ناقش المؤتمر الأول من نوعه للمرأة الفلسطينية في بريطانيا برعاية رابطة الجالية الفلسطينية، مساء الأحد، أهمية مساهمات المرأة في بناء المجتمع وتطويره، وكيفية توفير مساحة لسماع صوتها وتلبية احتياجاتها، ووصفت رئيسة لجنة المرأة الفلسطينية في الرابطة، مي عابد، تجارب النساء الفلسطينيات في الشتات بأنها تجسّد الهوية الوطنية من خلال الحفاظ على التراث وتعليمه للأجيال القادمة، داعية الجيل الأصغر من الفلسطينيات في الشتات إلى التمسك بالهوية الوطنية، مع التركيز على أهمية التعلّم والإبداع. وشدّدت على أن كل إنجاز يحققنه، هو رسالة للعالم بأن المرأة الفلسطينية قادرة على إحداث التغيير.
وفيما يتعلق بتحرير الرواية الفلسطينية من القيود السائدة في الإعلام الغربي، ركّزت عابد على الدور الحيوي للمبادرات الثقافية والفنية، وقدرتها على تقديم الرواية الفلسطينية بعيداً عن القوالب النمطية. وذكرت أن الفن يمتلك قدرة فريدة على إيصال التجارب الإنسانية لشعبنا، حيث يصعب على الإعلام المنحاز أن يحجب أو يشوّه الحقيقة حين ترويها الأعمال الإبداعية.
من جهتها، قدّمت الفنانة التشكيلية بيسان عرفات عرضاً يدمج بين الصور وأجزاء من الأفلام، تروي قصصاً عن القضية الفلسطينية وتقاليدها العريقة. تناولت في عرضها الموسيقى والأفراح والأزياء المزخرفة التي تبدأ بفستان العرس الفلسطيني، مروراً بدلالات تطاريز الكوفية التي ترمز إلى أوراق شجر الزيتون وشباك الصيد وليس الإرهاب كما يراها أعداء القضية. كما ألقت الضوء على فترة منع رفع العلم الفلسطيني، التي دفعت النساء الفلسطينيات إلى ابتكار "ثوب الانتفاضة" المزخرف برموز وطنية وثورية، في رسالة تحدٍ واضحة للعدو مفادها: "يمكنكم مصادرة العلم، لكن لن تسلبوا هويتنا وأزياءنا".
ووصف الأكاديمي والروائي الفلسطيني الدكتور نهاد خنفر، رئيس رابطة الجالية الفلسطينية في المملكة المتحدة، التحديات المتعددة التي تواجه الجالية الفلسطينية، وأبرزها لملمة شتات الفلسطينيين في بريطانيا، موضحاً لـ"العربي الجديد" أن هناك العديد من المجموعات التي تعمل من أجل فلسطين، لكنها تفتقر إلى التنسيق والعمل الموحد.
وأشار خنفر إلى أن رابطة الجالية الفلسطينية التي تأسست قبل 45 عاماً تمثل المظلة الرسمية لتوحيد الجهود الفلسطينية في بريطانيا، بغض النظر عن الخلفيات الحزبية أو السياسية أو الانتماءات الدينية والأيديولوجية. قائلاً إن الرابطة تضم عضوية متنوعة تشمل المسيحيين والنساء وكافة أطياف الجالية.
وفي حديثه عن جهود الرابطة، قال خنفر إنّها أطلقت منذ نهاية سبتمبر/أيلول الماضي حملة واسعة للتواصل المباشر مع البرلمانيين والسياسيين البريطانيين، بهدف تعزيز الضغط السياسي لصالح القضية الفلسطينية. وعقدت عدة جلسات داخل البرلمان البريطاني، تُرجم بعضها إلى أسئلة مباشرة وُجّهت لرئيس الوزراء كير ستارمر. وأضاف: "واجهنا ستارمر بملف شامل حول القصور الذي تتحمل مسؤوليته الحكومة البريطانية، وسعينا إلى إثارة هذه القضايا". بيد أنّ ستارمر أبدى تعاطفاً "بارداً"، ولم يترجم أي من المطالب التي قُدمت له إلى أفعال ملموسة.
وتطرّق خنفر إلى أحد المطالب الأساسية التي قدمتها الرابطة، المتمثل في استقدام أطفال مصابين من غزة لتلقي العلاج في بريطانيا على نفقة الجالية، دون تحميل الخزينة العامة أي أعباء مالية. معرباً عن أسفه لعدم استجابة الحكومة البريطانية لهذا الطلب الإنساني حتى الآن، حيث لم تُصدر أي تأشيرة.
وشدّد خنفر على أن الرابطة ماضية في جهودها لتكثيف الأنشطة والفعاليات المقبلة التي تهدف إلى إبراز القضية الفلسطينية، على أجندة البرلمان البريطاني ومكتب رئيس الوزراء. وأكد أن الهدف الأساسي يتمثل في تحقيق تغيير ملموس في الموقف الرسمي البريطاني، مع ضرورة الانتقال من نطاق التعاطف الشعبي الواسع إلى تحقيق اختراق حقيقي على مستوى صنّاع القرار.
وعن المرأة الفلسطينية، قال خنفر إنّها لعبت دوراً محورياً في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية حتى قبل النكبة عام 1948، واستشهد بجمعية الاتحاد النسائي العربي التي تأسست في الثلاثينيات، التي لا تزال نشطة وفاعلة في جميع أنحاء الوطن المحتل وخارجه. قائلاً: "المرأة الفلسطينية كانت جزءاً أساسياً من الإنجازات التي حققها الهلال الأحمر الفلسطيني، سواء داخل فلسطين أو في مخيمات الشتات. ففي السياق الأوروبي، تتمتع المرأة الفلسطينية بإمكانات هائلة، لكن هذه الطاقات ظلت مشتتة دون إطار موحد يجمعها. لذلك، يهدف المؤتمر الحالي إلى توفير مظلة تعمل على تنظيم جهود النساء الفلسطينيات، وليس إلى إضافة شيء جديد للمرأة الفلسطينية".
