مساجد المغرب خلال رمضان... "قطرات" دم للحياة

منذ ١٤ ساعات ٢٤

تحوّلت مئات المساجد في المغرب إلى قِبلة للراغبين في التبرع بالدم، في سياق حملة تهدف إلى مواجهة النقص في مخزون الدم وانعكاساته السلبية على صحة مرضى يحتاج بعضهم دائماً إلى الدم ضمن علاجات معقدة

مع بداية شهر رمضان أطلقت الوكالة المغربية للدم ومشتقاته (حكومية)، ومؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للقيمين الدينيين، حملة "ومَن أحياها فكأنّما أحيا الناس جميعاً"، وذلك في عدد من المساجد لتحقيق هدف تحسيس (توعية) أبناء المجتمع المدني بأهمية التبرع بالدم، وتوفير مخزون يؤمن احتياجات مراكز الدم التي تزداد باستمرار في ظل ارتفاع عدد المرضى الذين يجب أن يجروا عمليات لنقل الدم، وتزايد انتشار الأمراض المزمنة المرتبطة بارتفاع متوسط العمر.

وفيما تبلغ الاحتياجات اليومية للمركز الوطني لتحاقن ومبحث الدم بين 1200 و1500 كيس دم، تفيد منصة "قطرة" للتبرع بالدم في المغرب بأن نسبة المتبرعين بالدم في المغرب هي 9.3 لكل ألف شخص، مقارنة بأكثر من 36 في دول أخرى، وتؤكد أن "هذا النقص يهدد حياة العديد من المرضى، ويؤدي إلى تأجيل عمليات جراحية ضرورية".

وكان تقرير حول مرافق الدولة المغربية ضمن مشروع قانون المالية للعام الحالي كشف أن عدد المتبرعين بالدم خلال عام 2023، سواء الذين أحصوا في مراكز تحاقن الدم أو في مؤسسات أخرى، ناهز 382.234 متبرعاً، بزيادة 10.4% مقارنة بعام 2022 الذي سجل 346.212 متبرعاً. وأرجع التقرير الارتفاع إلى حملات التوعية من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، واستخدام إعلانات إذاعية دعت إلى التبرع بالدم، وتنظيم أيام الأبواب المفتوحة في مواقع المراكز الجهوية لتحاقن الدم.

وبحسب مسؤول في المركز الوطني لتحاقن ومبحث الدم، طلب عدم ذكر اسمه لأنه غير مخوّل بالحديث إلى الصحافة بسبب الوضع الإداري الجديد الذي يعيشه المركز بعد إحداث الوكالة المغربية للدم ومشتقاته، فقد "ارتفع الإقبال على التبرع بالدم في المساجد خلال أيام رمضان بوتيرة تسمح بالاستجابة لجميع طلبات التبرع من دون استثناء".

ويوضح المسؤول، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنه "قبل عام 2012 كان شهر رمضان يعتبر من الأوقات الحرجة التي تعيشها مراكز تحاقن الدم بسبب نقص عدد المتبرعين، لكن الوضع تغيّر جذرياً منذ أن وقع المركز الوطني لتحاقن الدم عام 2012 شراكة مع مؤسسة محمد السادس للقيمين الدينيين والمجلس العلمي الأعلى ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وبات شهر رمضان شهر تبرع يعزز المخزون الوطني من المادة الحيوية"، يضيف: "يتمثل التحدي في رفع عدد المتبرعين المنتظمين لضمان وفرة المادة الحيوية، ومع الحملة الرمضانية تتجدد مساعي دعم بنوك الدم وتزويدها بالكميات الضرورية لتحقيق الاكتفاء الذاتي، ويجري تحفيز المواطنين على التبرع لترسيخ هذه الثقافة، ونشر الوعي بضرورة وفوائد ممارستها بانتظام".

ويقول الناشط المدني عبد العالي الرامي، لـ"العربي الجديد": إن "التبرع بالدم أعظم هدية يمكن أن يقدمها الشخص خلال رمضان شهر الخير والعطاء، وحملات التبرع التي تنظم خلال الشهر الفضيل، والتواصل مع المواطنين داخل بيوت الله، تدعم بنوك الدم بفعالية"، يضيف: "رمضان شهر الرحمة والمغفرة، وهو فرصة مثالية للصائم الذي يبحث عن الأعمال التي تقربه من الله، وتزيد حسناته في الحياة، ومن أعظم هذه الأعمال في الشهر الكريم التبرع بالدم، لأنه ليس مجرد صدقة فحسب، بل وسيلة مهمة جداً أيضاً لإنقاذ لحياة إنسان محتاج".

وتوصي منظمة الصحة العالمية بأن يتجاوز معدل التبرع بالدم نسبة1% من عدد السكان لتحقيق الاكتفاء الذاتي من مشتقات الدم، ووصل المغرب إلى هذه النسبة عام 2023، ما يشير إلى تقدم ملحوظ، لكن يبقى الهدف الأكبر هو الحفاظ على هذه النسبة، والتطلع إلى تحقيق 3% نسبةً مثاليةً للاكتفاء الذاتي.

ورغم تسجيل ارتفاع سنوي بنسبة 28% في استهلاك الدم خلال السنوات الأخيرة، يمتنع العديد من المغاربة عن التبرع بالدم جراء ضعف ثقافة التبرع، وانتشار أحكام مسبقة في المجتمع عن "المتاجرة" بأكياس الدم أو إصابتها بعدوى، وهو ما ينفيه مسؤولو مراكز التحاقن الذين يشددون على أن الدم الذي يجرى تحصيله يذهب مباشرة إلى مستحقيه من المرضى أو المصابين، وأن عمليات التبرع تحصل باستخدام أجهزة معقمة لمرة واحدة من أجل ضمان سلامة المتبرعين.

قراءة المقال بالكامل