"ليسبريسو" الإيطالية: وثائق سرية تكشف أدوار أسامة نجيم في ليبيا

منذ ٤ ساعات ٧

أثار قرار السلطات الإيطالية إطلاق سراح أسامة نجيم ولقبه "المصري"، آمر الشرطة القضائية الليبية، وإعادته إلى وطنه على متن طائرة عسكرية، رغم صدور مذكرة اعتقال دولية بحقه في 18 يناير/كانون الثاني الماضي، موجة احتجاجات في الأوساط السياسية والقضائية الإيطالية. وأدى ذلك إلى استدعاء المدعي العام في روما لرئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني وعدد من الوزراء للتحقيق في اتهامات تتعلق بالمساعدة على ارتكاب جريمة وإساءة استخدام أموال عامة.

وارتباطاً بهذه القضية وشخصيتها المحورية (أسام نجيم)، ذكرت مجلة "ليسبريسو" الإيطالية في تقرير نشرته، اليوم الأربعاء، تحت عنوان "الليبي "المصري" المطلوب دولياً الذي أخلت الحكومة الإيطالية سبيله، أن نجيم، رغم شغله منصباً رسمياً في حكومة الوحدة الوطنية المعترف بها دولياً، يوصف في وثائق سرية أوروبية بأنه قائد مليشيا مسلحة ذات صبغة إسلامية استُوعِبَت في أجهزة الدولة بعد عقد من الحرب الأهلية، ولكن من دون نزع سلاحها أو تفكيكها بأي شكل من الأشكال. مع العلم أن نجيم انفصل عن مليشيا الردع منذ 2017، وكوّن مليشيا خاصة به تحت مسمى "جهاز الشرطة القضائية" ومقرها سجن الجديدة البعيد عن قاعدة معيتيقة، وإن كانت المليشيات التابعة له في أغلب الاشتباكات التي شاركت فيها بطرابلس تقاتل إلى جانب الردع كما في اشتباكات أغسطس/آب 2024. وأشارت المجلة إلى أن الاشتباكات المسلحة التي شاركت فيها هذه المليشيا في 2024 تزامنت مع زيارة ميلوني للعاصمة الليبية.

وثائق سرية لمؤسسات أوروبية

وتابعت المجلة: "هذه الوثائق وغيرها من الأسرار المتعلقة بليبيا كانت مادة لتحقيق صحافي دولي، شاركت فيه "ليسبريسّو" ممثلة عن إيطاليا، كشف عن 48100 وثيقة أُرسلت في السنوات الأخيرة، حتى عام 2024، إلى دائرة الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي (EEAS)". وأوضحت أنّ "من بين الوثائق التي شاركها الاتحاد الدولي للمحققين الصحافيين (Icij) مع المجلة، محاضر داخلية للسلطات العسكرية، مثل القوة البحرية للاتحاد الأوروبي (Eunavfor)، وتقارير من سلطات الجمارك والشرطة، مثل الوكالة الأوروبية لمراقبة حدود الاتحاد الأوروبي (Frontex)، وبعثة الاتحاد الأوروبي للمساعدة الحدودية في ليبيا (Eubam)، والشرطة الأوروبية (Europol)، والإنتربول".

دور مليشيا أسامة نجيم وعملياتها

وتؤكد الوثائق، بحسب المجلة، أن المليشيا التي كان يقودها أسامة نجيم تشكلت خلال النزاعات المسلحة ضد نظام معمر القذافي، ثم قاتلت ضد تنظيم "داعش"، قبل أن تدخل في مواجهات ضد قوات خليفة حفتر. وأضافت أنها أصبحت، مع مرور الوقت، جزءاً من الأجهزة الأمنية الرسمية في ليبيا، لكنها ظلت محتفظة بكيانها المستقل، ما أدى إلى استمرار الصراعات المسلحة. وتابعت المجلة، قائلة إن "التقارير الأمنية الأكثر تفصيلاً احتوت أيضاً على خرائط توضح تقسيم مناطق النفوذ في طرابلس بين المليشيات المختلفة: منطقة ردع/قوات الردع الخاصة، التي تتاخم المنطقة التابعة للواءين 111 و444، وجهاز دعم الاستقرار وتاجوراء".

ولفتت إلى أن "العشرات من التقارير الأمنية المنسوبة إلى بعثة الاتحاد الأوروبي للمساعدة الحدودية في ليبيا (Eubam) وثقت المعارك العنيفة بين المليشيات، التي استمرت لعدة أشهر، حتى عام 2024. ومن ذلك، وقوع اشتباكات مسلحة في مدينة طرابلس بين الشرطة القضائية بقيادة أسامة نجيم والمليشيات الموالية لحكومة الوحدة الوطنية"، علاوة على وجود "عمليات إطلاق نار مستمرة في مناطق معيتيقة وتاجوراء ومناطق أخرى بالعاصمة".

تورط في أعمال عنف وتهريب

ولفتت إلى أن نجيم لعب، وفقاً للوثائق الأوروبية، دوراً في عدة مواجهات مسلحة داخل طرابلس، بما في ذلك اشتباكات في منطقتي معيتيقة وتاجوراء. كذلك كشف تقرير عن انعقاد قمة في قاعدة معيتيقة الجوية في 24 إبريل/نيسان 2024 بمشاركة نجيم، أثارت مخاوف من أن يكون تحالف بقيادة "ردع" على وشك إعلان حرب ضد حكومة الوحدة الوطنية.

وأضافت أن تقارير وكالات المراقبة الأوروبية أثارت شكوكاً حول تواطؤ نجيم مع مهربي البشر، إذ أفاد مهاجرون بأن بعضهم نُقل مباشرة من السجن إلى شبكات التهريب بعد دفع الفدية المطلوبة من قبل ذويهم وسط وجود شخصيات ليبية رسمية وأفراد يرتدون الزي العسكري. وذكّرت المجلة بأن المحكمة الجنائية الدولية كانت قد اتهمت أسامة نجيم بالإشراف على عمليات تعذيب واعتداءات جسدية وجنسية في سجن معيتيقة، الذي يضم أكثر من 5000 معتقل (هذه الانتهاكات ارتكبها في أثناء وجوده عنصراً ضمن الردع).

زيارة ميلوني وتصاعد التوتر

وأشارت إلى أنه "في خضم هذه التوترات، زارت ميلوني ليبيا في 7 مايو/أيار 2024، حيث التقت نظيرها عبد الحميد الدبيبة في طرابلس، ثم حفتر في بنغازي. وبالتزامن مع الزيارة، اندلعت مواجهات جديدة بين المليشيات، وفقاً للوثائق الأمنية". وختمت المجلة بقولها إنه "على الرغم من تراجع وتيرة الاشتباكات خلال النصف الثاني من عام 2024، فإن الوثائق تشير إلى استمرار نفوذ "ردع" وتدخل الشرطة القضائية في النزاعات المسلحة، ما يثير مخاوف حول استقرار الأوضاع الأمنية في ليبيا وتأثيرها في العلاقات مع أوروبا".

قراءة المقال بالكامل