اسمه، إن "العراق يتجه نحو الانفتاح بتعزيز العلاقات مع سورية"، مبيناً أن "السوداني بحث مع الشرع ملف الحدود وإعادة فتح معبر القائم في الفترة المقبلة". وأشار إلى أن "هناك تفاهمات بها الشأن، وأن الحوار المباشر الذي سيجرى لاحقاً بين الحكومتين في الفترة المقبلة، سيركز على ملف معبر القائم وإعادة فتحه"، مؤكداً أن "الأمور ذاهبة باتجاه تعزيز العلاقات بين البلدين".
ومنذ أحداث إسقاط نظام بشار الأسد، بدأت الحكومة في العراق تنفيذ خطة لتأمين الحدود مع سورية، ومنع عمليات التسلل بين البلدين، واتخذت إجراءات مشددة وعززت وجودها العسكري على الحدود بوحدات قتالية كبيرة، كما جرى إغلاق معبر القائم الحدودي الرئيس بين البلدين، والذي كان يُستخدم في النقل والتبادل التجاري وسفر الأفراد، ولم يُستخدم المعبر إلا وفق مبدأ الاستثناءات من ناحية السماح للأشخاص وبعض الشاحنات بالدخول في كلا الاتجاهين، مع تسهيلات للعراقيين العالقين في الجانب السوري.
يشار إلى أن السوادني كان قد بحث مع الشرع، في اتصال هاتفي بينهما في مطلع إبريل/ نيسان الحالي، العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها في مختلف المجالات، كما تناول الاتصال ملف أمن الحدود والتعاون في مكافحة تهريب المخدرات، حيث شدد الطرفان على "ضرورة تنسيق التعاون الأمني لمنع أي تهديدات قد تؤثر على استقرار البلدين". وتستعدّ بغداد لاستضافة القمة العربية في منتصف مايو/ أيار المقبل، وفي وقت زار فيه وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني بغداد، في منتصف مارس/ آذار، الماضي، حيث أكّد أن الحكومة السورية تريد "تعزيز التبادل التجاري" مع العراق.
على صعيد آخر، دعا العسكري الحكومة العراقية إلى "توضيح بأسرع وقت لآليات جدولة انسحاب قوات الاحتلال الأميركي من العراق، وإلا فإن ما جرى من اتفاقات بينها وبين العدو الأميركي سيُعد مجرد حبر على ورق"، معتبراً أن "جرائم الأميركان التي يرتكبونها بحق الشعب اليمني، ودعمهم اللامحدود للكيان الصهيوني، الذي شارك في إبادة الشعب الفلسطيني وقتل اللبنانيين والسوريين، لن يحقق لهم وللكيان الصهيوني الأمن، وسيدفعون الأثمان الباهظة عاجلاً غير آجل".
