لماذا أثار الإعلان الدستوري السوري جدلاً حول صلاحيات رئيس المرحلة الانتقالية؟

منذ ٧ ساعات ٦

بي بي سي

سلمت لجنة صياغة الإعلان الدستوري في سوريا مسودة الإعلان إلى رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع، الذي وصف ذلك الإعلان بأنه "بداية تاريخ جديد للبلاد"، معرباً عن أمله في أن يمحو "الظلم" الذي تعرض له السوريون.

ويعكس هذا المشهد التحديات الأمنية والسياسية، التي تواجه الدولة السورية الجديدة على مختلف الأصعدة، بينما تسعى لتأسيس مرحلة جديدة، بعد ما يزيد عن أربعة عشر عاماً من اندلاع الثورة في البلاد.

حدد الإعلان الدستوري مدة المرحلة الانتقالية في سوريا بخمس سنوات، ونصّ على "الفصل المطلق" بين السلطات، وأكد على جملة من الحقوق والحريات الأساسية، بينها حرية الرأي والتعبير، وحق المرأة في المشاركة السياسية.

ويقول الدكتور إسماعيل خلفان، عضو لجنة صياغة الإعلان الدستوري في سوريا وعميد كلية الحقوق بجامعة حلب، لـ "بي بي سي" إن الإعلان يُشكل الأساس الذي ستُبنى عليه المرحلة الانتقالية، التي ستشهد تشكيل الحكومة ولجنة صياغة الدستور والبرلمان.

وأضاف خلفان أن الحياة في سوريا كانت متوقفة منذ سقوط النظام السابق وإلغاء العمل بدستور عام 2012، في انتظار هذا الإعلان الدستوري، خاصة مع التحديات الأمنية مثل وجود مناطق تشهد "إشكالات مع فلول النظام"، ومناطق لا تزال تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية (قسد).

من جهته، قال الدكتور أحمد قربي، عضو لجنة صياغة الإعلان نفسه ومدير وحدة التوافق والهوية المشتركة في مركز الحوار السوري، لـ "بي بي سي" إن هذا الإعلان سيعطي صلاحيات واضحة لمؤسسات الدولة للتعامل مع التحديات الأمنية والسياسية.

صورة 1_1

ولكن بمجرد التصديق على الإعلان الدستوري، أطلق مجلس سوريا الديمقراطية، الذي يمثل المظلة السياسية لقوات (قسد)، بياناً انتقد فيه الإعلان ورفضه، وذلك بعد أيام قليلة من توقيع اتفاق يقضي باندماجها ضمن مؤسسات الدولة السورية، مع التأكيد على وحدة أراضي سوريا ورفض تقسيمها.

وقال مجلس (قسد) في بيان الجمعة، إن هذا الإعلان "يكرّس لحكم مركزي ويمنح السلطة التنفيذية صلاحيات مطلقة". كما طالب بإعادة صياغة الإعلان بما يضمن توزيع السلطة بشكل عادل، ويضمن حرية العمل السياسي، والاعتراف بحقوق جميع المكونات السورية، واعتماد نظام حكم لامركزي ديمقراطي، مع وضع آليات واضحة لتحقيق العدالة الانتقالية.

ورداً على هذا البيان، علق الدكتور خلفان بالقول إن سوريا دولة واحدة تعتمد على المركزية السياسية، ولا تقبل بالتقسيم أو الانفصالية على حد تعبيره. وأضاف أن اللامركزية الإدارية متاحة في المناطق المختلفة، مثل المناطق التي يسكنها الأكراد، وأنه حتى إذا لم يذكر الإعلان الدستوري ذلك صراحة، فإن الأمر مذكور في قانون الإدارة المحلية، وطالما أنه لم يُلغَ ولا يتعارض مع الإعلان الدستوري، فهو مستمر، بحسب قوله.

تعددت ردود الفعل حول عدة نقاط في الإعلان الدستوري، منها صلاحيات الرئيس أحمد الشرع، الذي سيحكم سوريا خلال الفترة الانتقالية الممتدة لخمس سنوات بحسب الإعلان.

فقد صرح أنور مجني، المشرف على البرامج في منظمة "اليوم التالي" الحقوقية السورية، لـ "بي بي سي" بأن الإعلان الدستوري يجمع كل السلطات التنفيذية للدولة خلال المرحلة الانتقالية بيد الرئيس، فهو من يختار أعضاء الحكومة وأعضاء مجلس الأمن القومي، وقضاة المحكمة الدستورية العليا. وأضاف مجني أن الرئيس يعين ثلث أعضاء مجلس الشعب، ويختار اللجنة التي ستعين الثلثين الآخرين. كما أشار إلى ما اعتبره غياباً للمحددات التي يمكنها ضمان تشكيل برلمان يكفل تمثيلاً حقيقياً للمجتمع السوري، بحسب قوله.

غير أن الدكتور أحمد قربي يرى أن صلاحيات الرئيس في المرحلة الانتقالية لا تمثل إشكالية، لأن الإعلان تبنى النظام الرئاسي، مما يعطي صلاحيات واسعة للرئيس. وأضاف أنه في السابق، كان الرئيس في سوريا، يتمتع بصلاحيات تنفيذية وتشريعية وقضائية، لكنه لم يعد لديه الآن سلطة التشريع، كما أنه لم يعد رئيساً لمجلس القضاء الأعلى.

وبخصوص تعيين الرئيس لأعضاء المحكمة الدستورية العليا، علل قربي ذلك بأنه تم اللجوء لهذا الأمر "اضطرارياً" في ظل الحاجة لتشكيل المحكمة، وعدم وجود مجلس شعب.

بدوره أكد الدكتور إسماعيل خلفان أن الصلاحية الاستثنائية الوحيدة التي أُعطيت للرئيس بموجب مسودة الإعلان الدستوري، هي إعلان حالة الطوارئ، وهو "أمر طبيعي في دولة مثل سوريا مرت بثورة استمرت 14 عاماً، وتشرد فيها ملايين السوريين".

وأضاف عضو لجنة صياغة الإعلان الدستوري أنه حتى هذه الصلاحية تم تقييدها، إذ يحتاج الرئيس إلى موافقة مجلس الأمن القومي، واستشارة المحكمة الدستورية ومجلس الشعب، لإعلان حالة الطوارئ. كما حُددت مدتها بثلاثة أشهر بحد أقصى، ولتمديدها يحتاج إلى موافقة مجلس الشعب.

وأشار إلى أن صلاحية التشريع لرئيس الجمهورية، التي كانت موجودة في الدستور السابق من خلال منحه صلاحية إصدار المراسيم التشريعية التي كان يستخدمها لتعطيل السلطة التشريعية في مجلس الشعب على حد تعبير خلفان، اختفت في هذا الإعلان الدستوري، وأصبحت صلاحية التشريع حصراً في يد مجلس الشعب فقط.

صورة 2_2

يرى نواف خليل، مدير المركز الكردي للدراسات، أن الإعلان الدستوري منح الرئيس صلاحيات واسعة دون تحديد آليات لرقابة أو محاسبة السلطة التنفيذية، معتبراً أن الإعلان "يصب في مصلحة الرئيس الحالي".


لماذا أثار الإعلان الدستوري السوري جدلاً حول صلاحيات رئيس المرحلة الانتقالية؟
قراءة المقال بالكامل