كلفة اعتقال أكرم إمام أوغلو على تركيا

منذ ٤ ساعات ١٢

كانت تركيا اليوم على موعد مع زلزال سياسي عنيف أعقبته قلاقل اقتصادية بسبب اعتقال الشرطة رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، المنافس السياسي الأبرز للرئيس رجب طيب أردوغان، بتهم منها الفساد والرشوة والتلاعب في المناقصات ومساعدة جماعة إرهابية، وقبلها أُلغيت شهادته الجامعية بحجة تزويرها.

بدت تبعات الزلزال السياسي في حدوث تهاوٍ سريع للعملة التركية التي تراجعت بشدة لتسجل 42 ليرة للدولار بانخفاض بلغ نحو 14% في تعاملات اليوم، قبل أن تقلص خسائرها إلى 5.9%، وهو ما دفع البنوك التركية إلى التدخل حيث باعت نحو 8 مليارات دولار حتى منتصف، اليوم، لدعم الليرة.

صاحب تهاوي العملة التركية هروب عدد من المستثمرين الأجانب من أسواق المال، وهو ما أدى إلى انخفاض المؤشر الرئيسي لبورصة إسطنبول 6.87% في التعاملات المبكرة، وتوقفها عن التداول مؤقتاً. ومع زيادة المخاطر السياسية وحالة اللايقين وتصاعد حالة التوتر الأمني في إسطنبول قفزت عوائد السندات الحكومية إلى أعلى مستوياتها هذا العام لتصل إلى 29.58% ، بعدما أقدم المستثمرون على بيع الأصول التركية عقب اعتقال السياسي التركي البارز.

مثل زلزال الاعتقال صدمة لبعض المستثمرين الأجانب، الذين كانوا متفائلين إلى حد كبير بشأن استقرار تركيا سياسياً واقتصادياً مستفيدة من التراجع في التضخم والبطالة، وخفض سعر الفائدة

مثل ذلك الزلزال الحاصل اليوم في تركيا صدمة لبعض المستثمرين الأجانب، الذين كانوا متفائلين إلى حد كبير بشأن استقرار تركيا سياسياً واقتصادياً مستفيدة من التراجع الملحوظ في معدلات التضخم والبطالة، وخفض سعر الفائدة على الليرة، وزيادة إيرادات النقد الأجنبي خاصة من قطاعي السياحة والصادرات، ومعها زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة، خاصة في قطاعات حيوية مثل صناعة السيارات والصناعات الدفاعية والطائرات المسيّرة مع جاذبية أسواق المال وفرص الاستثمار.

ورهان المستثمرين كذلك على قوة تركيا واقتصادها وصادراتها في مواجهة التوترات العالمية، خاصة المتعلقة بتنامي المخاطر الجيوسياسية حول العالم والحرب التجارية التي يشنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على شركاء الولايات المتحدة الرئيسيين، وتوقعات بانفتاح أنقرة أكثر على الاتحاد الأوروبي الذي يتجه إلى صدام تجاري محتمل مع واشنطن بسبب الرسوم الجمركية الضخمة والقيود التجارية التي فرضها ترامب على صادرات القارة لأميركا.

كما كانت تركيا مرشحة للاستفادة أكثر من استقرار الأوضاع السياسية في سورية والعراق، والتقارب الملحوظ مع دول الخليج ومصر ودول المغرب، وحلحلة ملف حرب أوكرانيا، وخفض التصعيد الأميركي الروسي، واحتمالية تخفيف العقوبات الأميركية على الاقتصاد الروسي وقطاعه النفطي، وزيادة دور أنقرة وسيطاً في نقل صادرات الغاز الروسي لدول العالم ومنها أوروبا.

أيضاً كان هناك رهان من قبل المستثمرين وأسواق المال على نجاح البرنامج الاقتصادي التركي الذي يقوده وزير المالية والخزانة محمد شيمشك، خاصة مع تحسن التصنيف الائتماني للدولة التركية، وتراجع العجز الجاري، وزيادة النمو الاقتصادي في عام 2024 بشكل فاق توقعات بنوك الاستثمار، واقتراب الدولة العضو في مجموعة العشرين من الانضمام إلى مجموعة البلدان ذات الدخل المرتفع.

الآن، تزيد حالة الغموض السياسي داخل تركيا، مع حديث المعارضة عن محاولة السلطات الحاكمة منع أكبر منافس سياسي لأردوغان من الترشح في الانتخابات الرئاسية المقررة عام 2028، واحتمالية إجراء انتخابات مبكرة، وهو ما يلقي بثقله على الأسواق، فهل تطوي تركيا تلك الصفحة سريعاً كما حدث مع انقلاب عام 2016، أم تكون حالة القلق تلك مقدمة لتوترات أكبر في أسواق الصرف والمال والدين والاستثمار المباشر وغيرها من القطاعات الاقتصادية؟

قراءة المقال بالكامل