أعلن مدير منظمة إنسانية مثيرة للجدل ومدعومة من الولايات المتحدة كانت تستعد لإدخال مساعدات إلى قطاع غزة استقالته من منصبه بشكل مفاجىء وبمفعول فوري أمس الأحد، ما عزز حالة عدم اليقين بشأن مستقبل هذا الجهد الإغاثي. وفي بيان صادر عن "مؤسسة غزة الإنسانية"، أوضح المدير التنفيذي للمنظمة جيك وود أنه شعر بأنه مضطر للمغادرة بعدما تيقن بأن المنظمة لا تستطيع إنجاز مهمتها مع التزامها "بالمبادئ الإنسانية".
وتعهدت المؤسسة، التي تتخذ من جنيف مقراً لها منذ فبراير/شباط الماضي، بتوزيع نحو 300 مليون وجبة طعام خلال أول 90 يوماً من عملها. لكن الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة التقليدية أعلنت أنها لن تتعاون معها وسط اتهامات بأن المنظمة تتعاون مع إسرائيل، ولا يُعرف الكثير عن هذه المنظمة المسجّل مقرّها الرئيسي منذ فبراير/شباط في جنيف، لكنّ الولايات المتحدة أيّدت هذه المؤسسة من دون أن تكشف عمّا إذا كانت تساهم فيها بشكل مباشر.
وظهرت "مؤسسة غزة الانسانية" في وقت تزايدت فيه الضغوط الدولية على إسرائيل بسبب حرب الإبادة التي تشنها على قطاع غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، وعمدت إسرائيل منذ بدء الحرب إلى إعاقة دخول المساعدات إلى القطاع المنكوب، وتطبق منذ أكثر من شهرين حصاراً مشدداً عليه، ما أدى إلى تدهور كبير في الإمدادات الغذائية والطبية، وحذرت وكالات الإغاثة من مخاطر المجاعة المتزايدة.
وقال وود في بيانه: "قبل شهرين، جرى التواصل معي بشأن قيادة جهود مؤسسة غزة الإنسانية بسبب خبرتي في العمليات الإنسانية"، وأضاف: "مثل الكثيرين في جميع أنحاء العالم، أُصبت بالهلع وانفطر قلبي بسبب أزمة الجوع في غزة، ولأنني قيادي إنساني، شعرت بأنني مضطر لبذل كل ما باستطاعتي للمساعدة في تخفيف المعاناة".
وأكد وود أنه "فخور بالعمل الذي أشرفت عليه، بما في ذلك وضع خطة عملية يمكنها إطعام الجياع ومعالجة المخاوف الأمنية بشأن تحويل المساعدات واستكمال عمل المنظمات غير الحكومية الموجودة منذ مدة طويلة في غزة"، ولكنه أشار إلى أنه "من الواضح أنه من غير الممكن تنفيذ هذه الخطة مع الالتزام الصارم بالمبادئ الإنسانية والحياد وعدم التحيز والاستقلالية التي لن أتخلى عنها"، داعياً إسرائيل إلى "توسيع نطاق تقديم المساعدات إلى غزة بشكل كبير من خلال جميع الآليات"، بينما حض في الوقت نفسه "جميع أصحاب المصلحة على مواصلة استكشاف أساليب جديدة مبتكرة لايصال المساعدات من دون تأخير أو تمييز أو حرف عن المسار".
وكانت منظمة "ترايال إنترناشونال" طالبت السلطات السويسرية ببدء تحقيقات إدارية لتحديد إن كانت "مؤسسة غزة الإنسانية" تتوافق مع القانون. وقدمت المنظمة طلبين إلى هيئة الرقابة الفيدرالية على المؤسسات ووزارة الخارجية الفيدرالية "للتحقق، من ناحية، من امتثال أنشطة مؤسسة غزة الإنسانية لقوانينها الخاصة والنظام القانوني السويسري، ومن ناحية أخرى، للقانون الفيدرالي بشأن خدمات الأمن الخاصة المقدمة في الخارج". وأكدت الأمم المتحدة مراراً أنّها لن توزّع أي مساعدات في غزة بالتعاون مع "مؤسسة غزة الإنسانية"، المنظمة التي تشكّلت كيفما اتفق ومن كلّ حدب وصوب، معتبرة أنّ هذه المؤسسة لا تحترم مبادئ "النزاهة والحياد والاستقلالية".
(فرانس برس، العربي الجديد)
