لبنان المأزوم يعوّل على جني فوائد رفع العقوبات عن سورية

منذ ٥ ساعات ١٤

تلقى لبنان، البلد الغارق في أزماته السياسية والاقتصادية والمالية، قرار رفع العقوبات الأميركية عن سورية كفرصة نادرة وسط محاولات للخروج من الانهيار. فالرفع المفاجئ للعقوبات عن دمشق يمهد لطرح قضايا سياسية واجتماعية مؤجلة، لكنه في الوقت نفسه فتح شهية السوق اللبناني على احتمالات لم تكن مطروحة قبل أسابيع قليلة.

وسارعت السلطات اللبنانية للترحيب بهذا القرار، بدءا من رئيس الجمهورية جوزاف عون الذي أشاد في تصريح صحافي يوم الثلاثاء، بالوساطة السعودية، ومعتبراً أن "رفع العقوبات يفتح الباب أمام الاستقرار في سورية، ما ينعكس خيراً على لبنان وكل منطقتنا وشعوبها". بدوره، أصدر رئيس الحكومة نواف سلام بيانا وصف القرار بأنه "فرصة للنهوض"، وهنأ "سورية دولةً وشعباً"، مثمّناً الجهد السعودي الذي "ساهم في تليين المواقف الغربية تجاه دمشق".

وبحسب مصدر حكومي لبناني، فإن "رفع العقوبات عن سورية يشكّل فرصة استراتيجية متعددة الأبعاد". إضافة إلى الجانب الاقتصادي، تلوح إمكانية فتح صفحة جديدة في ملف اللاجئين. ومع عودة الاستثمارات إلى الداخل السوري، تُطرح مجدداً فكرة العودة الطوعية، على قاعدة التنسيق والتفاهم بين العاصمتين، إضافة إلى ملف الغاز والكهرباء اللذين يعتمدان على الأنابيب السورية.

فرصة رفع العقوبات

وفي السياق، قال الخبير الاقتصادي وعضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أنيس أبو دياب، في حديث إلى "العربي الجديد"، إن "لبنان تأثر كثيراً بالعقوبات المفروضة على سورية، واليوم، مع رفع هذه العقوبات، سيبدأ لبنان بجني فوائد مباشرة، خصوصاً حين تدخل الخطوة حيّز التنفيذ".

بحسب أبو دياب، فإن القرار سيفتح الباب أمام عودة الاستثمارات إلى سورية، وهو ما يعني "انتعاش سوق العمل هناك، وبالتالي تخفيف الضغط على سوق العمل اللبناني، وعلى البنية التحتية". ولفت إلى أن "لبنان كان السبّاق لفتح السوق المصرفي في سورية في عام 2004، وامتلك عددًا من المصارف التي كانت ناشطة هناك. ومع إعادة إنعاش القطاع المصرفي السوري، من المتوقع أن يستعيد لبنان جزءًا من نشاطه المالي في هذا الاتجاه".

إلى جانب فرص القطاع المصرفي، أدّت العقوبات، وشحّ الدولارات في سورية، إلى زيادة الطلب على الدولارات من جانب التجّار السوريين في لبنان، ما أدّى إلى زيادة الضغوط النقديّة. أمّا اليوم، أي تطوّر معاكس، بعد رفع العقوبات سيؤدّي إلى تأثير إيجابي بالاتجاه المعاكس أيضًا".

لكن الأهم، وفق أبو دياب، هو دور القطاع الخاص اللبناني الذي راكم خبرات كبيرة في مشاريع الإعمار، بعد الحرب الأهلية إلى ما بعد حرب يوليو/ تموز 2006، ما يجعله مؤهلاً للمشاركة بفعالية في ورشة إعادة إعمار سورية. إضافة إلى ميزة جغرافية بارزة بحسب أبو دياب أن "مرفأ بيروت أقرب إلى دمشق من مرفأي طرطوس واللاذقية، وهذا يمنح لبنان أولوية لوجستية، خصوصًا في ظل اتفاقيات التبادل التجاري الموقّعة منذ عام 1993".

كذلك، يعوّل لبنان على استئناف مشاريع الربط الكهربائي والإقليمي التي تمر عبر الأراضي السورية، كمشروع استجرار الغاز من مصر والكهرباء من الأردن الذي وافق عليه البنك الدولي، إضافة إلى العروض القطرية المطروحة لتأمين الغاز خلال الصيف المقبل. ومع ذلك، يبقى الحذر قائماً، فلبنان بلد الفرص الضائعة. في هذا السياق، يوضح أبو دياب أن "هذا العهد حريص جداً، خصوصاً أن الإرادة السياسية متوفرة، ونحن في عصر مختلف تماماً".

قراءة المقال بالكامل