ليبيا: قرب تشكيل لجنة استشارية ضمن مبادرة البعثة الأممية

منذ ٢ شهور ٣٠

أعلنت البعثة الأممية في ليبيا عن وصولها إلى المراحل النهائية في فرز المترشحين لعضوية اللجنة الاستشارية التي تؤلف الخطوة الأولى لمبادرتها السياسية، ويكشف هذا الإعلان، ليل أمس الاثنين، عن رغبة المبعوثة الجديدة هانا تيتيه في مواصلة العمل على المبادرة التي اقترحتها إبان شغلها منصب القائمة بأعمال البعثة. ووفقاً لبيان البعثة، الذي نشرته على منصاتها الالكترونية في وقت متأخر من ليل أمس، فإن اللجنة الاستشارية سيكون دورها "محددا بسقف زمني، ويقضي بتقديم مقترحات وخيارات ولا يشمل اتخاذ قرارات أو إصدار تعيينات من أي نوع".

وكانت نائبة رئيس البعثة الأممية ستيفاني خوري قد أعلنت في منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي عن مبادرة تتألف من خطوتين، يتم في الأولى تشكيل لجنة فنية مكونة من خبراء ليبيين لوضع خيارات تفضي إلى معالجة القضايا الخلافية في القوانين الانتخابية "في أقصر وقت ممكن". وحددت خوري مهام هذه اللجنة التي وصفتها بـ"الاستشارية" في وضع خيارات لإطار واضح لحكومة موحدة وتحديد محطاتها الرئيسية وأولوياتها قبل التوافق على تشكيلها.

وفي المرحلة الثانية قالت خوري إنها ستعمل مع جميع الأطياف الليبية لتسيير حوار واسع النطاق للتوافق حول مسببات النزاع القائمة منذ أمد طويل، مشيرة إلى أن هذه المرحلة ستشارك فيها جميع الشرائح الليبية، كالأحزاب السياسية والشباب والنساء والقيادات المجتمعية، بالتوازي مع عمل البعثة على تشجيع الإصلاحات الاقتصادية والمساعدة في تعزيز توحيد المؤسسة العسكرية والأمنية ودعم جهود المصالحة الوطنية. وفيما ركز بيان البعثة الجديد على اللجنة الاستشارية التي تقع ضمن المرحلة الأولى من المبادرة، لم يتطرق للحديث عن لجنة المرحلة الثانية الخاصة بالحوار المجتمعي الموسع.

ومرت البعثة بعدد من العقبات والتعقيدات، حيث بقي منصب رئيس البعثة شاغراً منذ استقالة المبعوث السابق عبد الله باتيلي، في إبريل/نيسان الماضي، بعد فشله بإحراز أي تقدم في مبادرته التي أعلنها في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 بشأن جمع القادة الأساسيين حول طاولة حوار من أجل التوصل إلى حلول للقضايا الخلافية في القوانين الانتخابية التي أنجزها مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة. ومنذ استقالته تولت خوري مهامه لمدة ثمانية أشهر أعلنت في آخرها عن مبادرتها السابقة، وسط خلافات كبيرة بين أعضاء مجلس الأمن حول التوافق على شخصية لشغل منصب رئيس البعثة.

ولقيت مبادرة خوري معارضة من جانب موسكو لاعتمادها في مجلس الأمن، إذ طالبت موسكو بضرورة تعيين رئيس للبعثة، كما اعترضت أيضاً على ترشيح تيتيه لشغل هذا المنصب قبل أن تتراجع ويصدر تعيينها يوم الجمعة قبل الماضي. ولم تتضمن مبادرة خوري تفصيلاً واضحاً، فعلاوة على عدم إعلانها عن معايير اختيار أعضاء اللجنة الاستشارية وعدم وضوح عملها في تشكيل لجنة الحوار المجتمعي ومهامها، لم توضح الخلفية القانونية التي تستند إليها (أهي قرار جديد من مجلس الأمن بحيث تمثل نتائجها اتفاقاً سياسياً جديداً أم تستند إلى اتفاق الصخيرات الموقع عام 2015 واتفاق جنيف عام 2020 لتكون بمثابة تعديل عليهما).

وبالإضافة إلى ذلك، تبرز العديد من الملفات الصعبة في مواجهة عمل تيتيه في قيادة البعثة في ظل بروز عدة مواقف للأطراف المتصارعة في البلاد قد تشكل عراقيل جديدة أمام جهود البعثة، وطالب رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، الأحد الماضي، البعثة الأممية بأن يكون تشكيل اللجنة الاستشارية متوازناً ومستقلاً عن أي ضغوط سياسية. وفيما ثمن المنفي جهود البعثة، في تدوينة كتبها على حسابه في منصة إكس، دعا الأطراف الليبية إلى "الاستئناس" بتوصيات اللجنة الاستشارية وضرورة تقييمها لضمان توافق أوسع، كما أكد المنفي على تمسكه بضرورة الاحتكام إلى الشعب عبر استفتاء حر ونزيه حول النقاط الخلافية المتبقية في مشروع القوانين الانتخابية.

وقبيل اصدار البعثة بيانها ليل البارحة، تحدث المكتب الإعلامي للمجلس الرئاسي عن لقاء المنفي برئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة لبحث تطورات الأوضاع السياسية التي تشهدها البلاد في ظل "التحديات المحلية والدولية التي تؤثر على المشهد السياسي"، وضرورة "التنسيق والتعاون بين المؤسسات الحكومية من أجل مواجهة هذه التحديات". كما شدد اللقاء بين المنفي والدبيبة على ضرورة متابعة "تفعيل الاستفتاء الوطني" لأهمية الاحتكام لرأي الشعب "كخطوة أساسية في سبيل تحقيق الحلول السياسية اللازمة للوصول إلى الانتخابات".

ومنذ أشهر دشن المنفي والدبيبة أعمال مفوضية للاستفتاء الوطني لطرح القضايا السياسية والقوانين الانتخابية والقرارات الصادرة عن مجلس النواب على الشعب للاستفتاء عليها، فيما اعتبر الدبيبة أن حل الخلافات القائمة في البلاد يأتي عبر طرح مسودة الدستور على الشعب للاستفتاء عليها وإنهاء المراحل الانتقالية، وسط اعتراض كبير من جانب مجلس النواب على خطوة انشاء مفوضية الاستفتاء.

وضمن مشهد التعقيدات التي تنتظر تيتيه تبرز أزمة المجلس الأعلى للدولة منذ آب/أغسطس الماضي التي سببتها الخلافات حول نتائج انتخابات رئاسة المجلس بين المتنافسين محمد تكالة وخالد المشري، وسط عدد من أحكام القضاء المتضاربة التي زادت حجم الانقسام الداخلي للمجلس. كما يبرز ملف الاقتصاد وموارد النفط والصراع المكتوم الذي بدأ بأزمة المصرف المركزي خلال شهري أغسطس وسبتمبر الماضيين، وطاول المؤسسة الوطنية للنفط التي لا يزال منصب رئيسها شاغراً بعد استقالة فرحات بن قدارة، بالإضافة لملف الانقسام الحكومي الحاد القائم بين حكومة الوحدة الوطنية المعترف بها دولياً في طرابلس، والحكومة التي كلفها مجلس النواب وتخضع لسلطة حفتر في بنغازي، وتتداخل تعقيدات هذه الملفات بتأثيرات الأطراف الدولية والإقليمية المتدخلة في الشأن الليبي.

قراءة المقال بالكامل