في خطوة غير متوقعة، أعلن المخرج محمد سامي اعتزاله الإخراج التلفزيوني بعد 15 عاما من العطاء الفني، وهو القرار الذي أثار جدلا واسعا بين مؤيد يرى فيه استراحة محارب، ومعارض يعتبره انهزاما أمام الضغوط. لكن السؤال الذي يفرض نفسه: هل كان الاعتزال خيارا مدروسا أم رد فعل على موجة الانتقادات التي لاحقته في السنوات الأخيرة؟
تبرير الاعتزال بين الانهزامية والواقعية
تحدث سامي عن رغبته في تجنب التكرار، مشيرا إلى أن الاستمرار قد يجعله يقع في فخ النمطية، وهو ما دفعه للتوقف قبل أن يفقد تأثيره الفني. لكن هذا التبرير يبدو للبعض أقرب إلى الانهزامية، فالإبداع الحقيقي لا يتوقف عند مخاوف التكرار، بل يسعى للتجديد والتحدي المستمر. ألم يكن بإمكانه البحث عن أفكار جديدة، أو تطوير أسلوبه بدلاً من الانسحاب؟ وإذا كان يخشى الملل الفني، فهل الحل هو الاعتزال، أم البحث عن طرق جديدة لكسر هذا الجمود؟
رؤية مبدع سيطر على المشهد الفني
لا أحد يستطيع إنكار أن محمد سامي كان من أنجح المخرجين في السنوات الأخيرة، حيث استطاع خلق أسلوب إخراجي خاص به، جمع بين الإيقاع السريع، والتصعيد الدرامي، واستثمار النجوم لصالح الحبكة. سواء اتفق معه البعض أو اختلف، فقد كان اسمه عنواناً للنجاح الجماهيري، وكانت أعماله تحقق نسب مشاهدة مرتفعة، مما يجعل من قرار الاعتزال خطوة غامضة وغير متوقعة.
ربما لا يكون إعلان الاعتزال نهائياً، بل مجرد مرحلة لإعادة التقييم والبحث عن زوايا جديدة للإبداع، وربما نشهد عودته في تجربة مختلفة تماماً بعد أن يجد مساحة جديدة للابتكار. وإذا كان الأمر كذلك، فإن الاعتزال ليس سوى محطة مؤقتة في مسيرة لا تزال تحمل الكثير من الإمكانيات. أما إذا كان قرارا نهائيا فهو بلا شك خسارة لصناعة الدراما، حتى وإن كان البعض يراه انسحابا قبل مواجهة تحديات جديدة.
ختاماً: اعتزال أم انتظار لعودة أقوى؟
هل سيثبت المستقبل أن محمد سامي اتخذ القرار الصحيح، أم أن هذه الخطوة ستتحول إلى لحظة ضعف فني تعيد التفكير في مفهوم النجاح والاستمرارية؟ الأكيد أن غيابه سيترك فراغاً، ولكن يبقى السؤال: هل هو انسحاب من معركة لم تكتمل، أم خطوة ذكية نحو تجديد الذات؟