مؤسسات خيرية كبرى تتحرك لحماية إعفائها الضريبي من تهديدات ترامب

منذ ٣ ساعات ١٢

تتحرك كبرى المؤسسات الخيرية في الولايات المتحدة، من مختلف الأطياف السياسية، لحماية وضعها المعفي من الضرائب، في ظل مخاوف متزايدة من تهديدات محتملة قد تطاولها في حال عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

وبحسب ما أوردته صحيفة "وول ستريت جورنال"، بدأت مؤسسات نافذة من بينها "مؤسسة فورد" و"مؤسسة بيل وميليندا غيتس" و"مؤسسة تشارلز كوخ"، اجتماعات غير رسمية لبحث سبل الدفاع عن صفة الإعفاء الضريبي في حال قررت الإدارة الأميركية المقبلة استهدافها.

وتداولت هذه المؤسسات خيارات قانونية وإعلامية محتملة، بينها توكيل محامين للدفاع عنها بشكل جماعي أو فردي، وتغطية تكاليف الاستشارات القانونية والتواصل العام المرتبط بهذه الحملة الدفاعية.

ورغم أن إدارة ترامب لم تُصدر حتى الآن أي إعلان رسمي حول تغيير وضع المؤسسات غير الربحية، أثارت إشارات متكررة القلق، ولا سيما تهديد ترامب السابق بإلغاء إعفاء جامعة "هارفارد"، وتلميحاته باتخاذ إجراءات مماثلة ضد منظمات لا تتوافق مع سياساته.

وقال رئيس "مؤسسة ماك آرثر" ومنسق جزء من هذه الجهود جون بالفري، إن أي محاولة لاستهداف الإعفاء الضريبي على خلفية نشاط المؤسسات التبرعي ستُقابل برفض قاطع ورد قانوني واضح، مضيفاً أن استهداف صفة الإعفاء يُعدّ اعتداءً على حرية التبرع.

وشدد بالفري على أن هذا التحرك لا يقتصر على معركة سياسية، بل على الدفاع عن بنية العمل الخيري، مشيراً إلى أن المؤسسات من مختلف الانتماءات السياسية توحّدت لمواجهة أي محاولات مستقبلية لتقييد دورها.

من جانبها، اعتبرت "مؤسسة غيتس" في بيان صحافي أن الحفاظ على الوضع القانوني للقطاع الخيري أمر بالغ الأهمية لاستمرار تقديم خدمات أساسية يعتمد عليها ملايين الأفراد داخل الولايات المتحدة وخارجها.

بالتوازي، بدأت جامعات ومؤسسات أكاديمية هي الأخرى توحيد صفوفها لمواجهة ما تصفه بـ"هجمات سياسية" محتملة، خصوصاً في ما يتعلق بتمويل الأبحاث واستقلالية التعليم العالي.

ووفقًا لمصادر مطلعة، أصدر ترامب في 21 يناير/كانون الثاني أمرًا تنفيذيًّا يوجه الوكالات الفيدرالية إلى تحديد ما يصل إلى تسعة تحقيقات محتملة مع مؤسسات غير ربحية كبرى، ممن تتجاوز أصولها 500 مليون دولار، وذلك قبل 21 مايو/أيار المقبل.

وتستهدف هذه الخطوة، بحسب نص الأمر، منظمات يُشتبه بأنها تطبق برامج تُخلّ بمبادئ "الحياد والمساواة" تحت شعار التنوع والشمول، في خطوة اعتبرها مراقبون سابقة خطيرة في تاريخ الرئاسة الأميركية.

ويُذكر أن المؤسسات المعفاة من الضرائب، والمنظّمة وفق المادة 501-(c)-(3) من قانون الضرائب الأميركي، يحق لها تلقي تبرعات معفاة من الضرائب كما تُعفى من دفع الضرائب على الأرباح، لكنها تخضع لضريبة انتقائية سنوية تبلغ 1.39% من صافي دخلها الاستثماري، مع التزامها بإنفاق 5% على الأقل من أصولها سنويًّا لأغراض خيرية.

وتخشى هذه المؤسسات من أن تتجه الإدارة المقبلة أو الكونغرس إلى اتخاذ خطوات تصعيدية، مثل رفع الضريبة الانتقائية أو تعديل شروط توزيع الأوقاف، ما قد يُقوض قدرتها على العمل المستقل والفعال.

وبحسب تقرير "Giving USA"، قدمت المؤسسات الخيرية الأميركية أكثر من 100 مليار دولار عام 2023، ما يجعلها ثاني أكبر مصدر تمويل بعد الأفراد. وقد أثارت سياسات ترامب في هذا الإطار قلقاً واسعاً، خاصة لدى مؤسسات مثل "فورد"، التي يقودها دارين ووكر، أحد أبرز المدافعين عن قضايا المساواة والعدالة الاجتماعية.

وفي مواجهة هذه التهديدات، تشكل "ائتلاف" واسع يضم أكثر من 250 مؤسسة ومنظمة غير ربحية، بينها كيانات دينية وتجارية ومجتمعية، ضمن مبادرة تُعرف باسم "اجمع وابنِ"، تهدف إلى التنسيق وتبادل الخبرات والتخطيط لمواجهة السيناريوهات القانونية المحتملة. وقالت كاثلين إنرايت، رئيسة "مجلس المؤسسات" الوطني، إن الخلافات السياسية بين هذه الجهات لا تمنع التوافق على مبدأ أساسي يتمثل في ضرورة حماية استقلالية القطاع الخيري.

وفي سياق متصل، أبدى "معهد فيرا للعدالة" في نيويورك قلقه من تعرّضه لتقليص التمويل الفيدرالي في إبريل/نيسان الماضي، قبل أن تتراجع الجهة الحكومية المعنية عن القرار، في خطوة اعتبرها رئيس المعهد نيك تيرنر محاولة لكبح حرية المجتمع المدني.

ويحذر خبراء قانونيون من أن مشروع قانون أقره مجلس النواب أواخر 2024، يدعو إلى إلغاء إعفاء المنظمات المصنفة "داعمة للإرهاب"، يمكن أن يُستخدم بشكل فضفاض لتقييد عمل منظمات مدنية ناقدة، ما يُنذر بتبعات خطيرة على مستقبل العمل الخيري في الولايات المتحدة.

قراءة المقال بالكامل