مسؤولة فرنسية تكشف: التنسيق الأمني مع الجزائر في أدنى مستوى

منذ ٥ ساعات ١٦

انعكست الأزمة السياسية والدبلوماسية الحادة بين الجزائر وفرنسا على مجال التنسيق الأمني والاستخباراتي، وسط تحذيرات من وصول التنسيق بين البلدين إلى مرحلة متأزمة، فيما أعلنت باريس إرسال قائمة أولية إلى الجزائر بـ700 مهاجر جزائري ترغب باستبعادهم من الأراضي الفرنسية.

وقالت مديرة الأمن الداخلي الفرنسي، سيلين برتون، اليوم الأربعاء، في برنامج على القناة الإخبارية العمومية "فرانس إنفو"، إنّ التعاون والتنسيق الأمني بين الجزائر وفرنسا "الآن في أدنى مستوياته"، دون تقديم تفاصيل أكثر. ووصفت المسؤولة الأمنية الفرنسية العلاقات بين الأجهزة والمؤسسات الأمنية الفرنسية والجزائرية، بأنها تمر بوضعية "صعبة"، و"الوضع لا يحتمل"، مشيرةً إلى أن هذا الوضع مرتبط بالأزمة السياسية القائمة بين البلدين، موضحةً أنّ "التوجهات السياسية اليوم تلعب دوراً في ما يمكن أن نفعله مع الجزائر".

ولمّحت برتون، إلى التحذير من تداعيات هذا الوضع وتدني مستوى التنسيق الأمني والاستخباراتي بين البلدين، وعبرت عن تطلعها إلى حلحلة الأزمة وتجاوزها، وقالت: "نأمل أن نجد حلاً سريعاً"، ما يفهم منه وجود مخاطر في حال استمرت الأزمة على هذا النحو لفترة أطول، خاصة وأن البلدين يتبادلان المعلومات الأمنية والاستخباراتية.

ويظهر تجميد الجزائر للتعاون والتنسيق الأمني مع باريس، حجم وطبيعة الأزمة السياسية القائمة بين البلدين، والتي تتفاقم مع مرور الوقت، وهذا بخلاف الأزمات السابقة التي كانت يستثنى منها المجال الأمني بسبب الحساسية والضرورات التي تستدعي إبقاء القناة الأمنية مفتوحة، مهما كانت الخلافات السياسية والأزمات الطارئة.

وكان رئيس جهاز الاستخبارات الفرنسي نيكولا ليرنر، قد زار الجزائر في 13 يناير/ كانون الثاني، في محاولة لإنقاذ مسألة التنسيق الأمني بين البلدين، وكشف الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في حوار نشرته صحيفة لوبوان الفرنسية، الشهر الماضي، أن ليرنر "طلب أن يُستقبل. لقد قبلنا لأنه كان لدينا ثقة فيه عندما كان يدير جهاز الأمن الداخلي الفرنسي سابقاً"، لكنه لفت إلى أن "جهاز الأمن الداخلي الفرنسي في الوقت الحالي يقع تحت إشراف وزير الداخلية (برونو ريتايو). وبالنسبة للجزائر فإن كل ما يتعلق بريتايو مشكوك فيه بالنظر إلى تصريحاته العدائية والمثيرة ضد بلادنا. لذلك لم يعد هناك تعاون".

قائمة أولية بمهاجرين ترحلهم فرنسا إلى الجزائر

وفي سياق الأزمة، أعلن وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، اليوم الأربعاء، أن باريس أرسلت قائمة تضم 700 شخص من الرعايا الجزائريين الذين قررت فرنسا إبعادهم وترحيلهم إلى الجزائر، مشيراً إلى أن هؤلاء يمثلون قائمة أولية لـ700 جزائري يوجدون في حالة حجز إداري من قبل السلطات الفرنسية التي تطالب الجزائر بقبول ترحيلهم واستصدار وثائق سفر لهم.

وهدد الوزير الفرنسي مجدداً بأن الحكومة الفرنسية ستتخذ مزيداً من التدابير التقييدية الموجهة خاصة إلى المسؤولين الجزائريين وأفراد عائلاتهم، بهدف الضغط على السلطات الجزائرية، وقال إن هناك حزمة من "الإجراءات القادمة التي ستكون فعالة بطريقة دقيقة وانتقائية، حيث ستشمل هؤلاء الذين يأتون إلى فرنسا من أجل قضاء إجازاتهم، ومن يرسل أولاده للدراسة في المدارس الجيدة ومن يأتي للعلاج أيضاً".

ويأتي هذا القرار الفرنسي لاحقاً لقرار سابق اتخذ بشأن منع دخول المسؤولين الجزائريين الحاملين لجوازات السفر الدبلوماسية ووثائق السفر الخاصة (جوازات سفر مهمة)، والمعفاة من التأشيرة، إذ كانت باريس قد منعت رئيس الديوان السابق للرئاسة الجزائرية عبد العزيز خلاف وزوجة السفير الجزائري في مالي وشخصيات أخرى من الدخول إلى الأراضي الفرنسية. 

لكن الجزائر لا تبدو بصدد الرد إيجابياً مع القرارات الفرنسية، فعلى العكس من ذلك، تبدي الجزائر تصلباً كبيراً في ملف التعاون مع السلطات الفرنسية بشأن ملف الترحيل، إذ رفضت حتى الآن قبول ترحيل 23 جزائرياً صدرت بحقهم أوامر بالإبعاد من فرنسا، منذ يناير/ كانون الثاني الماضي, وقررت الجزائر مؤخراً تعليق علاقات التعاون بين ثلاث قنصليات جزائرية في كل من نيس ومرسيليا ومونبلييه في الجنوب الفرنسي (من بين 20 قنصلية) وسلطات المحافظات الفرنسية، رداً على تتابع حملات ملاحقة المهاجرين الجزائريين غير النظاميين الذين صدرت بحقهم أوامر إدارية بالإبعاد من التراب الفرنسي.

وذكرت المحطة الإذاعية "أوروبا 1"، أن القنصلية الجزائرية في نيس قررت، منذ أمس الثلاثاء، وقف جميع أشكال التعاون القنصلي مع محافظة نيس، بعد قرار مماثل من القنصليات الجزائرية في مرسيليا ومونبلييه، وهي المدن الثلاث التي تضم أكبر عدد من المهاجرين الجزائريين الذين ترغب باريس في إبعادهم إلى الجزائر، ويعني قرار وقف التعاون القنصلي، وقف جميع الإجراءات القنصلية المتعلقة بالمساجين والمحتجزين الجزائريين في فرنسا، ورفض أي تعاون أو منح معلومات أو أية تصاريح قنصلية تخصهم حتى إشعار آخر.

ويؤكد مجمل هذه التطورات، أن الأزمة بين الجزائر وفرنسا لا تزال في منحى تصاعدي، على الرغم من تصريحات أخيرة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بدت وكأنها محاولة تهدئة، وتعزز التقديرات التي تعتبر أنه من المبكر الحديث عن حلحلة لأزمة سياسية ودبلوماسية حادة بين البلدين، كانت قد بدأت في يناير/ كانون الثاني 2023، بسبب رفض الرئيس الجزائري زيارة باريس.

قراءة المقال بالكامل