كرونولوجيا البلطجة الترامبية

منذ ١٧ ساعات ١١

قبل فترة، استنكر الرئيس الأميركي دونالد ترامب وجود جثث أسرى إسرائيليين في غزة، وفيهم من قتلهم قصف الاحتلال. ذكّره كثيرون بمقابر أرقام يحتفظ فيها جيش ومخابرات الاحتلال الإسرائيلي بجثامين مئات الفلسطينيين، وإخفاء مئات الغزيين قسرياً.

الواضح أن الجهل والغطرسة يعميانه هو ورهطه عن قيمة حياة آلاف الأسرى الفلسطينيين في معتقلات الصهيونية، وبينهم "أحباب وأبناء الله" من الأطفال، كما وصف السوريين منهم بعد أن قتلهم نظام بشار الأسد بالأسلحة الكيميائية في 2018. قَتْل محميته الصهيونية بأسلحته خلال دقيقة مئات الأطفال والنساء وإحالة بعضهم إلى جثث متفحمة بلا أطراف، مضافين إلى نحو 50 ألف شهيد، ليس له قيمة في قاموس نفاقه وبلطجته. وحين ينبري رهطه في الإعلام مبرراً الإبادة كـ"دفاع عن النفس" فهم يريدون القول: هم مجرد عرب، عائلات إرهابيين.

أوقح من ذلك، سمّى مندوبو ترامب في الأمم المتحدة الجريمة "استئناف الأعمال العدائية"، محملين الضحية مسؤولية "الجحيم". وعلى ما يبدو فإن شعبوية الرجل، أو إمبرياليته المتغطرسة، كما يصفها بعض الأوروبيين، صارت تقدم زعيم أكبر دولة بلطجيا دوليا. فبعيداً عن انتشار مكارثية داخلية اليوم بقيادة مستشاره إيلون ماسك، فإن انغماسه في العربدة المسلحة يصيب حتى بعض مؤيديه الشعبويين بخيبة السؤال: "لمَ علينا خوض حروب إسرائيل؟"، وذلك سؤال دال في عمقه.

الصورة باتت أوضح: مسدس على الطاولة، ورهط بلطجية يحيط به مسلحون بالعصي، مطالباً بضم كندا وغرينلاند وبنما، ممزقاً اتفاقيات ومعاهدات دولية، ومتوعداً المحاكم الدولية دفاعاً عن مجرم الحرب بنيامين نتنياهو. وبالطبع تحويل غزة إلى منتجع سياحي يسر خاطر الصهيونية المهووسة بالتطهير العرقي والإبادة منذ قبل التأسيس.

صورة أميركا الترامبية يفهمها كذلك حلفاؤها الأوروبيون، إذ يصل صلف الابتزاز حد تذكير الفرنسيين بأنه لولا أميركا لما كانوا يتحدثون لغتهم اليوم. في نحو 90 يوماً كنا أمام كرونولوجيا المزيد من التهديد بالعنف بأسلحة "رائعة". وذلك يؤسس لحالة استعصاء حقيقي تمس كثيرين، وإن بدت أكثر وضوحاً في فلسطين، في خدمة تيار "ذبح الأغيار وإبادتهم" عند الكاهانية وعتاة التطرف اليميني الصهيوني -الديني. لعل ذلك وغيره يعبد للحظة تاريخية فارقة، تهم كثيرين ممن سئموا عنجهية استقواء أميركي-صهيوني بالقوة الغاشمة، لابتزاز الشعوب والدول. في نهاية المطاف لن تجلب سياسات احتقار الشعوب وحقوقها، ومحاولات فرض رضوخ لأميركا الترامبية، سوى مزيد من كوارث فوضى البلطجة، له وللسائرين في ركبه.

قراءة المقال بالكامل